د. محمد سعيد شحاتة - الفارس يترك الحصان وحيدا..

إلى روح المهندس الشاب الشهيد محمد عبد المنعم طالبي
ابن صديق العمر الدكتور مولاي طالبي


لمن هذه الأغنيات الثكالى على حافة القلب
يوسفُ في الجبِّ يرقدُ
لا تاج يغريه
أو صولجان الأخوِّة يروي الحقيقة
ذئبُ البراريَ ليس بريئا
وإنْ برَّأته الحقيقةُ
أو دنَّسته الروايةُ
ثمَّة من لوَّحوا للمراكبِ
عند امتطاءِ الغروب سماءَ القلوب
لمن يا نساءَ البنفسجِ
تغسلن وجْهَ النشيدِ بماءِ الورود
لمن مرسلاتُ الجدائلِ
يُنْشِدْنَ عند عبور الطيوفِ مدائنهنّ
ويحملن نايًا
ويعزفن لحنًا
وحول الخباءِ عواءُ الذئاب
وهنَّ القناديلُ في الليل
لكنَّ صفوَ المرايا سراب
وهنَّ اللآلئ في الجبِّ
لكنَّ صوتَ الخطايا حِراب
ومقهى الأفاعي بقايا زمان
أطلَّ على القلبِ
لا لحْنَ
لا نادلٌ مُتْقِنٌ خلْطَ خمرته
كي يموت المحبّون دون عذاب
*
لمن هذه الأغنياتُ الثكالى
وعاشقة الأغنيات على حافة الذاكرةْ
تباغتُ كل اللحون بسكِّينها
تقتفي أثر الأمس
كيما تحزّ رقابَ الأماني
وتخفي ملامحها في متون الحكايا
تراقبها الأعينُ الماكرةْ
فيا نادلَ الأمسياتِ التي غادرتْ
أعطني قدحًا من نبيذ الحنين
معتَّقةٌ شفتاي بطعم المرار
*
تقول النبوءة:
إنَّ "محمد" كان خيالا
تجلَّى كلؤلؤةٍ في سماءِ القلوب
وكان انعكاسًا لأسئلة المتعبين
وشوق الحقول لنهر تآكل بين الصحاري
وكان قصيدة عشق تفتِّشُ عن عاشق يتقنُ البوحَ
يعرفُ كيف يروِّضُ كلَّ حصانٍ جَموح
وكيف يلملمُ آهات ليلٍ
ويمسح عن والديه الجروح
تقول النبوءة:
إنَّ الطيور تؤوبُ لأعشاشها متعباتٍ إذا الليل جنَّ
وغاب على الأفق لمح المطايا
وأنت مع الفجر تفتحُ عشَّكَ كيما تنام
وما زال عمرك غضًّا
وما زلتَ تسبحُ في أمنياتِ الطفولةِ
ترتادُ أفنية الحلم
ترسمُ فجرك شمسا ونهرا
وتنسج من غمغمات النسيم حكايا
تراودك الأغنياتُ العذاب التي نسجتها عيون أبيك
دروبًا من الوجع المتجلِّي على صفحة الوجه
أنسجةً وأخاديد
يقبعُ منتظرًا وقع خطوتك المشتهاة
لتحملَ عنه تلالَ الصقيعِ
خريفَ اللحونِ
وتروي بيادرَ عطشى
زوايا الأضالع مثقلةٌ بالتفاصيلِ
مأهولةٌ بالأخاديدِ
منقوشةٌ ذكرياتُكَ فوق ضلوع الدروب
وفوق العيون
وبين حنايا الكلام
فأين يخبِّئ هذي الجروح
ومن لليالي العجافِ
إذا ما الدموعُ بأسرارها لا تبوح
وهمهمةُ الأمِّ حين تبسملُ في الفجر
كيما يصونك ربُّ العبادِ من الهمِّ
من شطحاتِ الخيال الجَموح
ومن موبقاتِ الخطايا
تلملمُ في غبشاتِ الدياجي أكفَّ الحنين إليك
فقد غبتَ دهرًا طويلا هناك
وإن كان صوتُك عبر الأثير يجيءُ
يهرولُ
يفتحُ أروقة القلب إن قلبها في حنينٍ دعاك
*
قطرة
قطرة
ينزف القلبُ حبَّكَ
يدركُ أنَّ الرصاصة مسمومةٌ
أن مَنْ ثبَّتَ القلب فوق الجدار أعاد الزمان لعهد الرعاة
وأتقن صنع النزيف بقلب المحبين
أتقن نسج الجراح
وأيقظ كلَّ الحِراب التي نسيتها السنين
خطوة
خطوة
يدرك القلب أنك صرتَ بعيدا .. بعيدا
وأن اللقاء خيال
  • Like
التفاعلات: سناء الداوود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى