نور سليمان - تباريح البحر..

وكأن البحر استوقفه دهرًا
أطعمه من زرقته
فاصطبغت بشرته بالرمل
هذا الصندوق الخشبي
وتلك القطع الهشة
وبقايا ساعات يقضيها..
بين الماء وبين الماء
بين الموجة والأنواء
بين تباريح محبته للبحر
ولهفتنا لشراء تجهمه حينًا
وكثيرًا نستوقف رحلته..
لنضيف إلى وحدتنا بعض الضوضاء
يقطن فى كل زوايا الشاطئ
يسكنه البحر
وتسكن فينا ضحكته المبتورة
والخوف من القادم
فتطل علينا من هذا الصندوق براءته
رحلته من أول خيط للفجر
الى آخر غسق للشمس
ظل الصندوق يطاردنا
يأخذنا لزمان كنا أطفالًا
نضحك من صوت البائع
نبكى لشراء بضاعته
ونغنى للبحر
البحر صديق للعشاق
عدو للغرقى..
وأليف للبحارة والصيادين
ومعادلة كبرى للسائح
فريسكا
البنت الجالسة أمام البحر توزع رمانًا
وأنا وحدى.. أقطف ثمرات العمر الفائت
أضع النظارة فى وجهى لتخبئ غضن الوجه
وتعاريج السنوات
ما زلت صبيًا يحلم بالبحر
ويصنع بيتا من رمل وقلاع من خوف
والبنت تمر
تمحو كل تضاريس الوجه
وبعض قلاعي
وامرأة تضحك من رجل ما زال يجمل قدميه
ويصفف شعرات بيض
صبغتها الأيام
يحمل قلبا كالأطفال
ووجهًا كهلًا غضنه الحزن
فريسكا
البحر ينادى من منكم يعرفني
فأشير إليه
أهرب من صمت الوحدة
أدخل عالمه
أتنفس ماءً
يأخذني
أهرب ثانية
يمضغني
فيمد البائع يده
فأعود إلى أطلال قلاعي
همهمة الوحدة
وفتاة تسكن ذاكرتي
ليست كفتاة الرمان
فريسكا
وكأن البحر استوقفنا دهرًا
أطعمنا من زرقته
فاصطبغت بشرتنا بالرمل
واصطبغت روحي ببقايا الصندوق الخشبي
وملح البحر
وبيت كنا نصنعه أطفالا
ما عاد يريد كهولتنا
ما عدنا نعرفه
إلا فى كتب الأطفال...




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى