أحمد رجب شلتوت - ألف ليلة وليلة ... سحر لا ينقطع

شغفت منذ طفولتي بحكايات ألف ليلة وليلة التي كنت أستمع إليها من خلال الإذاعة، فلما كبرت وقرأت النسخة الورقية رباعية الأجزاء ازداد شغفي بها، وهو الشغف الذي لم ينقطع حتى اليوم.
ولست وحيدا في هذا العشق لألف ليلة، ولا أكون مبالغا إن قلت أن مئات الآلاف في الشرق والغرب قد شغفهم الكتاب حبا، في الغرب ربما تدعم الحكايات الصورة النمطية عن الشرق وسحره ورومانسيته، لكن بالنسبة للقارىء الشرقي والغربي معا أعتقد أن سر خلود الكتاب يرجع للخيال شديد الجموح، الذي يمارس تأثيرا سحريا على المتلقي، كذلك فالحكي التلقائي شديد البساطة والتلقائية _ كما يبدو في الظاهر _ يقدم حكايات تتداخل وتتوالد بصورة بالغة التعقيد لكنها شديدة البساطة والتلقائية في ذات الوقت.
أيضا ذلك المزج الآسر بين حكايات الجن والعفاريت والسحر وحياة الناس العاديين، الذين يتفاعلون بتلقائية مع الخوارق، وتقدم الحكايات وصفاً دقيقاً لعاداتهم وتقاليدهم وطباعهم، بل أيضا تصور ما يرتدون من ملابس وما يشربون ويأكلون، وأحوال معيشتهم، وعلاقاتهم مع حكامهم، وسعيهم الدائم للانعتاق، ناس ألف ليلة وليلة من كل طبقات المجتمع وكلهم يفعمهم الشغف بالحب والحرية.
كذلك تحفل حكايات الليالي بالشحاذين والصعاليك وتفاجئنا بأنهم كانوا في الأصل ملوكا فقدوا عروشهم أو تجارا فقدوا ثرواتهم، وقد تعيدهم بسهولة إلى ما كانوا عليه، ذلك التعاقب والتداول للمال والسلطة يكشف عن تمرس مؤلفو الليالي بالحياة ومدى خبرتهم بتصاريفها.
أعتقد أيضا أن كون الكتاب مجهول المؤلف، والأصول الفارسية والهندية والعربية للحكايات والشخصيات جمعت من الكتاب خلاصات لروح الشرقية، وحكمته وفلسفته، وهذا أكسب الكتاب عبقا لا ينفد وسحرا لا ينقطع.


أحمد رجب شلتوت



https://www.dostor.org/3685517...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى