لا أظنّ أني أخطأت يومَها بانكشافي عليه، وما شعرْتُ حينَها برعدة الخجل، وإن كانت قرْصَةُ البرد هي التي جعلتني أنكمش على ذاتي. وها أنا الآن، وبكامل قوايَ العقلية، لا أرى بأني اقترفتُ ذنباً أو آتيتُ عيباً بعد مرور أشهر على تلك الحادثة، وما الذي يدعوني للخجل ؟ وقد تعرّيت أمامه كما تعرّى أمامي، فواحدة بواحدة والبادي أظلم، إني حتى لأكاد أنسى تلك الحادثة إن كان فيها ما يُخجِل، بل على العكس فأنا أحلم بها في هدأة الكرى، وأشتاق لتكرارها لما فيها من حميم اللقاء، هذا إن أتيح لي أن ألتقيه ثانية.
وحدث كلُّ شيء ساعتَها بسرعة وبلا مقدّمات، وتركته يفكفك أزراري ويحلّ عنّي إزاري، واستسلمتُ لإقباله عليّ، واسترخيت بين يديه، لدقائق، حتى أحسَسْتُ به يسترخي ويضمحلّ، عندها عرفت أنّه قضى منّي وطرَه. فتركته مُغمَض العينين خجولاً، وأنا أرمقه، وأزيل وأمسح عن جسدي بقاياه وثمالاته، وكان لا يجرؤ أن ينظر إليّ وكأني أنا من نلت منه، وحقّقتُ من جسده مُبتغاي.
وكان يغمد أعضاءه المشتّتة خائفاً، كمجرمٍ يخشى آلات التصوير المعلّقة في السّقوف للمراقبة والتسجيل، وما كنت لأخجل من أعضائي المطعونة !
كان يريدني أن أخرج من ناظريه، وما كنت لأريد الخروج، ولماذا أخرج ؟
وكان السكون يحلّ علينا بكتمانه، كالظلام الذي كان قد أرخى سدوله، كلانا واجمان، ولابدّ لأحدٍ منا أن يبدّد الصمت، ليسكِتَ فوعة الطنين في الآذان المنصتة.
وأغمضتُ ساعتها عيوني عن دقائق الانتظار المَقيتة التي أنهاها صوت الباب الذي صفقه خلفه، لقد خَرَج، وخرجتُ خلفه. وعرفتُ من الدوّامات التي يسير فيها بأنه في متاهة، ولا يلوي على شيء، وكنتُ مثله أتبعه ، ضائعة، ولا أنوي على شيء!
الآن وبعد ستة أشهر على تلك الحادثة، أراه، وأواجهه كغريب، ويغضّ الطرف وكأنه لا يراني.
أحاول مصافحته، ويسحب يده الباردة، وأنا التي خبرتها حارّة!
أنا التي يجب أن تخجل أيها الرجل، أنا الإمرأة، وأنا التي يجب أن تنسحب برأسها كالسلحفاة تختفي خلف درعها.
وحضرتُ عرسَه على امرأةٍ غيري، صديقتي، وآثرتُ أن أحضر بكامل أناقتي وأنوثتي، وأن أرقص، بحضرته كعريسٍ على منصّة، وأرقص كمجنونة ، فرحة ، فاقدة لذاكرتها ، وأقترب منه لألتقط عيونه التي ما زالت هاربةً مني.
ويلكِ يا صديقتي المحبّبة ! نحن شريكتان فيه، لا بل قد سبقتكِ إليه، أو سبقكِ إليّ. وسأزوركِ غداً، سأزوركما مراراً وتكراراً، ولن أملّ زيارتكما حتى أرى عينيه حُرّتين منّي، طليقتين، وغير هاربتين. عندها سأعرف أنكِ ملأتِ ذاك الفراغ في نفسه، وفي مخيّلته.
وجاءتني صديقتي بعد أشهر، تبكي، إذ رمى عليها اليمين، وكان الأمر متوقّعاً، لكن ليس بهذه السرعة !
وبعدها واجهْتُه، كنت أريد معاتبته وتبكيته على تعسّفه.
لكنّي فوجئت بعيونه هذه المرّة تنهبني، تفترسني، تأكلني، فهربتُ منه أنا بعيوني. وأين أهرب، إلى المتاهة الشوارعية نفسها ، أسير، وأسير، ولا أعرف لي وجهة، وكنت أعرف أنه يتبعني، ومغناطيسه يجذبني، ولم أجرؤ أن أنظر إلى الخلف لأني عندها سأرى عيونه، تلتقطني، تلقي القبض عليّ كمتّهمة. وقد يطلب مني تمثيل جريمتنا ثانية ، وعندها سأقول، مهلاً سأعترف بأني أحبك، لكن سأعترف فقط ، هذه المرّة، أمام القاضي والشهود.
عندها ، وعندها فقط ، سأسمح لعيونكَ النّهمة أن تشبع مني .
ولن أدعها تشبع
سأتفنّن كلّ يوم في اقتناص عيونك، كطريدة ترمي عليها شباكك، ولا تصيدها.
لكنها تقف متعبة من المطاردة اللذيذة ، لتنحشر في زاوية الاستسلام المؤقّت المرَضيّ الحتميّ ، الذي لا بُرءَ منه.
*******************
وحدث كلُّ شيء ساعتَها بسرعة وبلا مقدّمات، وتركته يفكفك أزراري ويحلّ عنّي إزاري، واستسلمتُ لإقباله عليّ، واسترخيت بين يديه، لدقائق، حتى أحسَسْتُ به يسترخي ويضمحلّ، عندها عرفت أنّه قضى منّي وطرَه. فتركته مُغمَض العينين خجولاً، وأنا أرمقه، وأزيل وأمسح عن جسدي بقاياه وثمالاته، وكان لا يجرؤ أن ينظر إليّ وكأني أنا من نلت منه، وحقّقتُ من جسده مُبتغاي.
وكان يغمد أعضاءه المشتّتة خائفاً، كمجرمٍ يخشى آلات التصوير المعلّقة في السّقوف للمراقبة والتسجيل، وما كنت لأخجل من أعضائي المطعونة !
كان يريدني أن أخرج من ناظريه، وما كنت لأريد الخروج، ولماذا أخرج ؟
وكان السكون يحلّ علينا بكتمانه، كالظلام الذي كان قد أرخى سدوله، كلانا واجمان، ولابدّ لأحدٍ منا أن يبدّد الصمت، ليسكِتَ فوعة الطنين في الآذان المنصتة.
وأغمضتُ ساعتها عيوني عن دقائق الانتظار المَقيتة التي أنهاها صوت الباب الذي صفقه خلفه، لقد خَرَج، وخرجتُ خلفه. وعرفتُ من الدوّامات التي يسير فيها بأنه في متاهة، ولا يلوي على شيء، وكنتُ مثله أتبعه ، ضائعة، ولا أنوي على شيء!
الآن وبعد ستة أشهر على تلك الحادثة، أراه، وأواجهه كغريب، ويغضّ الطرف وكأنه لا يراني.
أحاول مصافحته، ويسحب يده الباردة، وأنا التي خبرتها حارّة!
أنا التي يجب أن تخجل أيها الرجل، أنا الإمرأة، وأنا التي يجب أن تنسحب برأسها كالسلحفاة تختفي خلف درعها.
وحضرتُ عرسَه على امرأةٍ غيري، صديقتي، وآثرتُ أن أحضر بكامل أناقتي وأنوثتي، وأن أرقص، بحضرته كعريسٍ على منصّة، وأرقص كمجنونة ، فرحة ، فاقدة لذاكرتها ، وأقترب منه لألتقط عيونه التي ما زالت هاربةً مني.
ويلكِ يا صديقتي المحبّبة ! نحن شريكتان فيه، لا بل قد سبقتكِ إليه، أو سبقكِ إليّ. وسأزوركِ غداً، سأزوركما مراراً وتكراراً، ولن أملّ زيارتكما حتى أرى عينيه حُرّتين منّي، طليقتين، وغير هاربتين. عندها سأعرف أنكِ ملأتِ ذاك الفراغ في نفسه، وفي مخيّلته.
وجاءتني صديقتي بعد أشهر، تبكي، إذ رمى عليها اليمين، وكان الأمر متوقّعاً، لكن ليس بهذه السرعة !
وبعدها واجهْتُه، كنت أريد معاتبته وتبكيته على تعسّفه.
لكنّي فوجئت بعيونه هذه المرّة تنهبني، تفترسني، تأكلني، فهربتُ منه أنا بعيوني. وأين أهرب، إلى المتاهة الشوارعية نفسها ، أسير، وأسير، ولا أعرف لي وجهة، وكنت أعرف أنه يتبعني، ومغناطيسه يجذبني، ولم أجرؤ أن أنظر إلى الخلف لأني عندها سأرى عيونه، تلتقطني، تلقي القبض عليّ كمتّهمة. وقد يطلب مني تمثيل جريمتنا ثانية ، وعندها سأقول، مهلاً سأعترف بأني أحبك، لكن سأعترف فقط ، هذه المرّة، أمام القاضي والشهود.
عندها ، وعندها فقط ، سأسمح لعيونكَ النّهمة أن تشبع مني .
ولن أدعها تشبع
سأتفنّن كلّ يوم في اقتناص عيونك، كطريدة ترمي عليها شباكك، ولا تصيدها.
لكنها تقف متعبة من المطاردة اللذيذة ، لتنحشر في زاوية الاستسلام المؤقّت المرَضيّ الحتميّ ، الذي لا بُرءَ منه.
*******************