جوهر فتّاحي - الهندسة.. والطب.. والمستقبل..

مهنة الطبيب المتعارف عليها في طريقها للإندثار، أو ربّما ستصبح درجة فوق الممرّض وتحت المُعالج، وتكون للأمراض البسيطة والأمراض من الدّرجة الأولى.

أمّا المُعالج في قادم السنوات فسيكون خليطا بين المهندس والطّبيب. والطبّ نفسه سيصبح هندسة طبيّة.

العلوم الطبيّة ستكتسحها الهندسة والتكنولوجيا من كلّ صوب لدرجة أنّ اِستعانة الطبيب بالهندسة ستصبح غير كافية، بل مستحيلة، وستفرض عليه طرق العلاج الحديثة أن يصبح هو نفسه المهندس. فالمهندس غير الطبيب لن يكون قادرا على تلبية متطلبّات العلاج، والطبيب لن يكون مكتفيا بما تقدّمه له الهندسة.

عقل الطبيب ليس مكوَّنا للخلق، ولكنّه مكوَّن ليبحث عن العلاج في ما هو متاح فقط. أمّا عقل المهندس فهو خلاّق ولكن ليس له التمكّن اللاّزم من مشاكل الأمراض والمسائل القاعديّة لعمل الجسم والخلايا والأعضاء والمناعة وغيرها. كما أن العشرات من المشاكل الطبيّة حلّها من صميم الإختصاصات الهندسيّة وليس الطب. ولذلك سيكون الطبيب المهندس ضرورة لتطوّر العلاج في السنوات القادمة.

الهندسة الطبيّة ليست أمرا جديدا، بل هي موجودة فعلا في بعض المجالات كالهندسة الوراثيّة، ولكنّها ستتعمّم لتشمل كلّ إختصاصات الطب.

إختصاص المهندس الطّبيب سيفرض تحدّيات كبيرة. وأوّلها الوقت الذي يتطلبّه تكوين طبيب ومهندس في نفس الوقت. فالطب لوحده يتطلّب سنوات كثيرة للدّراسة قبل التّخرّج، وكذلك تتطلّب الهندسة. وسيستدعي ذلك بالتأكيد تقسيم الإختصاص إلى إختصاصات أصغر مستقلّة بذاتها، أو تكاد.

اِقتحام الهندسة لمجالات لم تكن مجالاتها أمر معروف. فقد اِقتحمت الميكانيكا، والفيزياء، والكيمياء، والكهرباء، والبناء، والإحصاء، والطّاقة، وتحليل المعطيات، وغيرها. وبعد اِقتحامها للمجال سحبته إليها وجعلته تابعا لها، وجعلت من نفسها الدرجة العليا فيه.

إختصاص الهندسة الطبيّة واقع بدأ في التّشكّل بعد، ويحتاج فقط لبعض السنوات للتّهيكل بداية بكبريات الجامعات، ثم تتبعها ما هي دونها.

والأجيال القادمة سيعالجها حتما مهندسون..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى