عادل الحنظل - حكايتي

وحانَةٌ
تَخالُها أسطورَةً من ألفِ لَيلةٍ ولَيلة
يَجولُ في أركانِها الخَيّامْ
يُزينُها قَمرٌ أُعِدَّ للإغواء
في لَونهِ تَستَغرِقُ النُفوسُ في الأحلام
تَعومُ في أنوارِهِ الأعناقُ والأثداء
يَستَصرِخُ الرَغباتِ في صُنعِ الحَرامْ
فوقَ المَوائدِ
يَرقُصُ الشَمعُ الذي يَهتزُّ من زَفَراتِ آهْ
يَتَقاسمُ الأضواءَ منهُ زُجاجُ أقداحِ النِساءْ
وأحمَرُ الشِفاهِ
حينَ يُسكبُ الرَقراقُ في الفَمِ الرَطيبْ
تظنّهُ اللألاءَ يَطفو في سَناهْ
تلكَ اللُمىٰ
لمّا تُقبّلُ الطِلا
بنَشوَةِ العَطشىٰ لمُغرَمٍ حَميمْ
تظنّها تَدعوكَ أن تَذوقَها
لكنّها مَنيعَةٌ
إلّا لذي حَظٍّ عَظيمْ
**

دَخلتُها
مُتأمّلاً أنْ أقتَفي أَثَرَ المَسَرّة
مُتخَفيًّا
كسارِقٍ مُستَبطِنٍ في الليلِ سَرّهْ
**

يَتهامَسُ الجُلّاسُ كالأطيارْ
حَرائرٌ من حَولِهنَّ يُطَوّفُ الوِلْدانْ
مَشبوكةٌ ساقٌ بِساقْ
يَستَمرِئونَ الريقَ في حُمّىٰ العِناقْ
إلّا أنا
وَحدي تُمازِجُ خَمرَتي الأحْزانْ
أيَصْنعُ الساقي خَليطاً من هُمومي
ليَسقِني الكُروبْ
أم أنني ثَمالَتي الأشجانْ
أَرنو لكأسي كالغَريبْ
كأنّما خَمري بها حِسٌّ كئيبْ
نقيّةٌ صَفراءُ أحسَبُها شُحوب
يا كأسُ
هل جِئنا لنَنسىٰ بالحُميّا
أم لكي نأسىٰ على وطَنٍ سَليب
وَيْحي أنا
تتَساقَطُ الضَحَكاتُ حَولي
من نَدامىٰ
ليسَ في أوطانِهم مثلي نُدوب
كسيرَةٌ عَيني
ترىٰ الذينَ يَنتَشون
وتَحسِدُ الذينَ يَضحَكون
ويَثمَلونَ مُغفِلينَ ما مَضىٰ
بلا شُجون
فليسَ فيهم من لَهُ أَخٌ
يَشيخُ في السُجون
ولا ابنُ عمٍّ قَطّعَتْ أوصالَهُ
قنابلُ المُجاهدينَ في الدرُوب
ولا غَريرٌ أمُّهُ شابتْ علىٰ فقدانهِ
قَبلَ المَشيب
أيصِحُّ هذا
إنني فيما تَبقّى في سِنيني من مَتاع
تَغتالُني الحَسَراتُ كالموبوءِ وحدي؟
بَدّلْتُ جِلدي
عَلّني أنسىٰ بأنّي
جئْتُ من بَلدِ الضِباع
مُتمنياً أنْ أُبْدِلَ السَلوىٰ بحُزني
لكنّ تحتَ الجلدِ أصلاً كالشُعاعِ
يَدلُّ من لا يَعرفُ المَخبوءَ عنّي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى