د. سيد شعبان - في الحلم!

ترآت لي الليلة؛ ربما لأنني افتقدتها منذ فترة؛ وجهها المستدير قرص الشمس ينطق بالحياة؛ بدت شاحبة تعلوها صفرة؛ تكتفي بأن تدون ما تسمع لكنها لاترى؛ حاولت قراءة ما بين شفتيها؛ تأبت!
لم تعد بذلك الشعر الوردي؛ نحيلة في ثوب أبيض؛ الآن تذكرت موكبها عرسها الجنائزي؛ قساة حاولوا نزع زينتها!
اقتربت منها؛ تمعن في الابتعاد؛ خايلت بيدي؛ أحاول مصافحتها مرحبا بها؛ كما عطر الربيع تبعثره رياح الخماسين؛ أعدو خلف طيفها؛ تشيح بوجهها؛ تلتف حولي تلك الأعلام كما رؤوس الشياطين؛ أفعى تكاد تخنقها؛ أضرب بعصاي؛ يهزأ بي الذين يحاصرون البلدة العتيقة، أفر منهم، تتكاثر تلك الخفافيش؛ تتجمع عند مدخل باب المغاربة، تأتي في زمرة من الأطفال تقذفهم بالحجارة؛ تبلغ بي الدهشة حدا لايمكن تصوره؛ هذا الدرة وقد تلفع بعباءة خضراء؛ تمسك بطرفها تلك السيدة التي تشبه العذراء مريم؛
-هل التقيتما؟
- أسالها؟
- تبتسم لي!
تتشم كلاب سوداء محبرتها؛ ترفع عقيرتها؛ تنبح في صخب؛ يتوافد جند إبليس؛ يكادون يخنوقنها؛ تفر من بين أيديهم؛ يعلو طيفها فيغطي سماء المدينة متوشحة بالعلم الأخضر؛ في زاوية من حارة؛ عند ناصية تربض شجرة زيتون؛ يقال غرسها خليل الله؛ تسكن حمامة؛ تحملها طيفا
أسرع وراءها؛ تحوطنا الغربان السوداء؛ في كل مكان أسرابهم؛ تتعالى أصوات من حناجر تهتف باسمها؛ يغرسون أشجار الزيتون تتجذر في الأرض المباركة؛ أصحو وقد افترشت شمس الضحى حجرتي؛ تمسح صغيرتي بكفها على رأسي؛ تبتسم لي؛ تسألني:
-هل كانت شيرين جميلة؟
أومأ لها:
نعم!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى