بين تلويح ضوء شحيح , وأفول نجم صغير .. قلت له:
– مولاي لنبدأ بالحرق .. فالحرق لن يبقي على أي أثر
قال بعد تفكير طويل:
– الحرق ؟؟ لا يا ريقي .. لأن الدخان سيتصاعد , وسوف تكنسه الريح , وتأخذه إلى أماكن شتى ,و سيسكن روح القصب , فيأتي الراعي , ويصنع لنفسه ناياً كي ترعى أغنامه بسلام ,ناي القصب ستبوح بسر الدخان الذي سكنها, والدخان سيعيد سرك يا سري الأوحد ,وتخرجين ثانية معافاة , وتعودين للثرثرة التي ستخلب الألباب ,و تبهر العقول ..وهذا سيبعدنا عن غايتنا اخترعي ميتة أخرى يا ناري.
قلت ببهجة طفل غرير:
– إذاً الذبح فلا هواء ولا دخان ولا أرواح قصب تفشي سري للريح والشجر
كاد أن يعدَّ المذبح كي يقطع عنقي لكنه تراجع وقالك:
– الذبح ؟؟ لا يا منتهى اشتهائي ..الدم سيتدفق, وينغرس في رحم الأرض وسوف تشربه شجرة التفاح العطشى ..سيأتي الرجل ويجلس تحت ظلالها وسوف ينتقي تفاحة أملودة براقة , سينهشها بجوع الذكور كلهم..و ستقف حروفك في حلقه, وتقفزين كجنية في ذرات دمه التي ستغلي تحت وابل من ثرثرتك .. لن ينفع الذبح.. اختاري ميتة لا حياة بعدها...
تجولت أمامه وأنا أفرك جبيني ..قلت له بصرخة من اكتشف قارة من الرحيق:
– إذاً الشنق ..حيث لا عواء ريح , ولا دم يجري ولا شجرة خطيئة تثمر , ولا أرواح قصب تهذي...
قال وهو يطيل النظر في احتضار الليل:
– الشنق …الشنق ..لا ..لا ..ماذا تخرّفين يا شمسي ؟ ستلتف حبال القنب الحنون المغمسة بزيت الزيتون حول عنقك .. وهذه الحبال هي ابنة شجرة القنب التي تحيكون من خيوطها مفارش اللذة والألم .. والزيت هو من شجرة لا غربية ولا شرقية.. سيتصارع الأقنومان على أكل لحمك… وهنا التصاق اللحم والدم , .. يعني ثرثرتك ستعمر آلاف السنين..وستضرب جذورها في الأعماق …ما بك يا ريقي اخترعي ميتة لا حياة ولا ثرثرة بعدها...
جلست مثل أرنب يرتجف.. قلت بتردد يشبه تردد جندي حسم معركته:
– الغرق …. لا قنب, ولا زيت, ولا أرواح شيطانية تتراقص
كاد أن يربطني, ويكمم وجهي , ويقودني إلى بحر متلاطم الأمواج لكنه توقف على حافة جرف شاهق..ثم عاد بي إلى زمهرير الوقت .. كنا نمشي منكسي الرؤوس .. لم أسأله لما عاد بي ..لكنه انتحى مكاناً دائرياً أدخلني في طلاسمه.. ثم قال وكأنه يهذي:
– الغرق ممكن جداً … لكن يا سمكة شهوتي ستتحولين إلى زبد أبيض يسبح فوق الموج , ويحكي لعشاق الشواطئ عنك .., وتصبحين عروسة الحرف من جديد, تسبحين ضد التيار , وتلهمين النوارس المتمردة على شواطئك , وسيعود جنون ضجيجك وشغبك يخترق الآفاق …لا ..لا .. أعيدي التفكير الوقت يمضي وأنا لا قدرة لي على الصبر
– حل صبحُ الاصباح وما زلنا داخل جبة هندسية ترشقنا نحو المركز تارة ونحو المحيط تارة أخرى دون أن تساعدنا أفكارنا على طريقة يقتلني بها ولا يبقى لي أي أثر..
قال بعد لأي وهو يدثرني بجبته , ونصبح اثنان في واحد:
– سأقتلك حباً
ثم اختفينا ولم يبق منا أيُّ أثر...
(أصل الحكاية)
صاحب الجبة:
قلت له :من أنت؟
قال لي : ادخلي . ثم رمى سهماً , ومضى...
دخلت ..ثم خرجت ..بحثت عن السهم الخفي ..سمعت صوتاً يقول لي:
– ادخلي ثانية , فأنت سنائي , وعتمة نوري , ووهم الحقيقة في أضلعي.. ادخلي فالسهم هناك وهنا .. يرصد نقطة بيضاء في قلبك...
قلت له: مولاي أين أنت فأنا لا أراك
قال لي : لن تريني .. المسيني .. ففي اللمس أربع فوائد ..تحريك وجع , وفتح جرح , وانتصاب ألم , وانتفاخ ثغر
قلت له : مولاي كيف ألمس مالا أراه ؟
قال لي : ادخلي جبتي , فالظمآن يأتيه صوت السَّقاء .. فأنا الظمآن وأنت ريقي
كانت الرمال تغطي جبهته
دخلتْ روحي عارية إليه, وغطستْ إلى عنقها في الكوثر
جاء صوت ليس من الداخل ولا من الخارج , ليس من اليمين ولا من الوراء , ليس من الأمام ولا من الخلف (إلى أي جهة أتوجه؟) سألته وأنا أغرق برمال حروفه..
قال لي : حيث تكونين أنت, أنا أكون .. وحيث خلاصة نبيذي, يسيل شهد عسلكِ
قلت له وأنا أتشبث بوهمه:
– مولاي يا صاحب الجبة , حللّ كيميائي فقد ضاقت روحي هنا ,فكك أضلعي وأعد تشكيلي, وغيِّر صفاتي فأنا ما عدت أطيق ملامحي , ومجلسي , وناسي ..اقتلني ..اقتل حروفي, واقتل هذا التوق الساكن في لهفتي ..أعدني راعية لا حدود لها سوى الغيم ,ولا لغة لها سوى حروف اسمك الأربعة, ولا لحن لها سوى أجراس المراعي.. أعدني إلى كهف لا ضوء فيه سوى عينيك , ولا زاد فيه سوى صدرك , ولا شيء يغطي بدنك, وبدني سوى عشب قاربه الوجّدُ فاحترق , حطم أسواري , واقتحم ساحاتي الغبراء ,احفر لي جحراً تحت قدميك , لا أريد نوراً سوى نور خطواتك , ولا صوتاً سوى صوت صهيلك فوق جثتي , ازرع في سكينتي بذرة الخلق, ومارس عليّ مخاضك الطويل, ثم ضعني مولودة جديدة في حضن أمومتك, وأرضعني حليب الضوء الذي ينثال مطراً فوق رمال غربتك , واحشو أبجديتي بثقوب بردك وجوعك .. ولا تخف سأعطيك سري كي تعيد خلقي بعد قتلي … وهذه أربع طرق لقتلي … فاختر واحدة.
– مولاي لنبدأ بالحرق .. فالحرق لن يبقي على أي أثر
قال بعد تفكير طويل:
– الحرق ؟؟ لا يا ريقي .. لأن الدخان سيتصاعد , وسوف تكنسه الريح , وتأخذه إلى أماكن شتى ,و سيسكن روح القصب , فيأتي الراعي , ويصنع لنفسه ناياً كي ترعى أغنامه بسلام ,ناي القصب ستبوح بسر الدخان الذي سكنها, والدخان سيعيد سرك يا سري الأوحد ,وتخرجين ثانية معافاة , وتعودين للثرثرة التي ستخلب الألباب ,و تبهر العقول ..وهذا سيبعدنا عن غايتنا اخترعي ميتة أخرى يا ناري.
قلت ببهجة طفل غرير:
– إذاً الذبح فلا هواء ولا دخان ولا أرواح قصب تفشي سري للريح والشجر
كاد أن يعدَّ المذبح كي يقطع عنقي لكنه تراجع وقالك:
– الذبح ؟؟ لا يا منتهى اشتهائي ..الدم سيتدفق, وينغرس في رحم الأرض وسوف تشربه شجرة التفاح العطشى ..سيأتي الرجل ويجلس تحت ظلالها وسوف ينتقي تفاحة أملودة براقة , سينهشها بجوع الذكور كلهم..و ستقف حروفك في حلقه, وتقفزين كجنية في ذرات دمه التي ستغلي تحت وابل من ثرثرتك .. لن ينفع الذبح.. اختاري ميتة لا حياة بعدها...
تجولت أمامه وأنا أفرك جبيني ..قلت له بصرخة من اكتشف قارة من الرحيق:
– إذاً الشنق ..حيث لا عواء ريح , ولا دم يجري ولا شجرة خطيئة تثمر , ولا أرواح قصب تهذي...
قال وهو يطيل النظر في احتضار الليل:
– الشنق …الشنق ..لا ..لا ..ماذا تخرّفين يا شمسي ؟ ستلتف حبال القنب الحنون المغمسة بزيت الزيتون حول عنقك .. وهذه الحبال هي ابنة شجرة القنب التي تحيكون من خيوطها مفارش اللذة والألم .. والزيت هو من شجرة لا غربية ولا شرقية.. سيتصارع الأقنومان على أكل لحمك… وهنا التصاق اللحم والدم , .. يعني ثرثرتك ستعمر آلاف السنين..وستضرب جذورها في الأعماق …ما بك يا ريقي اخترعي ميتة لا حياة ولا ثرثرة بعدها...
جلست مثل أرنب يرتجف.. قلت بتردد يشبه تردد جندي حسم معركته:
– الغرق …. لا قنب, ولا زيت, ولا أرواح شيطانية تتراقص
كاد أن يربطني, ويكمم وجهي , ويقودني إلى بحر متلاطم الأمواج لكنه توقف على حافة جرف شاهق..ثم عاد بي إلى زمهرير الوقت .. كنا نمشي منكسي الرؤوس .. لم أسأله لما عاد بي ..لكنه انتحى مكاناً دائرياً أدخلني في طلاسمه.. ثم قال وكأنه يهذي:
– الغرق ممكن جداً … لكن يا سمكة شهوتي ستتحولين إلى زبد أبيض يسبح فوق الموج , ويحكي لعشاق الشواطئ عنك .., وتصبحين عروسة الحرف من جديد, تسبحين ضد التيار , وتلهمين النوارس المتمردة على شواطئك , وسيعود جنون ضجيجك وشغبك يخترق الآفاق …لا ..لا .. أعيدي التفكير الوقت يمضي وأنا لا قدرة لي على الصبر
– حل صبحُ الاصباح وما زلنا داخل جبة هندسية ترشقنا نحو المركز تارة ونحو المحيط تارة أخرى دون أن تساعدنا أفكارنا على طريقة يقتلني بها ولا يبقى لي أي أثر..
قال بعد لأي وهو يدثرني بجبته , ونصبح اثنان في واحد:
– سأقتلك حباً
ثم اختفينا ولم يبق منا أيُّ أثر...
(أصل الحكاية)
صاحب الجبة:
قلت له :من أنت؟
قال لي : ادخلي . ثم رمى سهماً , ومضى...
دخلت ..ثم خرجت ..بحثت عن السهم الخفي ..سمعت صوتاً يقول لي:
– ادخلي ثانية , فأنت سنائي , وعتمة نوري , ووهم الحقيقة في أضلعي.. ادخلي فالسهم هناك وهنا .. يرصد نقطة بيضاء في قلبك...
قلت له: مولاي أين أنت فأنا لا أراك
قال لي : لن تريني .. المسيني .. ففي اللمس أربع فوائد ..تحريك وجع , وفتح جرح , وانتصاب ألم , وانتفاخ ثغر
قلت له : مولاي كيف ألمس مالا أراه ؟
قال لي : ادخلي جبتي , فالظمآن يأتيه صوت السَّقاء .. فأنا الظمآن وأنت ريقي
كانت الرمال تغطي جبهته
دخلتْ روحي عارية إليه, وغطستْ إلى عنقها في الكوثر
جاء صوت ليس من الداخل ولا من الخارج , ليس من اليمين ولا من الوراء , ليس من الأمام ولا من الخلف (إلى أي جهة أتوجه؟) سألته وأنا أغرق برمال حروفه..
قال لي : حيث تكونين أنت, أنا أكون .. وحيث خلاصة نبيذي, يسيل شهد عسلكِ
قلت له وأنا أتشبث بوهمه:
– مولاي يا صاحب الجبة , حللّ كيميائي فقد ضاقت روحي هنا ,فكك أضلعي وأعد تشكيلي, وغيِّر صفاتي فأنا ما عدت أطيق ملامحي , ومجلسي , وناسي ..اقتلني ..اقتل حروفي, واقتل هذا التوق الساكن في لهفتي ..أعدني راعية لا حدود لها سوى الغيم ,ولا لغة لها سوى حروف اسمك الأربعة, ولا لحن لها سوى أجراس المراعي.. أعدني إلى كهف لا ضوء فيه سوى عينيك , ولا زاد فيه سوى صدرك , ولا شيء يغطي بدنك, وبدني سوى عشب قاربه الوجّدُ فاحترق , حطم أسواري , واقتحم ساحاتي الغبراء ,احفر لي جحراً تحت قدميك , لا أريد نوراً سوى نور خطواتك , ولا صوتاً سوى صوت صهيلك فوق جثتي , ازرع في سكينتي بذرة الخلق, ومارس عليّ مخاضك الطويل, ثم ضعني مولودة جديدة في حضن أمومتك, وأرضعني حليب الضوء الذي ينثال مطراً فوق رمال غربتك , واحشو أبجديتي بثقوب بردك وجوعك .. ولا تخف سأعطيك سري كي تعيد خلقي بعد قتلي … وهذه أربع طرق لقتلي … فاختر واحدة.