محمد مزيد - زوجة خارج البيت

خرج أيوب من شقته في الطابق الأول، أغلق الباب خلفه، نزل السلم، فتح باب العمارة، وجد منظر الشارع نفسه، الذي شاهده قبل قليل من الشرفة، غياب تام للبشر وحركة السيارات. ذهب الى فرن الصمون فوجده مفتوحا، لكن لا أحد يشتري ولا أحد يبيع، لا وجود للعمال الذين يخبزون أو الذين يضعون العجينة في داخل الفرن، غير أن الصمون متوفر بكثرة، أخذ صمونة قضم منها قضمة، يجب أن يفتح ريقه، غادر الفرن، أتجه الى محل العطار، وجد بابه مفتوحا، لكن البائع غير موجود ، يحتاج الى سيجارة ليفتح شهيته على الحياة، أخذ علبة مونت كارلو الذي يبيعها العطار بعشرين ليرة تركية، أستل سيجارة، اخذ قداحة مرمية على زجاج معرض امام مكان العطار، أشعلها عند الباب حين خروجه..
لا يعرف الى اين يتجه ، فكر أن افضل حل هو الذهاب الى مركز الشرطة القريب من مجمع العمارات، ليخبرهم عن فقدان زوجته، سار سريعا، تضرب الرياح وجهه، البارحة بالليل كانت الرياح تحمل ملائكة، يتحسس وجهه بكلتا يديه لعله يعثر على ملاك ، ينفث دخان سيجارته بسرعة خطواته، وهو يتجه الى المركز، ولما وصل الى بابه الخارجي، سأل شرطيا يقف عند الباب عن كيفية تقديم شكوى لفقدان الزوجة، ضحك الشرطي، أخبره بان هذه البناية ليست مركزا للشرطة، بل بناية البلدية، ضرب جبهته براحة يده اليسرى، ثم أتجه الى البناية الأخرى عبر الشارع ، فوجد عند بابها شرطيا، أخبره إنه بصدد تقديم شكوى عن فقدان زوجته، سار امامه الشرطي في الممر المفضي الى غرف عديدة ، ثم أشار له بالدخول الى غرفة الضابط الذي كان يتضاحك بصوت خافت، وهو يتحدث عبر الموبايل ، وقف أيوب امامه، فاغلق الضابط تلفونه، نظر اليه متبرما، سأله عن مضمون شكواه، فاخبره بالقصة كاملة، كيف إنه أستيقظ من النوم، ولم يجد زوجته تنام بجانبه، أستغرق الضابط بالضحك، قال له، " قبل قليل كانت هنا امرأة تبحث عن زوجها المفقود، لعلها هي، قد خرجت قبل قليل، عليك اللحاق بها" .
خرج من البناية، رياح الخريف تضرب الاشجار، سار بخطوات سريعة يبحث بين العمارات السكنية عن اثر لتلك المرأة التي تبحث عن زوجها المفقود، وفي نهاية الشارع لمح امرأة ترتدي التراكسود، هرول اليها، وازدادت الرياح ضربا بوجهه، لما وصل منها قبل خطوات قليلة، تأكد أن المرأة مرتدية التراكسود، بهذه المؤخرة الكبيرة، هي نفسها زوجته، لما نظر اليها، هاله ما رأى من جمال الوجه واتساع العينين العسليتين، سألها " اين كنتِ ؟ استغربت المرأة من سؤاله، قالت له " أتقصدني؟ " ردد محرجا " أنا اسف، كنت أتصورك زوجتي". أستغربت انه يسير بالبيجاما، حافيا، قالت له " أنا أيضا أبحث عن زوجي، استيقظتُ من النوم فلم أجده ينام بجانبي".
سارا معا، اخذ يداعبها بكلمات لتخفيف التوتر النفسي،بسبب الرياح التي تضرب الوجوه، بدون ملائكة، كانا يمشيان بين العمارات السكنية، ولما وصلا الى احداها، اشارت له بسبابتها " أنا أسكن هنا" فقال لها " أنا أيضا أسكن هنا " .
صعدا السلم معا الى الطابق الأول، أتجهت المرأة قبله الى الشقة، فتحت الباب، نظرت اليه نظرة فيها غنج ودلال، قبل أن تدخل، قال لها " أنا أسكن هنا أيضا " دخلت المرأة الى الشقة، ذهبت فورا الى غرفة نومها، لم يغلق أيوب الباب خلفهما ، كان يتبعها، قالت له باغواء " أنام هنا، وزوجي ينام في هذا الجانب من السرير"، خلعت سروال التراكسود بخفة ونامت، وهو خلع البيجاما بالخفة نفسها، نام بجانبها، امتدت يده اليها، ومدت هي يدها الى صدره ، قال لها " كم تشبهين زوجتي ؟ " فقالت له " وأنت كم تشبه زوجي ؟ " .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى