محمود سلطان - الوثيقة.. شعر الجزء الأول - (على بحر الرمل)

الوثيقة (1)


هلْ صَحيحٌ كانَ ـ حقاً ـ أنبياءْ ؟
خبِّرونيْ !
قدْ أشَاعَ الأدعَياءْ:
هُمْ بأحشَاءِ التُّرابْ
رُبَّما هَذا صَحيحْ
رُبَّما ذاكَ افْتراءْ
كُلٌ شَيءٍ قدْ تَوَارىْ في حَكَايَاهُ وَغابْ
كَمْ وَثَقنا في كَلَامٍ.. ثمَّ أخْطَأنا الحِسابْ
رُبَّما لا شَئَ ـ أصْلاً ـ أو سَرَابْ

كَمْ وَقَعنَا في شراكِ الشَّائِعاتْ
والحَكَايَا المُضْحِكَاتْ
ألّفَتْهَا.. شُرْطَةُ الأَمْنِ الرِّئَاسيْ
في ألَاَعيبِ "الكَرَّاسيْ"
لُعبةُ "الإِبْليسِ" في عَقْلِ السّيَاسيْ
في الخَفَايَا والخَفَاءْ
سُرّبَتْ مِنْ ضَابِطِ الأَمْنِ المُلٌكَلّفْ
بالبَغَايَا والغِنَاءْ
رَائِدِ الفَنَّ المُزيّفْ
بَينَ صُنَّاعِ النُّجومْ
مِنْ بَقَايَا عُشْبِنا المَخْلوطِ جَهْلاً بِالْغيومْ
باَلنّفَايَاتِ الَّتيْ تَحشو الوِسَائِدْ
حِينَ نَغْفو أو نَقُومْ
لا تُبَاليْ بالشّدائدْ
أو مَرَايَاْ تَختَفيْ خَلْفَ الهُمُومْ
بَينَ أطفَالٍ تُغَنّيْ كُلُمَا جَاعَتْ.. تَصُومْ
في حَكَايَا مِنْ فَمِ الجِدّاتِ تُروىْ
عَنْ مَعانيْ حَدّقَتْ خَلْفَ التّخُومْ
لا سِجِلّاتٌ هُنالكْ
لعَنَاوينَ يَمينيْ أو شمَالكْ
بالسَّماواتِ العُلا فَوقَ الأَرَاضينِ الَّتي وَسطَ حبالكْ
مَا عَرَفنَا غَيْرَ أسْمَاءٍ تَوَارَتْ أو مَمَالكْ.
قَد يَكُون الأمْرُ مِنْ تَأليفِ سمْسَارٍ قَديمْ
مِنْ كِبَارِ الأثْريَاءْ
تَاجرُ الأديَانِ لِصٌ يَقتفيْ إِثرَ الضَّحَايَا الأغبيَاءْ


خبِّرونيْ
هَلْ كَمَا قِيلَ لِجِيليْ
ذَاكَ أفيونٌ تَخفّى في السّحَابْ
ليسَ للْوحي كِتَابْ
أينَ مُوسىْ ؟ أيَنَ عِيسىْ
والنّبيوْنَ الصّحابْ؟

خبِّرونيْ
لا وِثَائقْ
لا شُهُودْ
لا نقوشٌ بِحَجَرْ
لا سُطُورٌ في جُلُودْ
أو عَلاماتٌ بأَغصَانِ شَجَرْ
ما عَرَفنَا غَيرَ أسْمَاءٍ بِلا أَدنَىْ أَثرْ
مَنْ ـ إِذَنْ ـ يَأتيْ بِسُلْطانٍ عَلَى هَذَا الوُجُودْ؟
شَاهدٌ ـ لا غَيرَ ـ أَوْثَقْ
اسْألوا عنْهُ مُحَمَّدْ
  • Like
التفاعلات: عبد المنعم شوقي

تعليقات

أسلوب الصدمة!!
شخصية الكاتب الصحفية والإعلامية تأبى ألا تفارقه، وهو هنا وظفها بحرفية شديدة بل واستخدم فنون التسويق فعمل على إثارة حالة من الجدل والترقب و(التوغوش) ثم واصل وأبى إلا الإثارة فعمد أن يظل الترقب مؤججا، فنشر قصيدته على جزئين!
وهنا كما في كثير من نصوصه الأدبية تجد المفكر والصحفي يشاركان بل يناوشان الأديب فلا يخلو النص من فكر راقي ومعلومة يعرفها القليلون في إطار أدبي قد يغمض أحيانا لكنه يستحث المحب المتعجب لسبر أغواره واقتحام أسواره وفك طلاسمه، ثم يقرأه مرة أخرى متلذذا معجبا،
وهنا ترى المفكر والصحفي يقفان حول الأديب وخلفه ولكنه أتى بهما إلى ساحة لا يستخدم فيها إلا أساليب الصحافة الشريفة ونتاج الفكر الإيماني،
أسلوب جد شائق وأطروحات صادمة موجودة واستهلال مدهش،
ولعله رفق بالقراء فجعل خاتمة الجزء الأول ضياء، فأبى ألا يتعجلون في النقد بله العداء والرمي بما يبدو من الأبيات، فختمها مسك الختام،
موفق يا أستاذ وبالتوفيق.
 
أعلى