طيبة فاهم إبراهيم - صراع بلا خوف

لم تهزها العواصف او تخيفها الأعاصير يوما، لم تعرف معنى للتواني والكسل، حملت منذ صباها مصاعب الحياة على كتفيها وسارت بها الى حيث بواكير الشباب الأول.
منذ طفولتها، أحبت المصارعة الحرة، لم تستطع ان تبوح بما تحب لصويحباتها، فكل فتاة تعشق الراحة والجمال والدعة والسعادة، وهي لم تك لتختلف عنهن شيئا، يأسرها جمال الحياة وتبكي لبكاء طفل وتمرح لفرح سيدة مسنة، لكنها تعشق هذه اللعبة دون أن تدرك لها سببا... لربما لانها تعلمها المواجهة، تمارس فيها المواجهة مع اي خصم دون تردد، تغرس فيها الشجاعة والإقدام، حين اكتشفت منذ صباها ان معظم ما يخيف هو لا يخيف، وان الشعور بالخوف هو اسوأ ما يحطم الاحلام بلا ادنى جدال.
حين عزمت على دخول النادي، لم تقلق من شيء، فكل من فيه هن فتيات مثلها، يمرحن بينهن مثل اي فتيات وتسود بينهن المودة كباقي البنات، سوى انهن تمارسن ما تعشقن، لعبة المصارعة.
كان البساط اشبه ببساط ريح يحلق بها عاليا نحو احلامها، نحو فردوس لا يدرك مسالكه سواها، لم تدرك ما تصنع، لولا ان اوصاها المدرب ان تواجه من يختار صراعها.
كانت ايمان هي اول من واجهتها، وكانت الصاعقة ان اول نزال لها انتصرت فيه. قبل ان تجلس المصارعات، حتى ظنت البعض ان ايمان مريضه، ولم يدركن اية قوة لدى هذه البطلة.
اشتعلت الحماسة لديها للمواجهة، ولدى الباقيات لمواجهتها، لكنها بقيت تحسم النزال منذ اول دقيقة، فتطبق مسكة الخلع وتنتصر بالتثبيت وتتعالى أصواتهن بالصراخ، حتى ان المدرب لم يصدق ان مصارعة تصرع منافساتها بالجملة.
كان الحب يغمر البساط، لم تشعر بكراهية احداهن لها فكلهن طيبات حانيات، سوى رجاء وصفا.
كانتا قويتين مقتدرتين، صرعتا فتيات البساط جميعا، وعز عليهن ان يواجهن فتاة صغيرة، ظنوا امرها يسيرا والغلبة لهن عليها مضمونة.
حين واجهتها رجاء، وهددتها بالويل على البساط، صعقت حين اكتفت طيبة ببسمة صغيرة زادت من استفزازها، ودعتها للمصارعة فورا لكن المحكم والمدرب منع ذلك.
كان يوم النزال بين بطلة النادي رجاء والصغيرة طيبة يوما مشهودا، فقد تسللت نجاة نحو البساط مثل لبؤة، رفضت مصافحة الحكم، وكانت تنظر بحقد نحو طيبة التي بدأت تناورها وتدور من حولها كما اللبؤة فلا تستطيع رجاء الامساك بها.
كانت رجاء تعجز عن ان تقبض على يدي طيبه، وبدا عليها التعب وبسمة طيبة اخذت تتلاشى حين امسكت بخصمتها وضغطتها ورفعتها ورمتها ارضا ثم وضعتها تحت رحمتها تماما بلا حراك.
كانت تستطيع صرعها لكنها لم تفعل بل طبقت عليها حركة تقييد القدمين وتطويق رقبتها فصرخت معلنة استسلامها وضجت القاعة بالتصفيق الحار والهتافات.
حين رفع الحكم يد البطلة بالفوز كانت خصمتها ممددة، وحين فاجأت الجمهور بطلبها من صفا للمصارعة، كانت قد هربت من الباب الخلفي وهي تنظر لمصير رجاء التي صارعت لبؤة فصرعتها تماما.
غاب كل شيء عن البطلة طيبة، سوى بساط الريح الذي طار بها عاليا عاليا، ليخط اسمها كأقوى مصارعة في بلاد الرافدين.
  • Like
التفاعلات: خالد السيد علي
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

تعليقات

المصارع سعد الكاظمي - العراق

للمصارعة العراقية البطلة طيبة فاهم قدرات ادبية فذة كما هي قدراتها على حلبة الصراع.
وكلاعب مصارعة منذ سنوات طوال، استطيع الحكم ان الحلبات العراقية والعربية يصعب ان تنجب مثيلا لهذه البطلة الا ما ندر، فقد صرعت وباقتدار تام جميع متحدياتها، وترنحت بطلات كبيرات من جراء قبضتها الحديد، حتى رفضت الكثيرات مواجهتها من جديد بعد دروس قاسية في المصارعة.
تجمع لاعبتنا بين لعبات عدة، فهي مصارعه وملاكمة ولاعبة جوجستو وتايكواندو، بقيت تحتفظ ببطولة العراق والعرب في المصارعه، كما وفازت ببطولة افريقيا في الملاكمة، الا انها ورغم كل ذلك بقيت تلك الأدبية المقتدرة والانسانة الواعية، والضمير الذي يناصر الحق ولا يعرف الا الصدق.
طيبة هي مجموع طيبات في شخص واحد : رياضية فذة، واديبة بارعة، ونصيرة للمرأة، وانسانة صادقة نادرة قوية بحق، في زمن زائف لن تجد فيه جوهرة حقيقية مثلها الا ما ندر.

المصارع سعد الكاظمي
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى