د. محمد عباس محمد عرابي - التوكيد اللفظي أسلوباً بلاغياً (دراسة في متن صحيح البخاري) للباحث / محمود عبد الجبار

التوكيد اللفظي أسلوباً بلاغياً دراسة في متن صحيح البخاري رسالة تقدم بها الباحث /محمود عبد الجبار محمود إلى مجلس كلية التربية في جامعة الموصل، وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في الأدب العربي بإشراف الأستاذ المساعد الدكتورة /نزهة جعفر حسن 1423 هـ/2002م
وفيما يلي تعريف بهذه الدراسة من خلال ثلاثة محاور نذكرها بنصها كما ذكرها الباحث على النحو التالي :
المحور الأول :موضوع الدراسة ومنهجها ومراجعها :
ذكر الباحث أن النص القرآني والحديث النبوي الشريف ومثلهما الدراسات القرآنية والحديثية تعد منطلقاً أصيلاً للدراسات البلاغية ، فعلوم الحديث ـ بعد علوم القرآن ـ أفضل العلوم
وأعلاها ، وأجل المعارف ، وقد تحققت رغبة الباحث في هذا النمط من الدراسة حين شرع برحلة اختيار الموضوع ، وبعد سلسلة من المشورات والمقترحات جاء ( التوكيد اللفظي أسلوباً بلاغياً ، دراسة في متن صحيح البخاري ) عنواناً لهذه الدراسة باقتراح من الأستاذة المشرفة الدكتورة نزهة جعفر ، بعد أن كان المقترح الأول ، أن تكون تحت
عنوان ( التوكيد دراسة بلاغية في صحيح البخاري ). غير أن استقراء الأحاديث في الصحيح أشار إلى أن الموضوع في غاية السعة ، لتعدد أساليب التوكيد وتنوعها ، فكان المقترح الثاني أن يتم الاقتصار على نوعٍ واحدٍ من أنواع التوكيد ، فكان التوكيد اللفظي محور هذه الدراسة.
*أسباب اختيار الموضوع :
بعد الدراسة والتمحيص تحصلت قناعة راسخة لدى الباحث بجدوى دراسته لأسبابٍ:
أولها: جدة الموضوع حيث لم تحظى له دراسة أكاديمية ـ في حدود علم الباحث ـ
وثانيها: إن الدراسات القرآنية أخذت مساحةً واسعةً في الدراسات البلاغية مقارنةً بدراسات الحديث النبوي ، التي لم تحض بما هي جديرة به من اهتمام في جانبها البلاغي.
ومن هنا كانت دراسة الباحث لهذا الأسلوب ممثلةً في أصح كتاب ـ بعد كتاب الله تعالى ـ وهو صحيح أبي عبد الله بن إسماعيل البخاري ( ـ 256 هـ ). والذي تواترت أحاديثه بإجماع العلماء.


*منهج الدراسة :
أما المنهج الذي سار عليه البحث ، فهو المنهج التحليلي في الكشف عن دقائق التوكيد اللفظي البلاغية في الصحيح ، بما يثيره من انفعال في المتكلم والمخاطب. كما عمد البحث إلى مبدأ الانتقاء من الأحاديث ، وهي ـ في نظر البحث ـ أقرب دلالة من غيرها وبخاصة في فصل ( أغراض التوكيد اللفظي ) وكانت الإشارة في الهوامش لأحاديث أخرى مشابهة في الغرض.
*أبرز مراجع البحث :
اعتمد البحث على ( صحيح البخاري ) مصدراً رئيساً للأحاديث ، كما اعتمد بعض شروح البخاري ، منها شرح الكرماني ( ـ 786 هـ ) المسمى ( صحيح أبي عبد الله البخاري بشرح الكرماني ) ، وشرح ابن حجر العسقلاني ( ـ 852 هـ ) المسمى ( فتح الباري في شرح صحيح البخاري ) ، وشرح العيني ( ـ 855 هـ ) المسمى ( عمدة القاري شرح صحيح البخاري ) ، وشرح القسطلاني ( ـ 923 هـ ) المسمى ( إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ).
كما اعتمد من كتب البلاغة ( دلائل الإعجاز ) لعبد القاهر الجرجاني ، و ( المثل
السائر ) لابن الأثير ، و ( الايضاح في علوم البلاغة ) للخطيب القزويني.
ومن التفاسير والدراسات القرآنية (الكشاف) للزمخشري ، و ( البرهان في علوم
القرآن ) للزركشي ، و ( الإتقان في علوم القرآن ) للسيوطي.
ولكتب النحو نصيب وافر في البحث فكان كتاب سيبويه في مقدمتها ، ثم مصادر أخرى ومراجع حديثة أفاد منها البحث.
كما اعتمد البحث على مراجع حديثة في البلاغة منها ، ( البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري ) للدكتور محمد حسنين أبو موسى ، و ( الأسس النفسية لأساليب البلاغة
العربية ) للدكتور مجيد عبد الحميد ناجي.
*صعوبات البحث :
أشار الباحث إلى الصعوبات التي واجهت البحث ، ومنها قلة المصادر والمراجع التي تتحدث عن البلاغة النبوية ، وبخاصة علم (المعاني) ، وهي بلاغة تحتاج إلى دقة وبصيرة لأن قائلها نبي يوحي إليه. وهذا ما جعل الباحث يجدّ في البحث رغبةً في الوصول إلى الهدف.
المحور الثاني :مكونات الدراسة :
تكونت الدراسة من تمهيد وفصولٍ ثلاثةٍ وخاتمة:
التمهيد :
اشتمل التمهيد على فقرٍ ثلاث ، حيث تم الأخذ بأسباب المنهج التاريخي في تأصيل أسلوب التوكيد ، والتوكيد اللفظي:
الأولى: التوكيد في معاجم اللغة والمعاني.
الثانية: التوكيد اللفظي في اصطلاح النحاة.
الثالثة: التوكيد اللفظي في اصطلاح البلاغيين.
الفصل الثاني :
الفصل الأول: أساليب التوكيد اللفظي :
وقسم إلى قسمين:
أولهما التوكيد اللفظي بالمفردة ، والثاني التوكيد اللفظي بالجملة.
ويشمل التوكيد اللفظي بالمفردة ، الاسم واسم الفعل والمصدر والضمائر. أما التوكيد اللفظي بالجملة فيضم توكيد الجملتين الاسمية والفعلية.
الفصل الثاني: أغراض التوكيد اللفظي :
حيث دار حول أغراض التوكيد اللفظي التي استخرجت من السياق وقرائن الأحوال ، وجو النص ونفسيته ، وقد تم تناولها الباحث في إطار المفردة والجملة على نمط ما جاء في الفصل الأول.
الفصل الثالث: بلاغة التوكيد اللفظي في الصحيح:
قام الفصل الثالث على دراسة بلاغة التوكيد اللفظي في الصحيح ، في إطار أربعة محاور:
الأول : دراسة الجانب الشكلي للتوكيد اللفظي في صحيح البخاري ، وتشمل وجوده في النص ، متمثلاً بالكلمة أو الجملة ، وما يحمل من قيمة بلاغية.
الثاني: دراسة الجانب الدلالي ، ويشمل المعاني التي يؤديها التوكيد اللفظي ، وما تثيره في المخاطب من استجابة ، وما تحدثه من تأثير وانفعال فيه.
الثالث: دراسة الجانب الإيقاعي للتوكيد اللفظي ، وما يثيره من انفعالات وما يقدمه من دلالات ايحائية في النص.
الرابع: دراسة فنون بلاغية في إطار التوكيد اللفظي ، وتشمل التشبيه ، والاستعارة ، والكناية … الخ.
واختتم البحث بخاتمة ضمت أفكار البحث الرئيسة ونتائجه المهمة التي توصل إليها.
المحور الثالث :نتائج الدراسة وتوصياتها :
ذكر الباحث أن من أبرز النتائج والتوصيات التي توصل إليها ،و تدل على أهمية التوكيد اللفظي في متن صحيح البخاري ما يلي :
  1. إن التوكيد اللفظي عرف عند النحويين ، وقد استطاع البحث أن يعرفه بأنه ( إعادة اللفظ أكثر من مرة لداعٍ بلاغي ) ، فعندما تتكرر لفظة في إطار التوكيد اللفظي فلابد أن تخرج إلى غرض بلاغي يفهم من السياق.
  2. لاحظ البحث أن التوكيد اللفظي نوع من التكرار عند البلاغيين ، ولكنهم فرقوا بينهما ، إذ أن التوكيد اللفظي شرطه الاتصال ، وألا يزيد على الثلاثة ، أما التكرار فقد خالفه في الشرطين.
  3. إن أسلوب التوكيد اللفظي لم يرد إلا في الأمور الهامة حين يقتضي المقام التنبيه على خطورة الأمر ، وعظم الشأن ، فالتوكيد اللفظي يؤثر في النفوس ، إذ يدخل القلوب ويخاطب العواطف ، فيتأثر السامع ، وتتحقق الاستجابة والفائدة المتوخاة.
  4. كشف البحث عن أن النبي الكريم عندما يريد توكيد أمر على وجه الثبوت والاستمرار فإنه يلجأ إلى استعمال الجملة الاسمية. وعندما يريد توكيده على وجه الحركة والحدوث مع الاختصار ، فإنه يلجأ إلى استعمال الجملة الفعلية.
  5. يرد أسلوب التوكيد اللفظي غالباً في الحديث الشريف ، للمبالغة في المعنى عندما يتطلب الموقف تحريك الأذهان وإثارة الانفعال ، من أجل تحقيق الاستجابة المناسبة لدى المخاطب.
  6. أكد البحث أن التوكيد اللفظي لا يؤدي بمفرده معنى متكاملاً ، وإنما يستخرج المعنى من سياق الحديث بكامله وإيحائه على المعنى المقصود ، فيوحي مثلاً بأنه جاء للفت انتباه السامع ، أو تمكين المعنى ، أو الزجر أو التحذير ، أو تحريك الهمة ، أو اللوم والتأنيب أو الاستغاثة أو الندبة … الخ.
  7. لاحظ البحث أن عدداً كبيراً من النصوص أفادت غرض ( تمكين المعنى في النفس ) ، إذ أن النبي الكريم صب اهتمامه على اللفظة المتكررة من أجل ترسيخها في ذهن السامع ، لأنها تشير إلى أمور عظام وخطوب جسام حرّي بالمسلمين أن يتنبهوا عليها.
  8. كان لتوكيد الضمائر مساحة واسعة في حجم بنية التوكيد اللفظي ، لضرب من المبالغة ، ولتقوية المتعلق بها.
  9. اشر البحث أن أغراض التوكيد اللفظي في الصحيح ، كثيرة لا يمكن حصرها ؛لأن الغرض يستخرج من السياق وقرائن الأحوال ، وهي كثيرة في الصحيح مثل غرض الاكتفاء والندب والكراهة والتشويق والتغليب والتأنيس والتوجع والفخر … الخ.
  10. إن أسلوب التوكيد اللفظي غالباً ما يكون وسيلة لإثارة التشويق ، وجذب انتباه المخاطبين ومتابعتهم للنص ، مما يثير الانفعال والاستجابة المناسبة.
  11. لاحظ البحث أن هناك صور بلاغية مجازية ، من تشبيه ، واستعارة وكناية ، إذ تعد هذه الصور وسيلة للإقناع والتأثير وترسيخ المعنى في أذهان المخاطبين ، لأنها أوقع فعلاً في النفس ، وأقوى تأثيراً في المتلقين.
  12. توصل البحث إلى أن الأحكام التي جاءت ضمن أسلوب التوكيد اللفظي في الصحيح ، غالباً ما تكون في العقيدة الإسلامية وفرائضها لذلك كان هذا الأسلوب من الأساليب المهمة التي تتطلب رسوخ المعنى في النفوس والامتثال والانصياع والتنفيذ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى