لم يكن يدور ببالي كوردةٍ في البال وأنا في الطريق المجنَّح إلي بنك الدم بمستشفي "سوهاج" المسائيِّ أنني كنت في الطريق إلي غابةٍ من عناقيد الماس الأنثويِّ المركَّز، إلي نخلةً هي في الحقل أطولُ نخلةٍ، وأجمل ما في غابة الورد من ورد، إلي الدكتورة "حبيبة"!
كانت نظراتي الأولي إلي ملامح وجهها الطيب كافية جدًا لأن يتحلَّل قلقي النفسيُّ إلي سلام ٍ قليل، ليس هذا فقط، إنما شعرتُ مباشرة بشئٍّ من الشعر يجلجل حول القلب!
أشتبه الآن أنني كنت أحاول الفرار من قلقي علي حياة أبي التي كانت في ذاك المساء علي المحك بقذفه فوق رءوس الكلمات، أشتبه أيضاً أنني كنت أستعير بتصرفاتٍ مرتفعة أًصابع الشاعر "نزار قباني"، ذاك الذي يحط علي الدوام بقرب القلب!
كان شاهد ذلك المنعطف المريب سلة من الأبيات ولدت بسهولةٍ أدهشتني علي مقهي قريب جلست عليه في انتظار أن تنتهي "حبيبة" من سريولوجي الدم، ولأقاوم أيضًا حاجتي إلي النوم ببعض الكافايين!
أبيات قد اختبأت مسودتها في ذاكرتي ها هي كما هي، ذلك أجمل ، لا أريد أن أشوِّه قوة تلك اللحظة التي ولدت فيها بإحساس لا ينتمي لها، ثمَّ لا شئ أبدًا بإمكانه أن يعيد للحظة الهاربة حرارتها المجردة:
يا مُسترقّّي.. منكَ كنْ معتقي = أرْهقْتني ، أفديك من مُرهِق ِ
ياغيمة الماسِ علي المنحني = ومطلقٌٍ حلَّقَ في مطلق ِ
يا إبنة النور وأحلي الذي = في غابة الزنبقِ من زنبق ِ
يا موجة العطرِِ وطغيانها = اللهُ في محطَّم ِ الزورق ِ
أبيات مشتتة حيث يرتعش كلُّ بيتٍ رعشته الخاصة ، كأنما نظمت منجَّمة علي فترات متباعدة وادخرتها لها، أشتبه الآن في أنها تشبهني في ذلك الوقت تمامًا ، كنت بفعل استحواذ الإجهاد ألتقط الصور ببطء شديد وأحللها تحليلاً منجمًا!
جسدي أيضًا كنت أحسه ذاك المساء منجمًا، جمعت أعضائه علي فترات متباعدة والتحمت حديثًا، أيَّاً كان الأمر، لقد أحببت في ذلك الوقت، لبعض الوقت، "د. حبيبة"!
تراجع الخطر قليلاً أمام انفجار العقاقير وقطرات الدم الأولي في أوردة أبي، وازداد نبضه خشونة ونبضي، صار القلق خافتًا لكنه ظلَّ باقيًا، لذلك، ربما، كانت عضلة النوم قوية بالقدر الذي كان كافيًا لأن لا أسقط في مساحات النوم، ترهل إرهاقي بوضوح أكثر مما ينبغي، وأخيرًا، فقدت بوصلتي الزمنية ليلتحق نومي بفكرة سوداء غامضة، فسرعان ما انحسر النوم عني من جراء صرخات شريرة ونعيق غربان مشئومة، لقد سقطت امرأة في الغرفة المجاورة لغرفة أبي في الفجوة، ماتت، آنذاك، تفاديًا للقلق ومنعطفاته التي تقودني علي الدوام إلي نقاط لا تبتكر الوردة اشتعلت عزيمتي علي إفساح سلة من عوائقه الشهيرة في طرق النوم بطقس بسيط جثم فيما بعد عليََّ جثوم الضرورة، لقد ذهبت إلي صيدلية المستشفي وسألت الصيدليَّ بعض الأقراص المنومة، وهو، عندما تنبه إلي وحدة سياقنا، وشوك الصيدلة المشترك، ردني غانمًا سقوطيَ القادم!
ابتلعت خمسة أقراص دفعة واحدة فرحبت بي بعد أقل من نصف الساعة أساليب نومي القادمة!
تنبهت في الصباح التالي إلي انطباعات الحنق تمتصني، لقد دهمني النوم وأنا لا أزال علي مشارف جزيرة العطر المنبعث من جسد "حبيبة"، كان خطأي الوحيد الذي لابدَّ من تلافيه في المرات القادمة ككل أخطاء البدايات بساطة، لقد سلكت إلي جسدها الطرق التقليدية الشهيرة، الخطوبة ثم السفر إلي الخليج، ثم خلافي مع الكفيل، ثم .. استيقظت!
وطنت نفسي علي اغتصابها مباشرة في بنك الدم في حلم اليقظة القادم ثم نسيت تمامًا ضغط عطرها الهادئ، كأنه بلا قيمة، أو، كأنني، وهذا هو الأرجح، لقد أدركت ألا رجلاً يتسع لـ "حبيبة"!
تنبهت في الصباح التالي أيضًا إلي أضواء البشر الأولي تسطع علي وجه أخي "حازم"، لقد بدأت خيمتنا تستعيد أوتادها بوتيرة مُرضية، وهدأ قلب العاصفة قليلاً ، هذا ألهب حماستي للركض علي طرق الدم لاستعارة المزيد من قطراته الناجعة، وطرقتُ بنك الدم بمستشفي "سوهاج" مرة أخري فارتطمت هناك بهديةٍ لا تقوم بالذهب، أو بـ "حمر النعم" في لغة قريش!
عندما يصبح الدمُ هدية !
لقد تبرع طبيبان حديثا التخرج لأبي بقربتين من الدم فشكرًا لهذين النقيين اللذين لا أعرفهما، لقد تخثرت الآن الهدية وبقي المعروف سائلاً، وشكرًا لتلك الزنبقة التي تقف في منتصف الأطراف المتهادية، لم أكن بحاجة لطرح أسئلة لأفهم أن كل شئ تم بترتيبها هي، كان ذاك الصباح شديد الفراشات آخر العهد بعطرها، لقد ازددت بكرمها الإضافيِّ وعيًا بإحساس المتسول الثقيل فاختبرتُ طرقاً نائمة، عدت، لأرتطم بغابةٍ من الزائرين، وعراء الفضول، يتناثرون حول حواف أبي الواعية..
محمد رفعت الدومي
.
موديبياني
كانت نظراتي الأولي إلي ملامح وجهها الطيب كافية جدًا لأن يتحلَّل قلقي النفسيُّ إلي سلام ٍ قليل، ليس هذا فقط، إنما شعرتُ مباشرة بشئٍّ من الشعر يجلجل حول القلب!
أشتبه الآن أنني كنت أحاول الفرار من قلقي علي حياة أبي التي كانت في ذاك المساء علي المحك بقذفه فوق رءوس الكلمات، أشتبه أيضاً أنني كنت أستعير بتصرفاتٍ مرتفعة أًصابع الشاعر "نزار قباني"، ذاك الذي يحط علي الدوام بقرب القلب!
كان شاهد ذلك المنعطف المريب سلة من الأبيات ولدت بسهولةٍ أدهشتني علي مقهي قريب جلست عليه في انتظار أن تنتهي "حبيبة" من سريولوجي الدم، ولأقاوم أيضًا حاجتي إلي النوم ببعض الكافايين!
أبيات قد اختبأت مسودتها في ذاكرتي ها هي كما هي، ذلك أجمل ، لا أريد أن أشوِّه قوة تلك اللحظة التي ولدت فيها بإحساس لا ينتمي لها، ثمَّ لا شئ أبدًا بإمكانه أن يعيد للحظة الهاربة حرارتها المجردة:
يا مُسترقّّي.. منكَ كنْ معتقي = أرْهقْتني ، أفديك من مُرهِق ِ
ياغيمة الماسِ علي المنحني = ومطلقٌٍ حلَّقَ في مطلق ِ
يا إبنة النور وأحلي الذي = في غابة الزنبقِ من زنبق ِ
يا موجة العطرِِ وطغيانها = اللهُ في محطَّم ِ الزورق ِ
أبيات مشتتة حيث يرتعش كلُّ بيتٍ رعشته الخاصة ، كأنما نظمت منجَّمة علي فترات متباعدة وادخرتها لها، أشتبه الآن في أنها تشبهني في ذلك الوقت تمامًا ، كنت بفعل استحواذ الإجهاد ألتقط الصور ببطء شديد وأحللها تحليلاً منجمًا!
جسدي أيضًا كنت أحسه ذاك المساء منجمًا، جمعت أعضائه علي فترات متباعدة والتحمت حديثًا، أيَّاً كان الأمر، لقد أحببت في ذلك الوقت، لبعض الوقت، "د. حبيبة"!
تراجع الخطر قليلاً أمام انفجار العقاقير وقطرات الدم الأولي في أوردة أبي، وازداد نبضه خشونة ونبضي، صار القلق خافتًا لكنه ظلَّ باقيًا، لذلك، ربما، كانت عضلة النوم قوية بالقدر الذي كان كافيًا لأن لا أسقط في مساحات النوم، ترهل إرهاقي بوضوح أكثر مما ينبغي، وأخيرًا، فقدت بوصلتي الزمنية ليلتحق نومي بفكرة سوداء غامضة، فسرعان ما انحسر النوم عني من جراء صرخات شريرة ونعيق غربان مشئومة، لقد سقطت امرأة في الغرفة المجاورة لغرفة أبي في الفجوة، ماتت، آنذاك، تفاديًا للقلق ومنعطفاته التي تقودني علي الدوام إلي نقاط لا تبتكر الوردة اشتعلت عزيمتي علي إفساح سلة من عوائقه الشهيرة في طرق النوم بطقس بسيط جثم فيما بعد عليََّ جثوم الضرورة، لقد ذهبت إلي صيدلية المستشفي وسألت الصيدليَّ بعض الأقراص المنومة، وهو، عندما تنبه إلي وحدة سياقنا، وشوك الصيدلة المشترك، ردني غانمًا سقوطيَ القادم!
ابتلعت خمسة أقراص دفعة واحدة فرحبت بي بعد أقل من نصف الساعة أساليب نومي القادمة!
تنبهت في الصباح التالي إلي انطباعات الحنق تمتصني، لقد دهمني النوم وأنا لا أزال علي مشارف جزيرة العطر المنبعث من جسد "حبيبة"، كان خطأي الوحيد الذي لابدَّ من تلافيه في المرات القادمة ككل أخطاء البدايات بساطة، لقد سلكت إلي جسدها الطرق التقليدية الشهيرة، الخطوبة ثم السفر إلي الخليج، ثم خلافي مع الكفيل، ثم .. استيقظت!
وطنت نفسي علي اغتصابها مباشرة في بنك الدم في حلم اليقظة القادم ثم نسيت تمامًا ضغط عطرها الهادئ، كأنه بلا قيمة، أو، كأنني، وهذا هو الأرجح، لقد أدركت ألا رجلاً يتسع لـ "حبيبة"!
تنبهت في الصباح التالي أيضًا إلي أضواء البشر الأولي تسطع علي وجه أخي "حازم"، لقد بدأت خيمتنا تستعيد أوتادها بوتيرة مُرضية، وهدأ قلب العاصفة قليلاً ، هذا ألهب حماستي للركض علي طرق الدم لاستعارة المزيد من قطراته الناجعة، وطرقتُ بنك الدم بمستشفي "سوهاج" مرة أخري فارتطمت هناك بهديةٍ لا تقوم بالذهب، أو بـ "حمر النعم" في لغة قريش!
عندما يصبح الدمُ هدية !
لقد تبرع طبيبان حديثا التخرج لأبي بقربتين من الدم فشكرًا لهذين النقيين اللذين لا أعرفهما، لقد تخثرت الآن الهدية وبقي المعروف سائلاً، وشكرًا لتلك الزنبقة التي تقف في منتصف الأطراف المتهادية، لم أكن بحاجة لطرح أسئلة لأفهم أن كل شئ تم بترتيبها هي، كان ذاك الصباح شديد الفراشات آخر العهد بعطرها، لقد ازددت بكرمها الإضافيِّ وعيًا بإحساس المتسول الثقيل فاختبرتُ طرقاً نائمة، عدت، لأرتطم بغابةٍ من الزائرين، وعراء الفضول، يتناثرون حول حواف أبي الواعية..
محمد رفعت الدومي
.
موديبياني