قصة ايروتيكة طارق أبي سمرا - ثلاث محاولات.. ت: يوسف زبيب

في الطريق ميّز فتاةً سمراء، شعرها أسود كثير التجعيد. قبل ثلاث سنوات أو أربع، خرج معها في موعد يتيم. بعدما تبادلا حديثاً قصيراً، طلبت منه رقم هاتفه المحمول. أعطته رقمها، وذكّرته باسمها الذي لم يكن قد نسيه على الإطلاق. قبل أن تغادر، قالت له: "اتصل بي".
بعد يومين، شربا البيرة في أحد المقاهي. تحدثا لساعة تقريباً عن مشاغلهما الحالية، مشاريعهما المستقبلية، وبعض الاهتمامات المشتركة، ثم قالت له: "أشعر بالتعب... أعيش على مقربة من هنا... هل تودّ أن تأتي إلى بيتي؟".
مشيا في أزقّة ضيقة، معتمة وطويلة، من دون أن ينطقا بغير العموميات التافهة، تقطعها لحظات صمت طويلة. في أحيان كثيرة، كان الرصيف يضيق، مما يجبره على أن يدعها تمرّ أمامه، وفي أحيان كثيرة اضطرا أن يمشيا الواحد أمام الآخر. في منتصف الطريق تقريباً، قالت له: "صديقتي عندي، لكن لا شك في أنها نائمة. إنها تعبة جداً، لقد وصلت لتوّها من السفر".
بعدما قدّمت له البيرة، جلست قربه على أريكة كبيرة. كان العرق يتصبب منه غزيراً متدفقاً، لكن في ما عدا ذلك بدا هادئاً ومسيطراً على نفسه. "اقتربي قليلاً"، قال لها بعد دقائق.
"ولماذا"، أجابته بلا مبالاة، وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها. "هل تريد أن تقبّلني؟ لا، ليس لديَّ رغبة الآن. ألا يمكننا أن نكتفي بالتحدث؟".
"بلى"، أجابها.
أثناء كلامها عن علاقاتها الغرامية القديمة، توقفت فجأةً وتساءلت: "لمَ أحدثك عن هذا؟"، ثم طرحت عليه بعض الأسئلة عن علاقته الأخيرة. مع المزيد من التعرق، جاوبها: "ولماذا تسألينني عن ذلك؟".
هزّت كتفيها وقالت: "لنتكلم عن شيء آخر".
لم يتوقف العرق الغزير عن الإنهمار على جبينه، فأخذ يمسحه بظهر يده كل عشر ثوانٍ. "لا زلتِ لا تريدين أن تقتربي قليلاً؟"، سألها مجدداً.
"كلا"، أجابته بوهن وبطء شديدين. "كلا، أنا تعبة جداً اليوم. كلا، لا أرغب في ذلك".
كفَ عن مسح العرق الذي يسيل على جبينه. اقترب منها. وبينما كان يحاول أن يداعب عنقها، قال لها: "أوقفيني إن كنت أزعجكِ". لكن قبل أن تلمسها يده، ابتعدت قليلاً وهي تقول بشيء من الحدة: "كلا، كلا! لا أرغب في ذلك الآن. أنا متعبة". ثم أضافت، وقد ثبّتت نظرها في عينيه: "ولماذا لا تريد الحديث؟ ألا تحبّ ذلك؟".
"بلى، بالطبع"، قال بصوت خفيض.
خرجا إلى الشرفة ليدخّنا، فخفّ تعرّقه. أثناء الحديث عن السينما، اقترح عليها الذهاب لمشاهدة فيلم بعد يومين أو ثلاثة، وحاول أن يقبّلها مبتسماً. وعدها بأن يتصل بها، أطفأ سيجارته الثانية ونهض ليرحل. أثناء انتظاره المصعد، كانت واقفة على العتبة، فزمّت شفتيها قليلاً مع ضحكة صغيرة، مما جعلها تشبه السنجاب.
بعد ثلاثة أيام اتّصل بها، لكنها لم تجب. بعث إليها رسالة نصية، لكنه لم يتلقَّ أيّ رد. هل أساء الفهم، هل هي غريبة الاطوار، ضائعة؟ أم تُرى هل كانت المشكلة، بسيطة تافهة: تعرّقه الشديد؟



.


0401-Nazir Nabaa.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى