محمد مزيد - مسيرة الخراف

فجرا، أصبح الناس يستمعون الى ثغاء الخراف، في مسيرة لها بداية وليس لها نهاية، دهشوا حينما وجدوا أن الخراف، تضع على رؤوسها قبعات كُتبت عليها " الويل لمن قتلنا " .. لا أحد في القرية، بقي نائما في فراشه، صباح ذلك اليوم، خرجت النساء يعتمرن العباءات بإرتباك واضح، ثم خرجت الفتيات من البيوت وهن يحاولن إزاحة آثار نوم ثقيل، كن يتقلبن فيه، بين الاحلام الوردية، تلك الاحلام التي لم تتحقق، بانتظار الفرسان الذين يمتطون الحصن البيض، حتى يركبن خلفهم أو أمامهم، خرج الرجال من البيوت وهم بملابس النوم، يعدلون ألبستهم الداخلية، كي لا يفوتهم مشهد المسيرة الراجلة للخراف، التي جاءت من جهة شروق الشمس، تسير بإتجاه غروبها، في الشارع الوحيد المترب في القرية، تصاعدت غمامة كبيرة من الغبار فوق رؤوس الخراف، لا أحد بمقدوره تفسير ما يجري، سيل متدفق من الخراف تسير مع ثغاءها الذي صم الاذان وأخذ يعلو شيئا فشيئا، ليصل صوتها الى القرى الأخرى، ولما وصل آخر الكباش في هذا السيل المتدفق الى نهايته، خرج الناس يتبعونها الى حيث هي سائرة، وهم في حيرة من أمرهم، إذ لا يمكنهم أن يعرفوا السبب الحقيقي، وراء هذه المسيرة الراجلة العجيبة، وجدوا الخراف تسير بدون رعاة، مما دفع كل واحد من الرجال والنساء أن يطمع بالحصول على خروف ليذبحه قربانا بهذا اليوم .
تجمع أهالي القرى الأخرى، المحاذية لهذه القرية، التي انطلقت في شوارعها مسيرة الخراف، وبدأ كل واحد منهم، يأخذ خروفا من تلك المسيرة الراجلة، يقرأ العبارة المكتوبة على قبعاتها ثم يرمي القبعة، كانوا يتجهون جميعا الى النهر، نهر المأساة، كان كل خروف يذبح في ذلك اليوم، يخرج بدلا عنه، من أعماق مياه النهر، شاب جميل مبلل، كل الشبان الذين خرجوا وهم بحدود الف وسبعمائة قتيل، كانوا فرحين لانهم عادوا الى الحياة، تنتظرهم الفتيات الجميلات اللواتي كن يحلمن بالفرسان حتى يأخذوهن الى اعشاشهن البيتية العامرة، نحرت الخراف على ضفاف نهر المأساة، وسال الدم الأحمر في شوارع القرية والقرى المجاورة الأخرى وطمس نهر الدم قبعات " الويل لمن قتلنا " ، فابتهج الأهالي لان الخراف المذبوحة، أخرجت الشبان القتلى من أعماق النهر ليعيشوا حياتهم من جديد مع فتياتهم الحالمات .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى