طببة فاهم ابراهيم - نصيرة المظلومة

كنت اراقب نقاط ضعف خصمتي وانا اتفرج على احدى نزالاتها على التلفاز، واحاول اصطياد نقاط ضعفها كي اتمكن من تثبيتها، وهو ما تفعله جميع المصارعات اللواتي يتطلعن نحو البطَولة.
كانت خصمتي فيان من نوع مختلف، فهي قوية وسريعة الى ابعد حد بمكن تصوره، رفعت في نزالها الاخير خصمتها الى الأعلى والقت بها على البساط، ففقدت الخصمة وعيها َبقيت ممددة لعشر دقائق وسط ذهول الجمهور من هذا النصر النادر
كما وكانت تمتاز بصفة اخرى، وهي انعدام الخلق الرياضي، فلا تبالي بمصافحة الخصمة، وتضع قدمها على الخصمة الفاقدة الوعي مما عرضها لتلقي الانذارات مرارا من لدن محكمة المباريات السيدة نهى او الكابتن فائز.
كنت في زحمة انشغالي بمتابعة نزالات فيان، حتى نادتني شقيقتي ان صديقة تنتظرني بالباب.
لم اتضجور او اتافف، فانا في النهاية من بيئة عربية ترحب بالضيف وتفرح بقدومه، لكن ما أقلقني هو الوقت غير المناسب للزيارة، فغدا سيكون لي نزال بطولة مصيري، في الوقت الذي تحل فيه صديقة ضيفة علي، عند الثامنة مساء، وهو ما يعني سهرة نسوية خالصة وتفرغا تاما للاستماع لحديثها والحوار معها.
كانت ضيفتي رانيا منهارة تماما، لاحظت ذلك مذ القت بعباءتها على كتفيها وهي تجلس على اقرب اريكة، واحتضنتني واخذت تبكي بحرقة لا توصف البتة..
لم افهم منها شيئا، ولم اعرف كيف اتصرف لولا اني قد دربت نفسي على الاستعداد لأصعب المواقف ، أدركت انها تمر بظرف قاهر ، واني ملجأها الوحيد، ومن غير عادتي ان اتخلى عن صديقة منهارة بهذا الوضع.
اتفقت معها ان تبيت معي، فاليوم صادف ان نكون نسوة لَوحدنا في الدار، انا وامي وشقيقتي، واخبرت امي برغبتي في مبيتها عندي ففرحت بذلك.
حدثتني عن قصتها باقتضاب، نفسها القصة ذات الاصول المأساوية، الزوج الملاك عند الخطوبة والوحش الكاسر بعد الزواج، الذي لايتوانى عن الضرب والركل مهددا بالطرد واخذ البنت.
كل ما حدث اليوم انه نفذ ما كان يهدد به، طردها ليلا بلا سبب ودون نقود ، وبثياب المنزل، فوهبتها جارتها الطيبة عباءة وطلبت منها المبيت عندها، الا انها آثرت اللجوء الي، فهي من محافظة بعيدة، ولا يمكن ان تحتضنها سواي انا، صديقتها الاثيرة،
نسيت امر النزال اَو لنقل اني تركته بيد الله تعالى، ووضعت أمامها طعام العشاء فلم تمد يدها الا بالكاد، وخلدنا للنوم، لكن منامها كان مجرد بكاء وعويل كاد ان يحرمني لذة المنام.
عند الصباح كانت في حيرة من أمرها، وابتغت الخروج فعارضتها وطلبت منها ان تحضر نزالي والبطلة فيان، وعقبها سيكون عندي حل لمعضلتها.
ضحكت رانيا بمرارة من مقترحي، وهي تقول لي : وهل ان حالي هو حال من تعشق حضور نزال مصارعه؟
لم ادعها تكمل كلامها، بل اصطحبتها نحو القاعة وجعلتها تتوسط جمهور خصمتي.
لا اعلم اية قوة دبت في جسدي وانا ارنو بالنظر نحوها واتذكر مظلوميتها، ثم اشتعل الغضب فامسكت بخصمتي فيان واسقطتها بمسكة الميزان، وبدأت اطبق عليها من المسكات ما عجزت عن الفكاك منه تماما، وكانت كلما تحاول تطبيق حركة اقلب الحركة لصالحي بالنقاط، ثم قررت بعدها حسم النزال بطي قدمها، وحبسها بين قدمي، والضغط على العنق، فقالت لي الحكمة الباسمة ميرا : (اين هي خصمتك انا لا أراها، اظنها ذابت تماما تحتك )
وبالفعل، كانت فيان تحت رحمتي تماما، فاعلنت الحكم فوزي بعدم التكافؤ بيننا، بعد ان اصبح فارق النقاط بيننا عشر نقاط، وتركتها ممدده مخزية تجر اذيال الخيبة والهزيمة، ورفعت الحكمه يدي للفوز، ولم البث ان ركضت نحو صاحبتي المظلومة اعانقها وهي فرحة، وذهبنا الى حجرة المصارعات الخاصة كي استبدل ملابسي الرياضية، فالى محامية بارعة هي استاذتي في القانون، بعد ان رفعت الخوف عن صاحبتي وافهمتها ان الحياة تكون مرعبة هي تكون بلا كرامة.
كانت الكدمات على الجسد، واثار الضرب بادية للباحثة الاجتماعية، التي ما ان رفعت الامر للقاضي بمعية المحامية حتى امر لها بالتفريق وحضانة البنت ونفقة مناسبة وتوفير دار سكن.
وحين عدنا إلى الدار بعد كسب قضيتنا، عانقتني طويلا وبكت فرحا، لكنها قالت لي : وماذا لو تعرض لي؟
عندها اجبتها ضاحكة: سأسحقه كما فعلت بفيان المتعجرفة المتكبرة.. فتعالت ضحكاتنا وهي تحتضنني وابنتها الصغيرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى