ذاكرة الماء

هل أجبر الأعداد المتبقّية، وأقول خمسةَ أشهر عشتها مع حبيبتي هُنا...؟ أم أُعدّدها يومًا يوما، فتكون أقلَّ من خمسة أشهر؛ لكن سأكسبُ زمنًا في العدّ، ودهشةً في الكثرة، ربما هكذا نُخادع أيامنا حين نريدُ أن نخلق الحبَّ ذاكرةً بطيئة.
.
كان اليومُ الأول مساءَ التاسع من كانون الثاني، أذكرُ تفاصيله التي تدفأتُ بها، واتّقيتُ المطر...؛ وكنا فيه على موعدٍ مع قول درويش: « هل التقينا كثيرا؟ مرتين..؛ مرةً تحت المطر، ومرة تحت المطر، وفي المرة الثالثة....»
‏لم تتركي درويشَ يُكمل، وأنتِ العارفة بما سيقول؛
‏.
‏لهذا نطقتِ بحبّ ووجع:
يا حبيبي؛ أنتَ ذاكرتي.
ولا أريد من الدنيا غير رائحة قهوة؛ تُعدها لي في الصباح..؛
أنتَ حواسي وهي تغرق في كوب قهوة:
أشمها.. أتذوقها.. أنظر إليها.. أسمعكَ تغني باسمها......،
ألمسها؛ لأنسى بسوادها بياضَ الذاكرة الأليمة.
.
ونطقتِ راقصة:
كُن غامضًا، حتى يحتكّ فكركَ بفكري، ونُشعل الدنيا وضوحا.
‏قبّلني..
‏تحدث لغتي بلغتك، أليست اللغة لسانًا؟ وقد ذقتَه وعرفتَه.
‏أبدِع قهوتي بمذاقك، سأدخّنكَ لتبقى هواءً يحوم حولي.
.
قهوتكَ جُرح مائي؛ حين أشربُها من فم الوقتِ...
فأبتلعَ الزمانَ...!

‏لهذا يا حبيبي:
غنِّ.. وغنِّ.. وغنِّ.. وغنِّ..وغنِّ..وغنِّ..وغنِّ..وغنِّ ......
‏حتى يُفتضّ الزحام،
‏وحتى يمتلئ جوفُ البندقيّة لحنًا
‏يطير من ماءٍ إلى ماء.
___

أُنس ... مابين تاسع كانون وأول حزيران
2022م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى