أحمد القنديلي - هلوسات في متاهة البياض.. شعر

جرحتها، في مخدعيك تجرحك الأرض، التي
ها أنت لا تقوى على وقف النزيفْ.
ليت الذي ما بيننا
يهوي بنا
في لجة
تهوي بنا
في برزخ
يهوي بنا
في دُكْنة
تغشي العيون المتعَبهْ.
ها أنت تعوي في كهوف لا تردد الصدى
صوت الخفافيش الذي يغزو الفضاء
يعلو على أبواقك المعشوشبهْ.
” لا صوت يعلو فوق صوت المعركهْ ”
فيما مضى
كنتَ الطحين والرحى
كنا الجياع المتعَبين
كنتَ الرذاذ المنتشي بزهونا بين المروج
كنا نغني للخروج
من معطف الخوف الذي يذيب عنفنا وأمعاءنا
كنت الشذى الغازي أنوف المرجَفين.
ها أنت ذا
تنهار مثل جذع نخلة سهت عن مائها الهارب
في أعماق أرض تزدهي بصهدها الكاوي ضلوع المرهقين.
ها أنت ذا
ترخي الجفونْ
تجرك النِّمال من واد إلى واد ولا شخير
يزعج المكان والزمان
زوبعْ رياح القلب وانفُضْ نقع من درَسواْ
الآن يومك الوسيم
يحتفي
بكل بسمة تهبّ
من صباح
أو هواء
أو شفهْ.
فلينفجر صراخك المخنوق في أدغال صدرك الذي يقل أوزار هَمّ
لم يحن أوان حكيه بصوت شهرزاد في مقام يحتسي
خمرا وغُنجا وشذى.
ادخل مفازة الوغى.
متاهة تعوي كما يعوي البياض
خاويةٌ على العروش
مثل زجاحة أخيرة
ولا صديق ينقر الصدى محملا بما تبقى في خطاه
من كلام
أو صراخ
أو نعاس.
متاهة تتيه في بهو الذهول
تجر ذيلها تُهلوس الغبارَ خلفها
والظلام.
فحيح أشباح المكان
يعوي بلا ماء ولا ريق
ولا ثرثرهْ.
الآن يومك
انتصر!
طأْ جمر هذا الماء!
وانفخ في الهواء!
تأتك أنواء الجحيمْ
بغير رعد تكنس الطمي القديم
تستنهض الأجداث من نومها الطويل
تنفض الغبار.
الآن آن يومك انقلب شظايا
وظلاما
ودما.
فلتنفطر
طينا
ونارا
ورمادا
ينحني لغبشة تزهو بإيقاع الذي أدركه وهج الصباح.
أحذية بنية الأشساع
تلحو ما اختفى في القلب من ضغط
ومن تورُّم
تذرو الرياح
تَبْزُل فوهة توزع الأزيز والمكسَرات
شيئا فشيئا تنتشي
ترخي خيوط الوجه
تعلن انتزاع ذبذبات وقتنا المشتهى
في ملتقى كل الوجوه والأمكنة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى