السعيد عبدالغني - مشاعل أخرى.. قصة قصيرة

نكتب على الجداريات أنا وهي، جداريات البيوت ذنوب أصحابها، لعدم قدرتنا على فعل شيء أمام طاغوت الناس.
وسائل شاعرية بعد فقدان امل تغيير أي شيء في المجتمع.
بعد وسائل فردية من الصراخ في الليل، حتى أفعال الدمار لنا كانت عنفا ضد الذات العاجزة عن فعل شيء من التحشيش للكحول. الخ.
صوابية الطفولة وغياب قيمها تماما في المجتمع أمر يعنف الذات ضد نفسها بعد بعض الوقت ضد كل شيء درءا للتحول إلى طور بليد للعوام.
لم نجد في هذا المجتمع شيئا مما يرفعه كشعارات، ولا قيم، فاتففنا على الكتابة على جدران البيوت كل ليلة لأحد هؤلاء الجهابزة في الفساد.
ولم يكن يخفى على أحد فسادهم، لكن التفاصيل جميعها لم تكن حاضرة لبعضهم عند جميع الناس، وهذا الدمغ بالكتابة يحرج، كون المعلوم والمحجوب أصبحوا عراة.
توجد في كل المجتمعات أشخاص يحملون ثورة لكنهم وحيدين من الشباب باطنا الذين يدركون الكثير بحكم عمرهم الوعيي والألمي وحكم تشعبهم في العائلات وحكم الطفولة التي لم تتدمر بعد ولم تتأدلج عائليا أو دينيا.
هي صحفية لديها شيب يحلي وجهها النوراني الاسمر، ربة كديمومة ونعتي بالجمال ب "ربة" لكني اخترتها ربة العدم، لأن العدم أقرب النعوت الذاتية لنفسي.
هي تكتب على صفحات الجرائد لكن لازال هناك مكبوتا بسبب الكثير الكثير من السلطات. كل شيء، شخص، مكدس بسلطات وقوانين وأعراف، الصفو عزه غائب وغيب وألم وقرح في المدى.
كتبنا أول ليلة على جدار المدينة جميعها رفات ما تبقى بنا من ثورة و عنف رقيق ضد كل شيء مثلا على جدار بيتنا كتبت وهي تتغنج والكحل يربي في شهية لحز شرياني لاني لن أشهد هكذا لحظات حقيقية ثانية، ولن أشهد جمالا لا يثمن بنور. كتبت ويدي ترتعش من وطء تاريخي مع عائلتي "لكم دين العالم، وللوحيد دين الحزانى، لا تقفز يا رب البيت من سطوح المنزل لجارتك "
وضحكت ضحكة غانية مغنية الدنيا التي خفتت وتطيفت، وقالت "هيا نذهب لمجلس المدينة نكتب على جداره، وذهبنا متعانقين، مشذبين الألم الذي يطفر والكفر الذي لا يكتمل من العجز.
مسكت ال spray وكتبت" القضية التي اتهمت فيها، سرها مع مجانين الشوارع"
وقد حاول اغتصاب امرأة ولم تتفق مع هواءه فقتلها ولم يشاهده سوى مجنون، كب كله لنا، في جلسة تحشيش، وغادر.
خفت جفنها، وعرج للأرض بعد الكتابة، ودمعت العيون بماء عشتار الذي رضع منه كل ما اختار خلوته وأهلية الوحدة.
وقلت لها" هيا لنذهب لبيت الاول، رغم أني لا اثق في بيته، في سكنه للأشياء، إلى أقرب مسجد الصوفية الوحيد في المدينة"
مسكت ال spray ولم أشعر بلونية ما بداخله، فشرطت يدي في الحائط، جرفتها كأني أجرف كل شيء، سال الدم وتؤددت في ماذا أكتب" وضعت علامات استفهام ونقاط وقبلة بشفتي المغموسة بالدم؟ "
وقلت لها هيا اكتبي على صدري ما تريدين، داخله فساد " فكتبت " مشاعل أخرى"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى