في كل مرة ، كانوا يستبدلون فيها غلافي الخارجي الذي لم يمنعني من التجسسِ على الكثير من الرؤوس، كنت أدرك ، ما أن يتوسدني رأس احدهم ،مقدارَ الهمّ الممتلئ به، وكم يحمل من الأحلام..
كنت أستغرب كثيرا من تلك التناقضات في لحظات صراع أفكارهم وأضحك لسذاجة أحلامهم البسيطة..
وكوني مُستخدَمة في فندق تكاد تكلفته لا تذكر ، وأكثر رواده من أصحاب الرؤوس كثيرة الهموم : عتالين، مخمورين يعيشون على هامش الحياة، وعمال بناء جاؤوا من مدن أخرى بحثا عن عمل..لذلك وقع الهمّ عليّ ، كنت أشاطرهم معاناتهم ؛ ودائما كان يؤرقني مهموم يبكي بساخن دمعٍ ينساب على وجه غلافي الأبيض، فأمتصهُ ُمشارِكةً إياهُ مشاعره وهواجسه، فما أن يُفتح باب الغرفةِ حتى يشدني الفضول لمعرفة مايدور في رأس النزيل الجديد، علّه يحمل رأسا يختلف عن رؤوس سابقيه. لكني كنت أشعر بخيبة أمل لعثوري على قصة كسابقاتها ببطل اخر وسيناريو جديد.
ولكثرة ما توسدني السوقة من النزلاء، لم يبقَ في ذاكرتي الا أثنان يختلفان عن الآخرين .
فذاك الأربعيني ببشرته الداكنة، الذي لم يكُ يضعني تحت رأسه ، بل تتوسدني ذراعاه، فيتمتم بكلمات غير مفهومة ومن ثم يتحسسني حتى يغفو؛ فأسقط إلى الأرض ، وأحمد الله على نعمة السقوط.
أما الخمسيني، فقد كان، كل يوم ، يخفي عن إدارة الفندق قنينة عطر قديمة مملوءة بالخمر في طيات غلافي ؛ وبعد أن ينتصف الليل وينتهي من الرشفة الأخيرة أصبح أنا محطَ اهتمامهِ، فيجلسني أمامه بعد أن يثنيني ، يقص لي قصة أملاكه المفقودة وأحلامه المبددة، ومن ثم يصفعني لعدم تفاعلي معه ، يضعني تحت قدميه ليقول لي : هذا مكانكِ، أنتِ مثلهم. وما أن يغفو وتمتلئ الغرفة بصوت شخيره ، يميل جسده قليلا؛ فأسقط أنا على الأرض، وأحمد الله على سقوطي مرة اخرى .
بعد فترة من الاستخدام المتنوع ، تعبتّ وبهتَ غلافي ، قرر أصحاب الفندق استبدالي بوساد جديدة ، فأخذوني إلى محرقة ليست بعيدة .
هناك تعرفت على زميلاتي الوسائد من الغرف الأخرى . وما أن أُضرمت بنا النارُ ،حتى تصاعدت أعمدة دخان امتلأت بهموم المئات ممن أسندوا رؤوسهم إلينا .
كنت أستغرب كثيرا من تلك التناقضات في لحظات صراع أفكارهم وأضحك لسذاجة أحلامهم البسيطة..
وكوني مُستخدَمة في فندق تكاد تكلفته لا تذكر ، وأكثر رواده من أصحاب الرؤوس كثيرة الهموم : عتالين، مخمورين يعيشون على هامش الحياة، وعمال بناء جاؤوا من مدن أخرى بحثا عن عمل..لذلك وقع الهمّ عليّ ، كنت أشاطرهم معاناتهم ؛ ودائما كان يؤرقني مهموم يبكي بساخن دمعٍ ينساب على وجه غلافي الأبيض، فأمتصهُ ُمشارِكةً إياهُ مشاعره وهواجسه، فما أن يُفتح باب الغرفةِ حتى يشدني الفضول لمعرفة مايدور في رأس النزيل الجديد، علّه يحمل رأسا يختلف عن رؤوس سابقيه. لكني كنت أشعر بخيبة أمل لعثوري على قصة كسابقاتها ببطل اخر وسيناريو جديد.
ولكثرة ما توسدني السوقة من النزلاء، لم يبقَ في ذاكرتي الا أثنان يختلفان عن الآخرين .
فذاك الأربعيني ببشرته الداكنة، الذي لم يكُ يضعني تحت رأسه ، بل تتوسدني ذراعاه، فيتمتم بكلمات غير مفهومة ومن ثم يتحسسني حتى يغفو؛ فأسقط إلى الأرض ، وأحمد الله على نعمة السقوط.
أما الخمسيني، فقد كان، كل يوم ، يخفي عن إدارة الفندق قنينة عطر قديمة مملوءة بالخمر في طيات غلافي ؛ وبعد أن ينتصف الليل وينتهي من الرشفة الأخيرة أصبح أنا محطَ اهتمامهِ، فيجلسني أمامه بعد أن يثنيني ، يقص لي قصة أملاكه المفقودة وأحلامه المبددة، ومن ثم يصفعني لعدم تفاعلي معه ، يضعني تحت قدميه ليقول لي : هذا مكانكِ، أنتِ مثلهم. وما أن يغفو وتمتلئ الغرفة بصوت شخيره ، يميل جسده قليلا؛ فأسقط أنا على الأرض، وأحمد الله على سقوطي مرة اخرى .
بعد فترة من الاستخدام المتنوع ، تعبتّ وبهتَ غلافي ، قرر أصحاب الفندق استبدالي بوساد جديدة ، فأخذوني إلى محرقة ليست بعيدة .
هناك تعرفت على زميلاتي الوسائد من الغرف الأخرى . وما أن أُضرمت بنا النارُ ،حتى تصاعدت أعمدة دخان امتلأت بهموم المئات ممن أسندوا رؤوسهم إلينا .