محمد محمود غدية - حكايات المقهى

سنين ومرت زى الثوانى فى حبك انت / وان كنت اقدر احب تانى / احبك انت
الله الله ياست قالها، وهو يرتشف القهوة فى تلذذ، رغم خسارته دور الطاولة، اليوم تلقى اتصالا هاتفيا ان كتابه الذى استغرق فى كتابته ثلاث سنوات، ضمن الكتب المرشحة لجائزة الدولة التقديرية، القراءة والكتابة عنده عالم شاسع من الأحلام والخيالات،
روضة مليئة بالأسفار والحكايات، الشئ الوحيد الذى استجد فى حياته بعد بلوغه سن التقاعد، هو المقهى الذى لم يكن له الفضل فى اختياره، وانما الفضل لزملائه الذين سبقوه على المعاش، المقهى يبدو عليه القدم والشيخوخة، حصل على جائزة العامل المثالى مرتين متتاليتين، الكتابة فتحت له أبواب المغامرة والمعرفة، واطلقت خياله فى عوالم رحبة فسيحة، وسيلة لمدواة جروحه بعد وفاة زوجته، رفض الزواج بعدها
واستطاع ان يعبر أزمة منتصف العمر، الكتاب يمنحه المتعة والرفقة التى تؤنس وحدته، ويرقق أحاسيسه ويغرس فيه مشاعر الخير والجمال، تعثرت بطاولته يوما امرأة تشبه المرأة المشتهاه التى تغوى البشر، يداه التى مدها بطول ذراعه حالت بينها وبين السقوط، إعتدلت وساعدها فى لملمة كتبها التى سقطت وتناثرت، أصلحت من ثوبها وشكرته، دعاها لمشاركته طاولته وفنجان قهوة، إنه أمام فسحة من الأمل ينبغى التمسك بها
والإتكاء عليها،
آدم أنس فى نفسه وحشة فخلق الله له حواء، لا بد من المرأة، فهى فرملة الرجل حتى لا يسقط فى هاوية الشرور، راهن على تلك المرأة الإستثناء وكم كانت خسارته فادحة، حين إكتشف أنها متزوجة يعمل زوجها فى دول الخليج، إبنها مريض حوله التأمين الصحى الى مستشفى قاهرى، تقطع الوقت فى القراءة التى تحبها حتى موعد الزيارة، شكرته على فنجان القهوة استأذنته فى الإنصراف، إرتجفت السيجارة بين أنامله وهو يتأمل فنجان قهوتها وآثار شفاهها، بعد أن فشل فى زحزحة الألم الذى إستوطن فيه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى