ولا نورس يلوح في الأفق

حاميد اليوسفي
قصة قصيرة

تماهى (القائد) مع الظل ، ووقف يُدير العرائس من خلف الستار .
خرج (المثقف)* من المرحاض ، فسقط القلم من يده . اقتنى بعض الأقراص المهدئة ، وسيارة فارهة ، ودُمية وضعها فوق المكتب .
وهو في الطريق إلى غرفة النوم ، انهار وسقط أمام الباب .
صحفي يضع شارة الأمن بين أوراق نقدية في حقيبة يخفيها خلف ظهره ، يُصور شبابا يجوب الشوارع ويُردد :
ـ [هذا بلد الله كريم لا عمل لا صحة لا سكن لا تعليم] .
مومس تكشف عن ساقيها المكتنزتين ، وهي تتصنّع ضحكة تمنّت أن تظهر معها سعيدة . وقفت شامخة أمام كاميرا الهاتف تتحدث مع نفسها :
ـ هؤلاء الكلاب يسيطرون على كل شيء ، ولا بد من سلبهم بعض الفتات . لا أملك صواريخ ولا غواصات ! لكن تدرّبتُ وعرقتُ واهتديتُ إلى ما هو أقوى من ذلك . يمكن أن أتحول في أية لحظة إلى قنبلة نووية من تحت القماش !
شاب شبع من التشرد ، فاشتغل في مقهى بخمسة عشر درهما في الأسبوع مع الأكل والمبيت. بعد ثلاث سنوات ركب قطار الغناء ، وفتح الله عليه باب التأثير في الفضاء الأزرق ، فتضاعف دخله آلاف المرات . خرج من الحانة يشتم جزءا ، ويمدح جزءا من السلطة .
قالت راقصة ، وهي تفتح عينيها حتى خرجا من محجريهما :
ـ اقتنيت كتب الطبخ والخياطة ، ووضعتها في واجهة الصالون مع التلفاز ، وصحون الطاووس ، وكؤوس البلّور . ماذا جلبت لكم هذه الثقافة والشهادات غير الفقر وصداع الرأس ؟
ثم أضافت ، وهي تضحك بشكل ساخر :
ـ أنا استثمرت في المؤخرة ، وحصلت على مفاتن السلطة : الذهب والمال والجنس .
فجأة أجهشت بالبكاء ، وأخفت وجهها في المرآة .
رد شاب مُعطّل حاصل على شهادة دكتوراه حول فوائد بذور الكتان :
ـ يا سيدتي المؤخرة خُلقت لنجلس عليها لا لنستثمر فيها . وبما أن الرأسمالية تُدعم الاستثمار في المشاريع الصغرى المُدرّة للربح ، فلا بد أن يفتح الإقطاع والكمبرادور قصوره وملاهيه للمؤخرات .
جفت حقول القمح حتى حسبها الظمآن ماء ، كلما اقترب ، فر منه ، فامتصّت الأسعار دماء الجياع .
لما حلّ القحط بالبلدة سُمح لسيدنا الشيخ بأن يرتدي ثيابه البالية ، ويخضب لحيته بالحناء ، وأن يصلى ركعتين ، ويُلقيَ خطبة باسم السماء ، يحذر فيها من الكشف عن فتنة الوجوه والمؤخرات في التيك توك . ولما لم يسقط المطر رأى نفسه يقود بغالا ، ويغزو القرى والقبائل ، يقتل ويسبي ويغتصب ويبتسم .
حلّق الجنرال بطائراته ، مُصوّبا صواريخه نحو الطريق والمرفأ ، ويده على الزرّ .
تكسّر المجداف . بقي المركب يترنح بين الأمواج مثل السكران ، ولا نورسَ يلوح في الأفق .

المعجم :
ـ المثقف في اللهجة المحلية هو من يملك عضوا تناسليا عاطلا عن العمل .
مراكش 04 غشت 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى