أحمد القنديلي - أطياف الجرح النازف وجحافل الجثت المغيرة

” لأُكبِّلنَّ دماءكم بدم شريد “
سليم بركات
ديوان “الجمهرات”


للجرح النازف
رائحة الشّهد البري.
من أنفاسه الدافئهْ
يتنطَّط وخْز
يُغير بعسكره
يسري ساخنا في المسامِّ
وفي أوصال الحلوق.

للجرح النازف
أطيافٌ تأتي ليلا،
تسرق الحلوى من موائدنا
وتطيرْ
تستحم بماء المزن
وتعزف موسيقى الرهبوتْ
تقشعر شقوق الرعد
وتعزف موسيقى الرّهَبوتْ
يقشعر مَريء السحاب
ويعزف موسيقى الرهبوتْ
أجواقٌ تثير النقع
تُهيّج صلصال الفيضانْ.
لي أن أتفتّت أو أتزوبع
أو أتحلّل في الحمإ الحامي.

للجرح النازف
وديان من دم نيئٍ
تستحيي الأرض العطشى
من ضوئه الأرجوانيّْ
تستعطف أهدابه الجذلى
كي يرسو في مجرى الودَجين
أين أطراف الجسد العاري؟
أين متكأ الروح الولهى؟
جسد يتوهج في عنفوان اللّهبْ
يتريّث حتى يسِحّ الجمر لُعاب الرماد
ليصحوَ من سِنة
كي يرفرف فوق قباب السحابْ
أيُّ لون لنوء شتائك يا هذا الوجه الرملي؟
لي أن أتسلّق حبل الهواء البنيّ
أو أتدحرج في حلق الحتف الأكمه.

للجرح النازف
شِلو يتلو شلوا تتلوه أشلاء
أحدج الأشلاءْ
تتراقص في ناظريّ البروق
أف لدم لا يحنّ لمجراه
أف لدم يترقرق في سفح الظل
ينسى قطرة
هرولت عجلى
في منعرج الصمت
في ليل ضرير يهجع كي لا يرى
نعلا يجتاح تلال الزعتر والأقحوانْ
لن ألوم النخيلْ
حين تشتد أوراكه الخشنهْ
يزهو
يستهزئ بالأنواء.
سألوم يدي
عندما سقطت تحت الإسمنت المنفوش
لم تلتقط أختها الهاربه.
سألوم اندلاق الأحشاء
حين هفت خرجت عجلى
من جوفي لم تنتفض.
لن ألوم الرتيلى
حين استوت
بين جِدعيْ صبّارة
قالت:
” يحتاج الأمر إلى وقت
كي أصطاد ما تشتهي النفس،
أحتاج إلى وقت كي أعنكب ما حولي،
وإلى صنَج كي أدوّخ من حولي
وإلى لغو كي أؤَمِّن ما حولي “.
لن ألوم الغُرَيرْ
دعه ينهشْ
دعه يمرّ.
سألوم شقوقيَ لمَا سهت
فتحت فمها للريحْ.
آه كيف أدير الآن عقارب هذي
الحرب وقد تاخمت غُبشةَ الفجر؟

لي أن أتخثّر
أو أتقيّح
أو أتحلّل في جوف هذا الغبارِ
وهذا الحجرْ
لي أن أرطم الهاويهْ
في رمشة عينْ
كي أَحْلِق ذقن التجلّي
أو كي أحلق حلق الحتوفْ.

نصَلَ النَّصْل من يده
والوقت بقايا حذاء.
هل لي أن أهتف للعصف المأكول؟
هل لي أن أخطف من بيدري الخاوي
بذرة البدء؟

شدّي عضُدي
يَتُها اللحظة الحرجهْ
قد يأتي طيف
يجر جحافل من جثتي
تتموّج
تهدر
تنفر
لا تبقي قنفذا
أو صدى قنفذ
أو بقايا أثر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى