محمد عبدالله الخولي - رمانة الأسرار

غدا سأجلس تحت شجرة الرمان التي غرسها أبي بيده الطاهرة، لي مع هذه الشجرة حكايات، وبيني وبينها أسرار، أظنها تخفيها عن كل الناس حتى أبي نفسه، لا يعرف أني حفرت اسمه بالأزميل على أعلى فرع فيها، كنت أحمل ولدي " يس" وهو ابن عام واحد، وكنت أهمس في أذنه: هذه شجرة جدك، إذا أرهقتك الدنيا يا ولدي: تعال واجلس تحتها، ستحدثك الشجرة، عن العرق الذي سال من جبين جدك، وهو يغرس أشجار تلك الحديقة ليرضيني، لأنه يعلم أني أحب الجلوس بين الشجر، أحيانا كانت تحدثني شجرة الجوافة، وهي غاضبة: لماذا لا تستظل بي كما تستظل بالرمانة وأنا أقدم منها وأكبر منها سنا، أنا أقدم شجرة في حديقة بيتك، فقلت لها: يا عزيزتي بيني وبين الرمانة سر لا تبوح به، وأظنك غير قادرة على ذلك، هل تذكرين الفتاة التي نقشت اسمها على فرع من فروعك -ذات ليلة- مع بيت شعر لي، وقبل أن تشرق شمس يوم جديد، تناقلت القرية كلها اسم الفتاة وبيت الشعر، ومن باح بسري مرة لن أبثه سري ما حييت، أنا أجرب مرة واحدة فقط، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، الرمانة أوحت لي بقصيدة ذات يوم، صدرتها ديواني الثالث" تراتيل على الخشب المقدس"
أتيت كزهرة الرمان
في مرج من التين
كعود الفل يشرب من رحيق اللوز
ألحانا
على أنغام تشرين...

فأنت لا تصونين سرا، ولا يأتيني منك وحي..، فدعيني ورمانتي، أيتها الجوافة..، ولن يستظل ولدي بظلك أبدا، فلقد حذرته منك، فهو -حتما- سيفعل مثل أبيه، يستظل برمانة جده، ويبثها سره، وتوحي إليه بأسرارها كما أوحت لأبيه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى