أحمد القنديلي - مرثية عدمية للوقت الأغبر

اشتقت للسقوط
للاندحار
فهناك بعض الجيَف
تنتظرني.
محمد الماغوط


وأنا إذ أغادر هذا المكانَ المزركش بالورد والقبلاتِ
دعوني أبقي شلوا من نفَسي
في هذا الهنا
أو ذاك الهناك.
نفَسي يتجول في اللا مكان
رحبوا بي في وقتيَ البرزخي
ربما أتناثر في ما وراء المكان
ريحا تتهادى
ينجر الغيم خلف تقاسيمها
يهمي
مطرا عطرا
يحيي شبقا آسنا
منذ ألف سنهْ.
ربما ضاق هذا المكان
اختفت كل الأمكنهْ
دحرجوا جسدي
نحو هاويتي
لا سلالم تفضي بي نحو هاويتي
الأمام هواء
الوراء هواء
ما وراء الأمام بقايا حصى ورمادْ
ما وراء الوراء
حروف تبحث عن بعضها
في ظلام يقود إلى
اسم كان
عشية أمس
هنا، أو هناك.
دحرجوني إذن في ما فوق هذا المكان.
فوق هذا المكانِ
أراكم جميعا ثمالى
تذبّون فوق الأرض ثكالى
خذوا حذركمْ
من تلك الهاويةِ
تلك هاويتي
انتظروا
ليتني لا أرى ما أرى
ما أراهْ:
حرب تئد الغنبازة في المهد
كي لا تكون الصولة والصولجان سوى للغبارِ
يفوح قذىً في المدى الممتد إلى آخره…
ها أنا أتدحرج تحت الغمام
صدئا
دحرجوا جسدي
نحو هاويتي
انصرفوا
حبذا لو تنصرفوا
ليس بيني وبين الغياب
سوى برزخ
لا يفضي إلا إلى الهاويهْ
فلتنصرفوا
هل أقول انتهيت إلى نقطة البدء؟
هل أقول ابتدأت؟
ليس لي بدء
بدئي بدء اللابدء
وقولي يحَيِّنني الآن وسْط بقايا هذا الرخامْ
فليذهب قولي
إلى حتفه الأبدي
كي يبقى لي أثري
يحكي بدئي في البدء الذي لا بدء له في الزمانْ
لا بدء له في المكانْ
دحرجوني إذن نحو هاويتي
أيهذا الخراب
احتفل بانقطاع الماء،
بانقطاع الهواء.
احتفل بالدمار الآتي من جوف الماء.
بالماء ابتدأت
فكان اسمي جسدا
بالماء انتهيتُ
فكان اسمي
صوتا
لصدىً يتوغل في دهليز الزمان.
أيهذا الفراغ
دع بعض الوقت البهي
يتهادى قليلا في أرجاء الصمت
الواهب للعطر والرقص والألوان.
تحتاج إلى سِنةٍ أخرى
كي ترى صوتك المعدني
يتزحلق في بلعوم القيلوله
لي إذن أن أنام الآن
كي أرى جسدي يتصاعد نحو الفراغ.
فلأذهب بعيدا
نحو حدود الخراب
وليذهب معي
كل من يهوى فوضى الأمشاج
وفوضى اختلاط الأشياء.


أحمد الفنديلي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى