السعيد عبدالغني - ما شاهدت قد أكل بؤبؤك وحدسك

لا أصدق الموت، إنه مجاز ميتافيزقي، يندلع من خارج المعنى الذي أتخيل. ولم يتبرأ ابدا من واقعيته في الاختفاء، والظهور التشكيلي في متون الثقافة من الدين للشعر الخ.
*
لا تفقدني دمعتي
إنها نرجسيتي الوحيدة
على حجريتي
ودليل طيفيتي.
*
لم أخف من قصيدة دمعتي
لمدح بلاغتها
ولم أشذب ألوهية المجاز
لإبعاد تشبيهي به.
لم أكتب إلا لعمارة البرزخ مع الموت
ولضيقي بعجزي عن تطبيب المتألم غيري.
*
إن كسرت حيز الموحي من الخارج، حزت المجاز كمنطوق دائم. هيا أخلق في أي شيء نورا وعتمة، إنها مشيئة القدس الذي في الصدر.
*
دلني على مجاز أخير
يصمت لغتي نهائيا
ويكفيني عنها.
دلني
لتسري الدلالات في دمي مع الخلايا
ويقول كلي الكل.
*
نشوتي بالموسيقى تعادل نشوة الجرح بالنور ونشوة الجفن بالكحل ونشوة الحلمة بالحنة.
*
موتي من مخلوقاتي المتدنية
وحياتي من مقام الاحتمال.
*
أمتني ماشيا لمكتبة
ولا يمكن إلا أن تكون عيون امرأة.
*
مسرحي الحقيقي خراب فارغ من الأشخاص
وصوتي الحقيقي صدى الصرخات في بطون الذرات
أما أنا فانا أخرى غير التي أعرف ويتم تعريفي بها.
*
خفت النزوع للتنفس
وزاد النزوع للتخلي.
وانا تغذية التخلي لا الإرادة.
*
سقمي من حجاب نشع
ولم يتعرى بأكمله
كوشاح على نهد وحيد وكئيب.
*
اللهم إن نشوتي العالية بين الاغبرة النجمية
أنكستني لأنها لا تدوم سوى في القصيدة
والشعر يغلب جسدي وطاقته.
*
للاسف
ليس لدي مذابح لأعترف فيها
الورق في أحيانا كثيرة موطىء الذنب
وموطىء التخليد للآن
ومدبغة ما لا أعرف فيما أظن أني أعرف..
*
ليس للحياة معنى
أكثر مما تخلقه
وان لم ترد
فالعب مع الآن.
وليس للشعر وظيفة
الخيال الجامح ينتشي بشعوره أثناء الجري
ولا تنشيه النهاية.
الأنظمة وهمت بمفاهيم البدايات والنهايات
وما بين ١ و ٢ قدر كبير من اللانهائية.
*
التعب الذي يصيبني من مجاورة الآخرين، أكثر من التعب الذي يهلكني في الوحدة. أدرب ملامحي، صوتي، حركاتي، نظراتي. وليت المسرح يستحق وليت الدراما لها جدوى. بل لا أحد يناظر المخيل.
*
لم يشفني الإيمان بأي شيء
كان هشا دوما أمام النفي
والصدق التي تخلو منه الالهه
ربما صدقت بعض آلهه الفلاسفة
لهذا أكتب كتابا عنهم.
لم أعلمن أيضا ذاتي بالكامل
ولم أرد متني بعد لشيء
لازلت أمشي في مجاري الشعر
ولن أخرج من بين اللانهائيات
لأصلي.
*
ليست الكآبة هبة من الالهه
ولكنها ليست أيضا لعنة
هي كبد يحمل السموم
ويصير الجسد كله.
*
لم أفرح بنشر كتابي
أكثر مما فرحت بسيجارة في ليل شتوي
أغلقت الدكاكين فيه
ووجدتها في كتاب لنيتشه.
فرحي بسيط جدا
لكن كآبتي معقدة
كدمي الملىء بالكثير
وقلبي المليء بالجثث
وراسي المليئة بالاكوان.
*
العالم كرة غازية
الذات
الذرة
ولا شيء في الشيء تدركه
غير طيفي.
*
لا أريد أن تذكرني الصحف
كفى قلبي أمي ورؤوس الحشاشين
وعيون الغريبات التي شطحت فيهن
لا أريد أيضا الخروج من الظل
النور يجلدني أكثر في الذات
ولا يدلني.
لا أريد أيضا أن أمسك كتبي
لتسيل المعاني في السحابة الإلكترونية
وتختفي مع أبكاليبس العالم
حتى أني أخبرت أمي أن تحرق جثتي
فلا أحب مفهوم الأطلال
فلا شيء في العالم يذكر.
*
ثمة شعراء لا يكتبون
وربما هم الأكثر صدقا
كون البلاغة لم تعطل معناهم
ومجتمعات المثقفين لم تستخدمهم.
ثمة شعراء أشعر ممن حصلوا على الجوائز
لكن لغتهم خاصة في بيتهم وأصدقائهم .
ثمة شعراء لم يدخلوا الاسراب
وحافظوا على سرهم ووحدتهم
لكن لم تتحدث عنهم الصحف
ولا يهمهم أعداد القراء.
ثمة شعراء أثناء الكتابة فقط
وذكوريين أو آلهه خارج الكتابة،
ثمة صفات لا أصدقها
منها صفة شاعر.
*
لم أحب أشياء كثيرة في العالم
لا أعلم هل أنا كريه
أم أن لا شيء يستحق؟
لا أحب ما يحبه أغلب الناس
ولا ما يحبه الشعراء
سطح البيت منبري الوحيد
ومعناه قوتي ورابطتي بالعالم.
ذاتي أيضا أعاملها كآخر قريب
كغصن بجوار قلبي
لكن هناك من هو فيه.
لم أحب أكثر ما ورثت من ملامح وصفات وأفكار
ولا ما ينعتني به الآخرين ولا ما أنعت به نفسي
ولكني لا أتمنى شيئا أن يعود أو يأتي
فالقطار لا يبرح المحطات.
لكني سأظل أدافع عن حقي في الحب
بمقاومة التفاهة
والحفاظ على وحدتي وصدقي.
*
لا تسلك الدروب لا شيء في نهايتها لا تعرفه
غير ألمك المعتق ووجوهك المشوه
ما شاهدت قد أكل بؤبؤك وحدسك
وظفر العالم بمعناك القوي.
اعتزل التسبيحات للربات
والري البعيد والقريب.
الشاكوش كان عضوك الأكبر
واللغة كانت الفراش الليلي
واللون كان بذرة الشرود.
السعيد عبدالغني
لينك ديوان "في البدء كان العنف الأشعر"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى