د. محمد عباس محمد عرابي - أسلوب الالتفات في شعر الرواد العراقيين للباحث محمد الحسيني

أسلوب الالتفات في شعر الرواد العراقيين للباحث محمد الحسيني رسالة تقدم بها محمد جاسم محمد عباس الحسيني إلى مجلس كلية التربية في جامعة بابل، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها إشراف الدكتور عدنان حسين العوادي1425هـ /2004 م
وفيما يلي عرض للدراسة أسباب اختيارها، منهجها مكوناتها، نتائجها كما ذكرها الباحث محمد الحسيني نذكرها على النحو التالي:
أسباب اختيار الموضوع :
هناك دوافعُ عديدة دفعت الباحث لاختيار موضوع أسلوب الالتفات في شعر الرواد العراقيين من أبرز هذه الأسباب :
*حب الباحث للبلاغة العربية بكل تقسيماتها وتفريعاتها لما فيها من نكات لطيفة والتفاتات ظريفة ولاسيما ما أشار إليه البلاغيون القدامى . وقد كانت حصيلة قراءة الباجث عن البلاغة تقتصر على الشعر العربي القديم ولذا بدا للشاعر أن يدخل في بلاغة الشعر العربي الحديث .
*تساؤلات الباحث :
فلقد كان يقف الباحث متفحصاً نصاً شعرياً حديثاً لاسيما شعر الرواد، وهو: هل الشاعر العربي الحديث لم يزل بليغاً كما هو حال الشاعر العربي القديم؟ وإلى أي مدى يستطيع هذا الشاعر أن يطبّق مفهوم البلاغة الأصيل ( مطابقة الكلام لمقتضى الحال ) على نتاجه الأدبي ؟
هذا السؤال هو الذي حدّد للباحث معالم هذه الدراسة فقد قرر الباحث دراسة النص الشعري الحديث دراسةً تقرب في منهجيتها – إلى حد ما – من منهج دراسة الشعر العربي القديم مع الأخذ بنظر الاعتبار التطورات التي طرأت على المناهج النقدية وعلى النص الشعري نفسه ولاسيما و أن الباحث يدرس شعر الروّاد العراقيين المؤسسين والمنظّرين والمطّبقين لصورة الشعر الجديد من أوزانٍ وتفعيلاتٍ وموسيقى وصور شعريةٍ وعلاقاتٍ جديدةٍ ولغةٍ معاصرةٍ ، أي أنهم – بشكل عام – هم الذين جدّدوا في الشعر العربي شكلَه ومضمونَه ، ومن هنا تأتى أهمية دراسة أشعار هؤلاء الروّاد .

أما تحديد الشعراء الخمسة ( بدر شاكر السياب ، ونازك الملائكة ، وعبد الوهاب البياتي ، وبلند الحيدري ، وشاذل طاقة ) موضوعاً للدرس والبحث فقد تّم من قبل مجموعة من الأساتذة المختصين بالأدب العربي الحديث منهم الاستاذ عناد غزوان والدكتور عدنان حسين العوادي والدكتور قيس حمزة الخفاجي .

و أما اختيار الباحث موضوع ( الالتفات ) دون غيره من الموضوعات ليكون مادةً لهذه الرسالة فلأن من خلال هذا الأسلوب يستطيع الشاعر أن يعبر عما يختلج في نفسه من معانٍ ورؤىً داخلية تكمن وراء النص الخارجي ، أي أن هناك حافزاً داخلياً لانتقال الشاعر من أسلوب إلى آخر لكي يتّم التوصل إلى المعنى الذي يقصده . فقد وجد الباحث أن دراسة هذا الأسلوب سترشد الباحث إلى اقرب المعاني التي قصدها الشاعر واقول ( أقرب ) لانّ تحليلَ النصوص عملية تعتمد كثيراً على الحدس . فاذا ما توصلت إلى اقوى الحدوس في تحليل الدوافع التي تقف وراء التفات الشاعر فإن الباحث سيكتشف ما إذا كان الشاعر قد أحسن استخدام هذا الأسلوب أم لا ، ومن ثم عرض الباحث فكرةَ البحث هذه على أساتذته وزملائه فرحّبوا بها وشجّعوه على دراستها .
*طريقة تحليل النصوص:
طريقة تحليل النصوص التي من خلالها يتّم التوصل إلى دوافع الالتفات من أسلوب إلى آخر فقد اعتمد الباحث فيها بالدرجة الأساس على الذوق الأدبي الخاص ومدى فهمه واستيعابه للنص الشعري وليس هذا كل شيء فإن الذائقة - بشكل عام – تنمو وتتطور من خلال القراءة والاطلاع لهذا فقد استعان الباحث في تحليل وتعليل نصوص الالتفات بالدراسات النقدية الحديثة والدراسات اللغوية والسيرة الذاتية للشعراء الرواد .
مكونات الدراسة: تكونت الدراسة من: تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة
*التمهيد: هو الإطار النظري للالتفات تتبعاً وتنظيراً
*الفصل الأول: تناولت فيه القسم الأول للالتفات وهو قسم خاص بـ (الخطاب ، الغيبة ، التكلم ) وقد جاء هذا الفصل على ستة مباحث :
  • الالتفات من التكلم إلى الخطاب
  • الالتفات من الخطاب إلى التكلم
  • الالتفات من التكلم إلى الغيبة
  • الالتفات من الغيبة إلى التكلم
  • الالتفات من الخطاب إلى الغيبة
  • الالتفات من الغيبة إلى الخطاب
*الفصل الثاني: تناولت فيه القسم الثاني للالتفات وهو قسم خاص بالأفعال ( الماضي ، المضارع ، الأمر) وقد جاء هذا الفصل على أربعة مباحث
  • الالتفات من الفعل الماضي إلى فعل الأمر
  • الالتفات من الفعل المضارع إلى فعل الأمر
  • الالتفات من الفعل الماضي إلى الفعل المضارع
  • الالتفات من الفعل المضارع إلى الفعل الماضي
*الفصل الثالث : تناولت فيه القسم الثالث للالتفات وهو قسم خاص بـ ( المفرد والمثنى والجمع ) وقد جاء هذا الفصل على مبحثين :
  • الالتفات من المفرد إلى الجمع
  • الالتفات من الجمع إلى المفرد

*الخاتمة : وفيها اهم النقاط التي توصل الباحث إليها خلال دراسته وبحثه لهذا الأسلوب حيث توصل الباحث إلى :


  1. إنّ الشاعر العراقي الرائد متمكّن من اساليب العربية لاسيما اللغوية منها ، إذ أن أسلوب الالتفات- في شكله الخارجي – عبارة عن أساليب لغوية بحتة تحمل في طياتها الروح البلاغية الجميلة .
  2. إنّ الشعراء قد تمكنّوا من إبراز دور أسلوب الالتفات في خدمة اتجاهاتهم الشعرية وما تحفل به هذه الاتجاهات من جدّة وحداثة شكلاً ومضموناً .
  3. إنّ الشاعر العراقي الرائد استطاع من خلال هذا الأسلوب أن يعبر – بصورة مباشرة أو غير مباشرة – عمّا يختلج في نفسه، لاسيما أن أسلوب الالتفات أسلوب يعتمد على استقراء ماوراء النص وابراز الدوافع النفسية التي دفعت الشاعر إلى الالتفات في تعبيره .
  4. إن النص الشعري لدى هؤلاء الشعراء لم يفقد قدرته على توظيف الاساليب البلاغية بما يخدم جمالية التعبير أي أنه لم يبتعد عن قوانين البلاغة العربية وهذا ناتج عن اطلاع الشعراء على النتاج الشعري القديم وتشربهم روحه البلاغية الأصيلة.
  5. من خلال دراستي لأسلوب الالتفات تمكنت من الوقوف على أقرب المعاني التي اراد الشعراء إيصالها إلى المتلقي.
  6. إنّ ابرز سمة تميّزت بها هذه الدراسة عن غيرها من الدراسات البلاغية القديمة هي انها خرجت بما له صلةٌ بالمضمون الشعري الجديد ، ولاشك في ان هذه السمة لا يمكن ان نتوصل اليها من خلال دراسة الشعر العربي القديم ، فدراسة التفاتات المتنبي وابي تمام والبحتري وغيرهم من الفحول تختلف اختلافاً شاملاً في الشكل والمضمون عن دراسة التفاتات السياب ونازك وبلند والبياتي وشاذل وهذا المعيار واضح في الميزان النقدي اذ ان الوسيلة قد تكون واحدةً في دراسة الشعر لكن لا يمكن ان تعطي هذه الوسيلة النتائج نَفسَها اذا ما دُرس بها نصّان مختلفان زمنياً.
  7. إن أسلوب الالتفات يمتلك من المرونة والانسيابية ما تجعله يتنوع ويتعدد في صوره من عصر إلى آخر، وهذا ما اثبتّه في تمهيد هذه الرسالة.
  8. إنّ دوافع الالتفات قد تكون متشابهو او متكررةً بين اقسامه المختلفة اذ انه قد يؤدي التفات الشاعر من التكلم إلى الخطاب الفائدة التي يؤديها التفات الشاعر نفسه او غيره من التكلم إلى الغيبة وهكذا . فوجد الباحث ان الدوافع لا يمكن ان تنحصر او تحدّ بضابط معين ولكن يؤتى بالفائدة على حسب الموضع الذي يرد فيه الالتفات إذ أن الحاكم على هذه الالتفاتات – وكما اشار ابن الاثير في المثل السائر ( 5:2 ) – هو المعنى المقصود في ذلك النص ، وعلى هذا وجد الباحث أن قسمين أو أكثر من أقسام الالتفات اشتركت في الدافع الواحد فعلى سبيل المثال – وكما هو مبين من خلال تحليل النصوص – دافع (المبالغة والتفخيم ) فعلى الرغم من اشتراك النصوص في هذا الدافع إلا أن الباحث وجد أن الفائدة لم تتم بهذا الا شتراك وإنما تمت من خلال توظيف الشاعر لهذا الدافع (المبالغة والتضخيم ) لكي يؤدي خدمة المضمون الشعري الذي ورد فيه الالتفات ، ولاشك في أن هذا المضمون يختلف من نص إلى اّخر ومن شاعر إلى شاعر آخر ، فالنصوص الملتفت فيها وإن اشتركت في الدافع إلا أنها اختلفت في المضمون الذي يؤديه هذا الدافع .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى