إيمان الشافعي - ثعبان وقطعة حشيش!!

شيء جميل أن تعرف يقيناً أن النهاية واحدة و ليس هناك ثمة فرصة للتغيير،يتسرب هذا الشعور الدافيء إلى كل ليلة بينما أنازل النوم في معركة متواترة، أعلن فيها انتصاراتي في أحسن الأحوال مختلسةً دقائق معدودات بين الفجيعة والأخرى، أتعلق بدقات عقارب الساعة الواقفة دائماً عند حدود دهشتي .
الثالثة فجراً تتعالى أصوات دقات الباب تصحبها في سيمفونية قد ألفتها ، صرخات وصياح ، أهم كعادتي بالسؤال، فتأتني الإجابة بنزق تام : هذا هو عملك الذي تتقاضين من أجله أجرك .
تتعالى الضحكات بداخلي تحت وطأة صراخي المحموم ، لا يعبأ صوتي بما يعتمل داخل نفسي و دائماً يخرج مقاوماً دموعي المخنوقة .
:ما الذي أفزعك من نومك في وقت متأخر كهذا ؟!
يرفض مجرد تلميح بأن حالته لا تستدعي فزعي .. فيقول مهاجماً : يبدو أن الطقس البارد أصابني .
أكتب له ما يلزم من دواء :أتمنى أن تجد صيدلية باتت مفتوحة العينين مثلي لتستقبلك في هذه الساعة .
- بصوت مبحوح و نظرات متبجحة :هل سيعرف النوم لك طريقاً الليلة ؟!
- أشيح عنه وجهي:أتمنى..كما أتمنى أن تنام هادئاً ليلتك .
يسدي إلى تلك النظرة ويمضي .
من خلف شباك الشقة الكائنة في الدور الثاني أعلى الوحدة الصحية لهذه القرية الصغيرة بسوهاج التي رماني إليها مكتب التكليف حسب تخصصي وتقديري، أستطيع أن أرى ظله ومن معه يتواريان فأشعر بارتياح مؤقت وأعاود محاولاتي الخائبة في تطويق ملاك النوم .
في صبيحة اليوم التالي ، أستيقظ متورمة العينين كعادتي كلما قضيت ليلتي في مبيت الوحدة، أتناول فطوراً سريعاً ، وأبدأ العمل .. استشعرت بحبل يلتف حول قدمي ، أحنيت رأسي لأتفحصه ، تعالت صرخاتي ، جاءت الممرضات يتفقدن الحدث وبهدوء مخلص : الحمد لله لم يلدغك ، عليك "بالشيح " ضعيه في حجرتك وعلى النوافذ ، فلا يتعرضك الثعبان تارة أخرى .
ألجمتني الدهشة وبعد أن استفقت غمغمت : العيادة !
قلن : نحن نهتم بأمرها و نضع في أركانها الشيح .
- لماذا لم ترفعوا شكوى للمسئولين عن هذا الخلل الذي سيلحق أذى بملائمة الوحدة كمكان لاستقبال المرضى ؟!
رفعنا أكثر من شكوى وكتبنا فيها مشاكلنا مع الثعابين والفئران ، ذهبت دونما رد وبعد ، فقد حدث تواطؤ غير معلن بيننا على ألا نشتكي إلا لله السميع العليم .
في وحدة العجائب بدأت بالكشف الأول لفتاة صغيرة تعاني من أنيميا حادة ، كتبت في الروشتة تحتاج لمزيداً من البيض،اللبن ، العسل واللحم .
نظرت إلي الأم بعيون تتزاحم فيها قطرات الدموع و بنظرة لا تثير الشفقة وإنما تدعو لتحد مباغت : بيض و لحم !
و بالرغم من لهجتها الساخرة أقتربت منها بعيون مخلصة أخرجت مبلغ من المال وأعطيته لها ،ربما لن يؤمن لها غير شراء البيض مثلاً، لكنه كل ما تبقى في محفظتي ، تعالت الأصوات خارج حجرة الكشف .
- ماذا يجري هنا ؟ ،أنا في وحدة صحية أم سوق لابتياع الخضروات ؟!
الممرضة بصوت خفيض : لا عليك دكتورة هبه ، عودي إلى حجرة الكشف ونحن سنتولى كل شيء .
- لن أعود قبل أن أعرف لماذا يصرخ هذا الممرض بشكل هستيري يخيف المرضى,بينما لم يتحرك لأي منهم ساكناً ؟!
- هم تعودوا ذلك ، يعرفون أنه حينما يسحب أنفاس الحشيش في جوف الليل حتى تشرق الشمس ، يتحول لوحش لا يمكن لأحدهم اعتراضه ، أتقي شره يا دكتورة وعودي حيث كنت لا طاقة لك به .
نظرت إليه ضاربة بكل ما قالته الممرضة الوفية عرض الحائط : إن لم تكف عن هذه الأفعال سأرفع الأمر للوزارة .
بعيون تحمل لون الجمر، وصوت بكل قسوته وخشونته يحمل ألماً يثير الشفقة ، أفعل ما شئت لن يستطع أي طبيب مثلك أن يحركني من هنا أنا الصوت الأعلى في هذا المكان .
لا أعرف كيف تقبلت كلماته في صمت وعدت إلى حجرة الكشف محملة بألم احتراق هذا الرجل المتشظي في عينيه .
استوقفني زميل في نفس التخصص: دكتورة هبه أريد أن ألفت انتباهك لشيء،طريقتك في التعامل مع المرضى تسيء لنا .
- لا أفهم.
أرسلت عيني لحجرة الكشف الملاصقة لحجرتي يأتي الصوت أذني جليا
سأكتب لك دواء يقضي على المشكلة بسرعة يقترب منه الطبيب يهمس في أذنيه أمعك نقود ؟
يضع يديه فوق جيبه ، عامر و الحمد لله .
روشتة يملؤها الحبر الأزرق بأدوية تتشابه في تركيبها و المادة الفاعلة بها
- أشكرك يا دكتور سأراك في العيادة ليلاً .
- يبتسم في دهاء : لا تتأخر .
- الحقيقة يا دكتور الحق معك أنا أسيء لكم بتصرفاتي مع المرضى تركته يرفل في دهشته بينما كنت أتلمس له كل الأعذار الممكنة .
- الكشف رقم 11
دخل رجل يسحب في يده الأخرى شاب يعتمر شالاً يلف به رأسه ، و ملامحه أكثر رقة من أن تكون لشاب في مثل عمره ، جلسا قبالتي، أتفرس في ملامح الشاب بشكل أثار حفيظة الرجل : ما خطبك يا دكتورة ؟، أترين في وجه الصبي مكروهاً ؟!
- بعيون مازالت معلقه بوجه الشاب : من ماذا تشتكي ؟
ـ آلام في بطني تكاد تمزقها .
ـ في أي جزء من البطن ؟ ،عند المعدة أم في الأسفل قليلاً ؟
ـ في الأسفل .
ـ نحتاج لإجراء فحص بالسماعة و أشعة .
- من سيقوم بالفحص ؟
-أنظر إلىه بتحد : أنا سأقوم به ألديك رأي آخر ؟!
عندما تمدد الشاب في الفراش ، و أزاح سرواله قليلاً لأسفل كما طلبت منه، نظرت إليه في زهول .
- لماذا ؟!
- أسبلت جفنيها في دعه : أنا ....
أرتدي ملابسك و أجلسي سأنظف يدي و أعود .
غسلت كل ما علق بي برغوة صابون كثيفة ، وماء ساخن يكاد يغلي ، حككت يدي جيداً بكيس( التفريك ) الخشن ، أطلت الوقت، لأغتسل من دهشتي خلف الستارة البيضاء الفاصلة بيني وبينهما .
عدت لمكتبي أكثر تماسكاً : لماذا لم تقولي قبل الكشف أن هذه الأيام هي أيام عادتك الشهرية ،حتى أحترس و أنا أتعامل مع ملابسك الداخلية ، التي لوثتني بهذا الشكل ؟
- أنا ..... أنا ولية يا دكتورة .
ـ ابنتك تعاني من تكيس بالمبيض الأيمن،و لكي أتأكد من كونها تحتاج لعملية لإزالته أم لا ، يجب أن تعود بها إلى هنا بعد انتهاء فترة الحيض لأرى الأمر بوضوح .
-و إن احتاج الأمر لعملية هل ستقومين أنت بإجرائها ؟
- أنا طبيبة باطنة ، لست جراحة سيقوم بها طبيب متخصص في الجراحة بمساعدة طبيب التخدير .
ـ لا داعي لكل هذا التعب، هيا بنا .
ـ انتظر ستتركها تتألم و تنزف بهذا الشكل ؟!
ـ أوأتركها تتكشف على الرجال؟!
ـ هكذا أنت توءدها حية !
ـ إنها إرادة الله ومشيئته .
ـ لم ينص أي دين على أن ترتدي فتاة زي ولد ، و لا يقدم لها علاجاً مناسباً ، أسمعني أنت ....
-صفع الباب في وجهي و مازال يردد: إنها مشيئة الله .
بينما أقف على الباب يغمرني إحساس بالشفقة تجاه الفتاة مختلط بغيظ مشوب بالحزن لحال الرجل ، باغتني المنظر .
- اقتربت منها : اوقفوا النزيف .
- من بين دموعها : لن يتوقف أبداً .
-أمسكت يدي : أستري علي أستحلفك برحمة أبيك الغالي ، هكذا قالت قبل أن تفجعنا بغياب كامل عن الوعي ، يبدو أنها أخذت قرارها بذلك قبل ولوجها المستشفى بدقائق ،أن تغيب عن الإدراك بعد أن تودعني هذه الأمانة ، وقبل أن تكشف لي سر هذا النزف الرحمي المتواصل .
رفعتها الممرضة والممرض على السرير ، بينما كانت تحمل عيناه إحساساً بالندم بعدما أيقظه انسحاب تأثير الحشيش من دمه .
جلست أجفف عرقها المتفصد تحت الطرحة السوداء .
حاولت أن أجد وريداً أدس فيه إبرة الكالونيولا، أوردتها ضعيفة جداً ، و بمجهود مضني، وبالرغم من أن هذه ليست مهمتي وجدت وريداً أكثر قوة يمكن أن يستقبل محلول الجلوكوز، سحبت المحلول الدوائي برأس الإبرة ، وغرستها في عرق نافض في ذراعيها .
الممرضة بصوت حنون : أتركي هذا الأمر لي ، هذا عملي الذي أتقاضى عليه أجراً.
أشعر أنني المسئولة عنها منذ نظرت في عيني مستغيثة قبل قرارها بالغياب :
- دعي الأمر لي .
في حجرة العمليات أجهضت وليدها ، فتركت لعيني طريقاً ممهداً للدموع .
كان يوماً مجهداً، تركت المريضة في فراشها مسجاة، تتأوه ، لا تفارقها كلماتها الموجعة ، توخز قلبي : أنا ولية .
يبدو أن هذه العبارة هي أغنية الصباح و المساء لهذا اليوم الأصعب في السنة ، التي أمضيتها هنا بعيداً عن عائلتي في القليوبية .
جلست إلي الممرضة،تحكي،بينما تعد لنتناول العشاء معاً حكايات وبطولات رجال القرية بعد تناولهم الحشيش، وكيف تستقبلهم زوجاتهن استقبال الفاتحين، وتسدين إليهن عبارات الثناء ،على هذه المتعة التي يحظين بها بعد استنشاق أزواجهن لأنفاسه.
- لا أفهم كيف تشعرن بمتعة مع رجل مغيب عن الوعي ؟!
- أنت لا تعرفين شيئاً عن حياتنا هنا ،لكي يستطيع الرجل التغلب على كل محنة ليسعد زوجته ، يجب أن يكون غائباً عن الوعي .
- لكنه في هذه الحالة لن يكون رجلاً كاملاً ، وسيفقد حتى وعيه بها .
- نصف رجل أفضل من لا شيء، ووعيه بنا لا يمثل في الأمر شيء، لن يتغزل بعيونك أو يتلمس شعرك ، كل ما تريدينه ويريده يتحقق بلا كلمة واحدة .
- يا دكتورة إحنا ولايا .
سحقاً لهذه الكلمة التي تصر على تلوين يومي بسواد حالك .
-أهناك شيء يزعجك يا دكتورة ؟!
-أنفث أنفاس معبقة بحنقي في الهواء : لا أبداً .

استيقظ على ضجيج صاخب ، أصوات مختلطة لا تفسير لكل منها على حدة ،
أرتدي ملابسي على عجل ،أهرول خارج الحجرة ، أتوجه بشكل لا إرادي لحجرة مريضة أمس ، لا شيء ، تنام في دعة .
تأتي الممرضة لتشرح الأمر ، أنظر إليها بامتنان لما قرأته من تساؤلات ملحة تطل من عيني : كنا نصرخ في هذا الرجل الذي استجلب شاباً ليعالجه من حريق أصابه بغرغرينة في قدمه، وعندما استدعينا طبيب الوحدة ، أخذه و انصرف إنها ...

ـ أستطيع تفهم الأمر جيداً ، شرحت لي زميلتك أول يوم قدمت فيه إلى هنا ، لماذا يفعل أولاد يحيى هذا ببناتهن .
بالرغم من قسوة الفكرة فتاة سيبتر ساقها على أفضل الفروض، أو تستسلم للموت بعد أن تصيب الغرغرينة باقي جسدها ، أي ألم ستتحمل ؟! أشحت وجهي عن الممرضة وانصرفت إلى حجرة مريضة نصف الليل .
تمسكت بيدي متسللة إلى عيني بقوة ،كما فعلت أمس :
-لا أريد لأحد أن يعرف بأمر إجهاضي .
ـ أتفهم الأمر و لكن ما لا أدركه لماذا ؟ ما دمت تخافين الفضيحة لهذه الدرجة .
ـ ألم أوضح لك الأمر أمس، كونك أنثى هذا لا يعفيك أنك مسئولة عن تصرفك، وأنت من ارتكبت فعل الزنا، أم أن أحداً أجبرك عليه ؟
تنظر إلى ملابسي تلك النظرة التي باغتتني بها الفتاة المتشحة بثياب الرجال في العيادة ، لا يمكن لأنثى مثلك تملك حرية ارتداء ملابس تتيح الفرصة للرجال لعكس رغبتهم فيها في أعينهم كمرءاة ، أن تستشعر كيف تعيش امرأة تتوارى خلف جلباب واسع ، أتحاشى أن يبرز من خلفه بروز صدري أو استدارة قوامي حتى نضارة وجههي أخفيها بتغطية نصف وجهي ، كنت أحلم بيوم اكتمالي عندما أزف لرجل ينزع عني جلبابي الذي عشت أرفل فيه سنوات طفولتي ، ومراحل اكتمال أنوثتي، وعندما تحقق الحلم ، غاب عني بعدما أودعني طفلين وميراثاً مسلوباً .

تنهدت و أرسلت عينيها إلى بعيد عن حدود المكان ؟
-آه لو تعرفين كيف لامرأة عاشت في سياج ملابس الرجال عمراً.. أن تصمد أمامه؟! ، تقترب مني وبصوت هامس: رجل يقول أن لها جسداً شهي كفاكهة الصيف ووجه مستدير كقمر .
-رجل يعاشرك بذاكرة كاملة ووعي حاضر .
- ألم تشعرين بتلك الرغبة المحمومة مع زوجك الأول ؟
تنظر إلى عيني بتحد سافر، ألم تعرفي الفرق بين رجل يضاجعك ليؤمن حاجته لطفل ، أو لاتمام يومه على الوجه الأكمل وبين رجل يعرف طريقه لأذنك وشفتيك؟!
استدرت لأخرج .
صوت زميلي الطبيب يخرج من الحجرة المجاورة سأنتظرك ليلاً في عيادتي .
دخل عليه طبيب آخر بعيون جائعة : بطلتك الجديدة ؟
تطل برأسها خارج الحجرة .
- دكتورة هبه ؟
باغتني ندائها ، للمرة الثانية تناديني باسمي ؟
هل تريدين أن تعرفي من أبوه ؟
قبل أن أحرك ساكناً : صاحب الصوت الذي أعطى هذه الفتاة المعتمرة شالاً موعداً ليلاً و أعطاني اسمك و صورتك أمس .
بعيون متوسلة : دكتورة هبه..
: لن أتحدث مع أحد عن شيء أنسي الأمر وحاولي ألا تعودي إلينا بضيف جديد نوئده .
ـ كيف يمكنني أن أصف لك تأثير هذا الوجه الأنثوي المطل بعلياء من خلف قناع ، كيف يحتمل المرء في هذه القرية التي لا يطل من نوافذها إلا الرجال ،حتى ليراودك شعوراً أنك تسير طويلاً داخل أسوار رغم أنك تعلم أنها دور،هكذا الأمر مع النساء ،فهن حقائب مطمورة بالثياب لا قوام لهن، تمضين عبر الدروب، لا تستطيع تبين شيء منهن،لا تملك تخمين شيء، وينتابك الضجر من محاولة التوصل لفكرة ثابتة عنهن ، فتعفيهن من اهتمامك ، لكنك تقوم بهذا مقهوراً، ثم يوقظ هذا الشعور الذي أصابه الوسن ، رؤية وجه امرأة تبتسم لك وحدك ، مثل هذه المرأة هي اجتراح لمعجزة ، تميل لاعتبارها أكثر أهمية من أي شيء يمكن لهذه القرية أن تهبك إياه .
لم تعتد أذني على اختراق أحاديث الزملاء، لكن فضولي لاستكمال المشهد دفعني لذلك،
اجتر أقدامي لعبور الممر الفاصل بين حجرة المريضة وحجرة الأطباء، تعلو وجهي ابتسامة شاحبة .
-الكشف رقم 1 لهذا اليوم .
- صباح الخير دكتورة هبه .
- أنت! ، ألم تصلح الأدوية التي صرفتها لك في منتصف الليل من حال البرد الذي يباغتك كل ليلة مبيت لي هنا ؟
بتحد سافر : أنت تعرفين أنني أجيء هنا من أجلك .
- وقاحة تحسد عليها .
- أتتزوجينني ؟
- أنا !
- أعلم أن شهادتك ترشحك لمن هو أفضل مني ، كما أعلم أنك لوكنت متزوجة في قريتك أو أي قرية مجاورة في الدلتا، لراعا مسئولين مكتب التكليف ذلك ، ولم تكوني بيننا الآن ، كما أعلم أنك تريدين الهروب من هنا بسفرك أو البقاء بحمايتي، في كلتا الحالتين أنا أوئمن لك البقاء والسفر معاً إن أردت، خاصة وقد تجاوزت الثلاثين من عمرك بلا زواج ، وأنا أعرض نفسي عليك بدون شروط .
- تريد شروطاً للارتباط بي ؟!
- أنت محق فأنا ولية !!!!!


إيمان الشافعي




1646938021501.png
  • Like
التفاعلات: إبراهيم العميم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى