هاني الغريب - لماذا انحرفنا؟

بلاءٌ خُرافيٌّ وحظٌّ مُكمّمُ
وحُكمٌ غريبٌ واحتدامٌ
مُصمَّمُ

لماذا انحرفنا بعد ما كان طبعُنا
هو القيمة العُليا أهذا التقدُّمُ

ألم تكن الأخلاقُ للناسِ ضابطًا
وكان لنا فيها ضميرٌ مُعلِّمُ

وكنا قناديلَ الثقافاتِ كُلَّها
فيا حسرةً هذا انحدارٌ مُنظَّمُ

سلامٌ علينا ندّعي المجدَ دائمًا
ولكن رؤانا مُحتواها مُهدَّمُ

أُحرّيةٌ هذي التي في بلادِنا
ومصباحُنا في الليلِ للآن أظلمُ

فلسنا على دينٍ ولسنا لقيمةٍ
وليس لنا إلا الخنا والتشرذُمُ

وضاعت علينا في السجايا عُروبةٌ
وهل يعربٌ بعد التدنّي يُكرّمُ

أحنُّ إلى الماضي الذي مرّ شامخًا
بحاضرِ ذُلٍّ أينما حلّ يُهزمُ

وأبكي كما يبكي السُّكارى ندامةً
وماكان يُجدي بالسُّكارى التألُّمُ

على أيّ حالٍ إنني جدُّ نادمٍ
يـُكرِّهُ هذا العيشَ من راح يندمُ

أعوذُ بكأسٍ الخمرِ من كلِّ كذبةٍ
تُشوّهُ وجهَ الدينِ فالدينُ أعظمُ

أعوذُ بتقوى العارفين وصمتِهم
وبالأرضِ معنى وحدةٍ لا تُقسَّمُ

وبالمرأةِ اللاترتضي هتكَ عرضِها
كما تُستباحُ التافهاتُ وتُلهمُ

وبالذَّكرِ المحفوظِ مرأى قضيبهِ
فبعضٌ بنا باعوا لحاهُم ليُلجموا

وبعضٌ يريدون الخطايا كريمةً
وهُم يعرفون اللهَ لكن توهّموا

وعن فتيةٍ أيضاً أُحيلت
صُدورُهم
وأُبدلت الأجناسُ عنهم وأُعدِمُوا

أرادوا عراقاً هابطًا بعد مجدهِ
يُباحُ بهِ المعنى ويُسبى بهِ الدّمُ

فلا تلك دُنيانا ولاذاك ركبُنا
فنم هكذا بين الأكاذيبِ يافمُ

إلى أيّ عصرٍ ننتمي يا أصاحبي
وهذا الذي يجري علينا تسمُّمُ

إلى أيّ تفكيرٍ ذهبنا وما بنا
ونحنُ الغيارى والأُولى قد تكلّموا

تركنا عُلانا للمقاديرِ دون أن
نرى ما تلاشى واعترانا التبرُّمُ

لجأنا إلى الفوضى ضياعًا بلا غدٍ
نزيهٍ هو اليومُ القبيحُ المُعظّمُ

وجارت علينا فلسفاتٌ عقيمةٌ
وحيثُ نزلنا داهم الحيث مُجرمُ

وإني غريبٌ بين أهلي أهانني
رُجوعي إلى الذكرى وماذا أُقدِّمُ

فيا ليتني ماكنتُ إلا حكايةً
حكايا الليالي للجراحاتِ بلسمُ

أنا كالرصافي في دياري مشاعري
عذابٌ وأحلامي أنينًا تُجسّمُ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى