د. سيد شعبان - مرافيء

لم ترس سفينة الحكايات بعد، ما يزال البساط السحري يمتد طائرا في سماء عربية؛ ما بين الخليج والمحيط تتوالى أحلام موءودة وخيالات باتت ضامرة هزيلة؛ نتهرب من واقع متأزم إلى حلم مسور مكبل في أرساف من عتمة، ثمة شعارات أزهقت عند مقصلتها زهور يانعة؛ الورقة والقلم وأبيات من شعر عنترة العبسي؛ نزهو بفخر عمرو بن كلثوم؛ نترنم بآيات الذكر الحكيم؛ " اقرأ باسم ربك الذي خلق" " علم بالقلم" " علم الإنسان مالم يعلم" نثر وشعر ثم وقائع الراحلين في مسارب الزمن، عمرو بن العاص وجيوش الفتح؛ عقبة بن نافع؛ عطفا على خالد بن الوليد والشام سنابك المرسلات عرفا.
علقت تلك الصورة الكلية بمخيلة الفتى؛ عربي يرنو ببصره ناحية القدس؛ تسرى دماء الشهداء في شرايينه؛ سيفيات المتنبي وفروسية أبي فراس الحمداني، خيول عربية تسبح في بحر الظلمات.
ثم انكسر الحلم يوما، كلت يد أمي من رتق الثياب؛ انغرست نصال حمراء في قلبها.
يوم بدر يتعانق مع العاشر من رمضان؛ هل كتب على جيلنا أن يعاصر مرارة الذبول؟
تتمدد الخلايا السرطانية في جسد أمتنا ذات الاثنتين وعشرين متاهة، أسوار عالية يصعب على الفارس العربي أن يقفز فوقها؛ دونه عيون شاخصة وكلاب حراسة مفترسة، ثم بعد نغني أمجاد وتصدح إذاعات البيانات الأولى بأننا عند باب المغاربة؛ والسيقان عارية والسوءات ظاهرة في جبلاية قرود.
أن الشرق ولم تنكشف عن عيونه تلك الحجب.
تعب ناجي العلي من حمل حنظلته، صنعاء عين البردوني انطفأت قناديلها؛ سراب محفوظ غطى زقاق المدق حتى بين القصرين، لم تعد بعداد تتسع لبلقيس الراوي فبيروت ترتدي عمامة سوداء؛ هل كتب على ديوان العرب أن يتورم بكاء على المدن والممالك؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى