فراس عبدالرزاق السوداني

في متجر ضخم، زاحمتُ أمس بغير قصد طفلةً صغيرة تجرّ سَلّة مُشتريات بسعادة طاغية ومشقّة بادية، فنبّهتني برُبع لِسان قائلة: «دَ بالَك.. د بالك!». كانت أُمّها وراءها مباشرة، فترجمَت لي قولها، فإذا قصدها: «دِيْر بالَك!». تبسّمت للصغيرة ضاحكاً، تأسّفتُ ومسحت بكفّي على مفرق شعرها الذهبيّ، فبادلَت بسمتي...
واعذِلُونا...! فالهوى أرَبُ * حملُهُ في بؤسنا تعبُ وكفاحُ الموت سلوتُنا * وخلاصٌ صوته عَذِبُ بين رشّاش يُهَلهِلهُم * قاصفَ الأشعار، يَنتخبُ وأبابيلٍ سقَت لهُمُ * من حميمٍ رِيُّهُ لهبُ بين ما يُلقُون من حُممٍ * فوق مَن لم يُلهِهِ اللعبُ ليس كالأطفال في دَعة * ظِئرُه البارود والغضبُ مسَّهُ...، ما...
متى ترتاحُ من نَبضِ.. تغيبُ بِظُلمة الغَمضِ؟ متى تُلقي عَصا التّرحال مِن أرضٍ إلى أرضِ؟ وتدنو من شواطِي العُمرِ، في مَدٍّ وفي قَبضِ؟ وتبذُلُ من عُرامِ العُمرِ ما لسكونهِ تُفضيْ؟ متى عن سابحاتِ الرّوحِ في ملكوتهِ تُغضيْ؟ تُلَمْلِمُ مِن بقايا النَّجمِ والشِّعرَى سناً بَضِّ؟ وتُطفِي باهيَ الأقمارِ...
في طلعةِ تسوّق قُبيل المغرب، وقعَت عيني اليوم على منظرٍ لطالما لفتني أمثالُه، منظر يُثير فيّ -كلَّ مرّة- معاني مؤتلفة ومختلفة في آن، إنّه منظر جَدّ يُمسك بيد حفيدٍ من حَفَدته! نظراتُ الحفيد مُعلّقة بوجه جدّه تدور معه حيثُ دار، ونظرات الجدّ مُنتقلة مع كلّ ما يتحرّك حولهما ويدور، كأنّها تُغلّف...
كانَ يغبط نفسَه على منجزات حقّقها، لم يُشاركه فيها أحد، مُتوهّجَ الوجه، منفرجَ الأسارير، مؤجّلَ الظلّ إلى حين.. وكيف يكون لمثله ظلّ والأضواء تغمره من كلّ جانب؟! هكذا هم البشر، منهم من تؤجّل آماله وتحضر آلامه، ومنهم من يُطوّف من الغبطة في الهواء، فيؤجّل ظلُّه وأشياء أخرى. ويختلي يوماً بنفسه في...
بعدَ إيماضة عُمْرٍ.. طالَ في الوهمِ كثيراً وهْو أيّامٌ وآهاتٌ وأحلامٌ ستُنسَى: هل لهذا القلب مرسَى؟! ** أم سَيبقى سائحَ الرّوحِ شَريداً في بلادِ اللهِ.. يرعَى كُلَّ نجمِ؟! عبقريَّ الهَمِّ والهائمُ يأسَى أم سيُرديهِ طِماحٌ في خَبايا النَّفس دُسّا؟! ** هل سيَمضي بحنينٍ.. ينهشُ الذاتَ بظُفرِ...
مدّ يده لصفحة النيل، يُعمّدها مراراً وتكراراً بمائه الطهور، أمواجه تلطم صفحة سياج المقهى، نوارسُهُ تحوم بحذاء الجالسين عند ضِفّته على طِوار السياج، رأى فيها نوارسَ دجلة، رغم ما بين النيل والفرات من شبه وصلة.. رأى دجلة في النيل وطيوره عند مقهى «قصر النيل». قالوا قديماً بأنّ دجلة النهر الخالد...
أعجبُ شيءٍ في الوجود هذا الذي نُسمّيه الوطن.. شيء نعيش فيه، وهو في الحقيقة يعيش فينا، نُحبّه حتّى التضحية بالمال والأهل والنّفس، ولا ندري إذا ما بادلنا حُبّاً بحُبّ... بحثتُ في أعماق نفسي عن هذا الشيء كثيراً، وفي مراحل مختلفة من عُمُري الذي جاز النصف قرن بعام واحد اليوم، فلم أجد له تعريفاً...
أيومي ساءكِ، أم كان أمسيْ؟ أقلّي اللوم عن خطرات بؤسيْ! فهذا القلب مذبوح، ويأبى.. مُناكفة على أطلال حِسِّ يُعافر ألف هَمّ في ثبات ويكبو؛ إن دنت كفٌّ لجَسِّ وتقتله المعاني غائمات وثغرٌ بين تَمْتمة ونَبْسِ وأبكارٌ عدتهُ إلى عَييٍ فسامَ القولَ فيها كلَّ بخسِ وذنبي أنّني بالرُّوح أشري شريفَ اللفظ من...
صَمتـي عَقيقٌ أُرجُوانيْ.. يلتـاعُ من شُـعَل الجَنانِ مـن عُمقِ شِيرازَ العَتيقة راعَهُ طِيبُ المغـانـي صمتي اغترابُ الوجهِ واليدِ، واصطباراتُ اللسـانِ وتلجلجُ الكلماتِ مَزّقها الرَّحيلُ إلى المعـانـي وهو احترابُ الذاتِ أقلقَها الوصولُ إلى الأمانـي والغايةُ اللا تَنتهي، إلا على حَدِّ الزمـانِ...
بعد ليلة طويلة قضيتها في بحثٍ شاقّ استحوذ على فكري وأذهب النوم عن عيني، بكّرتُ في الخروج إلى المكتب، فاجتمع عليّ في الطريق غبشُ الضباب الذي لفّ أجواء بغداد أمس والتعب وقلّة التركيز بسبب الأرق.. بعد عمل ساعتين في المكتب، قررتُ الخروج لمراجعة دائرة حكوميّة في منطقة «الشوّاكة» بجانب الكرخ من بغداد،...
متى ترتاحُ من نَبضِ.. تغيبُ بِظُلمة الغَمضِ؟ متى تُلقي عَصا التّرحال من أرضٍ إلى أرضِ؟ وتدنو من شواطِي العُمرِ، في مَدٍّ وفي قَبضِ؟ وتبذُلُ من عُرامِ العُمرِ ما لسكونهِ تُفضيْ؟ متى عن سابحاتِ الرّوحِ في ملكوتهِ تُغضيْ؟ تُلَملِمُ من بقايا النَّجمِ والشِّعرَى سَناً بَضِّ؟ وتُطفِي باهيَ الأقمارِ في...
في الصّمت، قدَّستُ الحُروفْ.. وفهمتُ معنىً ظلَّ في خَلَدي يطُوفْ في الصمتِ.. حينَ يفوزُ غيري بالكلامِ وأرتضي صَبرَ الشَّغُوفْ؛ ترتاحُ من ضَبحٍ جِيادي.. عادياتٍ للحُتُوفْ! وأنامُ نصفَ الجَفنِ.. أحلمُ أن تُراودَ رغبتي بلقائها.. أبكارُ أبكارِ المعاني من عَرانين الحروفْ 22/ 9/ 2017م
قال لي فتى في السابعة عَشْرة: ما لك تُدِيم النّظر إليّ، كأنّك تعرفُني، يا شيخ؟! قلتُ له: أعرفُكَ وتُنكرني، يا فتى! قال: وأين عَرفتني ومتى، وأنا لا أتذكّرُك؟! قلتُ: التقيتُك قبلَ سبع وعشرين سنة، مِن يومِ النّاس هذا.. كُنّا -أنا وأنت- رفيقي دَرب، أو قل: كُنّا واحداً، إنْ شِئت! تعجّبَ الفتى قائلاً...
في طريق عودتي من طبيب الأسنان مساءً، مِلتُ إلى مقهىً معروف بجانب الكرخ من بغداد. اخترتُ أن أجلس خارجاً، رُغم القَرّ والصِّرّ.. اتَّكأت على الأريكة بفراشها الوطيءِ الوثيرِ.. وضعت رِجلاً على رجل وأخذتُ نَفَساً عميقاً من هواءٍ مُنعش لم يُكدّره سوى نُسَيمات دُخان من أركيلة جارٍ على طاولة قريبة...

هذا الملف

نصوص
19
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى