رأيتُك البارحة- بينما كنتُ أُحكم إغلاق قلبي، تنتظرني -عاريًا- على قارعة الليل، حتى أعودَ من حلمي الطويلَ بكَ، ولمَّا عدتُ- بعد أن أيقظتَني- سألتُك: لماذا أنت هكذا دون ملابس؟!
أجبتَني: الليل ستِّير يا فتاة، ثم إنني أُنجبُ ذاتي بدل من أن تُنجبيني كل ليلةٍ، وقد تخلَّيتِ عن ذلك مؤخَّرًا، ولعلمكِ لن يراني عاريًا إلا أصحابُ القلوب الدافئة، فانفتحتْ سُدادة قلبي، وركضتُ نحوكَ، فأدرتَ لي ظهركَ، بعد أن نظرتَني نظرةً خشبيَّةً، ثم مشيتَ فوق الصخر حيث غاصت قدماك الكبيرتان فيه، واستمرَّ غوصُكَ حتى اختفى عن ناظرَيْ شَعرُكَ الأبيض الذي أحب.
وددتُ قبل أن تختفيَ، أنْ أقدِّمَ لك كوبًا حارًا من الشاي، وأكونَ الملعقة التي تحرِّك بها قطعة السُّكر التي لن تذوب إلا بها، وتمنَّيتُ كذلك أنْ أُعدَّ لكَ طعام الإفطار، وتعبق رائحةُ الخبز الشهيِّ الذي سأخبزه بيدَيْ من أجلكَ، ثم أضع داخله الكثير من الجبن والقليل من النعناع والكمون والفلفل الأحمر، وفوقه ملعقةٌ من زيت الزيتون؛ لينصهر الجبن داخل رغيف الخبز؛ بعد أن أضغطه بمكبسة الجُبن الحديديَّة، وقد وضعتُها فوق النار، تشتمُّ رائحته الشهيَّة، فتنتبه من شرودكَ، وصمتكَ الطويل.
ربما كنتَ تفكر في أشياء تخصُّك جدًا، على الأغلب لستُ منها ،،،، صح؟!
صوتي الذي تُتقن ترجمة نبراته بجُملٍ لم أكن أقولها، لكنَّك كنتَ تُتقن ترجمتها بدقةٍ مرعبةٍ.
حاجباي اللَّذان كنت أرفع أحدهما، وأُنزل الآخر، فتبتسم لمشاكستي هذه.
نزَقي الطفولي، وأنا أقرأ أحد نصوصك الشاهقة، وأكذِّب بعض ما ورد فيها من تفاصيل -عن حبيبتك- لا تشبهني.
الصمت الذي كان يبدو فراغًا بين قصصي المتوالية التي رغم كل ثرثرتها وتشعِّبها، كنتَ تسمعها عن آخرِها، بحبٍ، وتكتفي بكلمة آه، أو نعم، بين سطرٍ وآخر.
روحك القريبة، القريبة جدًا- حدَّ التوأمة - من روحي، من أفكاري تلك التي طالما أنجبتْ قصصكَ، وتبنَّتْ أفكارها ببراعة فيلسوفٍ حاذقٍ ، وتشابكتْ مع أبطالها.
إصبعي الأعوج الذي كنتَ تُعيدُ تقويمه، كلما شعر بالنقص، منحتَه جناحين، فلطالما كنت تقول لي- كما كان يقول لي أبي رحمه الله-:
هو أجمل ما فيكِ، إنه علامتك الفارقة التي إن ضيَّعتُكِ-وكم أخشى ضياعك!- سهَّلتْ عليَّ طريق الوصول إليكِ.
فظاظتي، وأنا أوصيكَ أكثر من مرةٍ أن تأخذَ كبسولتين من الباندول الأسود، وأؤكِّد على "أسود" كي يسكن ألم صداعٍ رهيبٍ أمسك برأسك.
-ربما بسبب أحاديثي المتشعبة
والتي لا تستوعبها إلا رأسك الجميلة- رأسك التي أحب، تلك التي لا تشبه رأس أحدٍ أبدًا.
غضبي الذي لم تجد له يومًا أي تبريرٍ إلا تسرُّع طفلتي، وتهوِّرها في الحكم على الأمور، و لعله طمع طفلتي ذاتها، بحبك الكبير.
سوء مزاج النت ،اللعين، الذي كان يُمعن في قطع آحاديثنا الشائقة، ولعله سوء مزاجكَ، أحيانًا، الذي كنت أعيا في سبيل تعديله، فتفشل كل خططي التي جهَّزتها للتحدِّث إليك، عن أدق تفاصيل يومي، والتي كنت أخبِّئها تحت وسادتي قبل أن تدقَّ الثانية صباحًا- فينفذ الوقت والآحاديث والغضب، لأهمس لكْ قبل أن أعودَ للنوم:
أن توقظ شجرةً، خيرٌ من أن توقظ طفلةً.
إيمان فجر السيد
أجبتَني: الليل ستِّير يا فتاة، ثم إنني أُنجبُ ذاتي بدل من أن تُنجبيني كل ليلةٍ، وقد تخلَّيتِ عن ذلك مؤخَّرًا، ولعلمكِ لن يراني عاريًا إلا أصحابُ القلوب الدافئة، فانفتحتْ سُدادة قلبي، وركضتُ نحوكَ، فأدرتَ لي ظهركَ، بعد أن نظرتَني نظرةً خشبيَّةً، ثم مشيتَ فوق الصخر حيث غاصت قدماك الكبيرتان فيه، واستمرَّ غوصُكَ حتى اختفى عن ناظرَيْ شَعرُكَ الأبيض الذي أحب.
وددتُ قبل أن تختفيَ، أنْ أقدِّمَ لك كوبًا حارًا من الشاي، وأكونَ الملعقة التي تحرِّك بها قطعة السُّكر التي لن تذوب إلا بها، وتمنَّيتُ كذلك أنْ أُعدَّ لكَ طعام الإفطار، وتعبق رائحةُ الخبز الشهيِّ الذي سأخبزه بيدَيْ من أجلكَ، ثم أضع داخله الكثير من الجبن والقليل من النعناع والكمون والفلفل الأحمر، وفوقه ملعقةٌ من زيت الزيتون؛ لينصهر الجبن داخل رغيف الخبز؛ بعد أن أضغطه بمكبسة الجُبن الحديديَّة، وقد وضعتُها فوق النار، تشتمُّ رائحته الشهيَّة، فتنتبه من شرودكَ، وصمتكَ الطويل.
ربما كنتَ تفكر في أشياء تخصُّك جدًا، على الأغلب لستُ منها ،،،، صح؟!
صوتي الذي تُتقن ترجمة نبراته بجُملٍ لم أكن أقولها، لكنَّك كنتَ تُتقن ترجمتها بدقةٍ مرعبةٍ.
حاجباي اللَّذان كنت أرفع أحدهما، وأُنزل الآخر، فتبتسم لمشاكستي هذه.
نزَقي الطفولي، وأنا أقرأ أحد نصوصك الشاهقة، وأكذِّب بعض ما ورد فيها من تفاصيل -عن حبيبتك- لا تشبهني.
الصمت الذي كان يبدو فراغًا بين قصصي المتوالية التي رغم كل ثرثرتها وتشعِّبها، كنتَ تسمعها عن آخرِها، بحبٍ، وتكتفي بكلمة آه، أو نعم، بين سطرٍ وآخر.
روحك القريبة، القريبة جدًا- حدَّ التوأمة - من روحي، من أفكاري تلك التي طالما أنجبتْ قصصكَ، وتبنَّتْ أفكارها ببراعة فيلسوفٍ حاذقٍ ، وتشابكتْ مع أبطالها.
إصبعي الأعوج الذي كنتَ تُعيدُ تقويمه، كلما شعر بالنقص، منحتَه جناحين، فلطالما كنت تقول لي- كما كان يقول لي أبي رحمه الله-:
هو أجمل ما فيكِ، إنه علامتك الفارقة التي إن ضيَّعتُكِ-وكم أخشى ضياعك!- سهَّلتْ عليَّ طريق الوصول إليكِ.
فظاظتي، وأنا أوصيكَ أكثر من مرةٍ أن تأخذَ كبسولتين من الباندول الأسود، وأؤكِّد على "أسود" كي يسكن ألم صداعٍ رهيبٍ أمسك برأسك.
-ربما بسبب أحاديثي المتشعبة
والتي لا تستوعبها إلا رأسك الجميلة- رأسك التي أحب، تلك التي لا تشبه رأس أحدٍ أبدًا.
غضبي الذي لم تجد له يومًا أي تبريرٍ إلا تسرُّع طفلتي، وتهوِّرها في الحكم على الأمور، و لعله طمع طفلتي ذاتها، بحبك الكبير.
سوء مزاج النت ،اللعين، الذي كان يُمعن في قطع آحاديثنا الشائقة، ولعله سوء مزاجكَ، أحيانًا، الذي كنت أعيا في سبيل تعديله، فتفشل كل خططي التي جهَّزتها للتحدِّث إليك، عن أدق تفاصيل يومي، والتي كنت أخبِّئها تحت وسادتي قبل أن تدقَّ الثانية صباحًا- فينفذ الوقت والآحاديث والغضب، لأهمس لكْ قبل أن أعودَ للنوم:
أن توقظ شجرةً، خيرٌ من أن توقظ طفلةً.
إيمان فجر السيد