ميخائيل زوشنكو - الزوج.. عن الروسية: إلياس طه.

أُفٍّ، ما للأسرةِ في حَرْبٍ، أيها المواطنونَ؟ الأزواجُ الآنَ تائهونَ، وهؤلاءِ الّذينَ تتنطحُ زوجاتهم للقضايا التقدميةِ، هم الأكثرُ تيهاً.
القصةُ التاليةُ، كنتُ فيها:
عُدتُ إلى المنزلِ، وواقفاً أمامَ البابِ، أَدُقُّه، فلا تفتحُ زوجتي، وأندهُ: "مانيوسا أنا فاسيا، قد أتيتكِ، فأفرجي عني."
لكنّها صامتةٌ، تتوارى خلفَ البابِ وانتظاري، وها جاءَ صوتُ ميشا بوتشكوف، زميلها العماليُّ، قائلاً: - "إنّهُ أنتَ، فاسيلي إيفّانوفيتش، لحظةً واحدةً، ستدخلكَ إلى البيتِ".
* شعرتُ الآن، لوهلةٍ، كأنَّ خشبةً كبيرةً سقطت على رأسي.
ما هذا بحقِّ الجحيمِ، أيُّ معركةٍ عائليةٍ هذي! لا يمكنُ للأزواجِ الرجوعُ إلى بيوتهم.
صَرختُ في طمأنينةٍ:
- فلتسطِ على مقبضِ البابِ يا ابنَ الدجاجةِ، لستُ في مزاجٍ للقتالِ معك، لا تخشاني.
* وأنا حقاً، لستُ بذي قدرةٍ أن أشاجرَ أحداً، قصيرٌ وضعيفُ البنيةِ، وثمةَ فراخٌ في بطني تزقزق، في حركةٍ سريعةٍ، والطبيبُ كان يخبرني أنّ الطعامَ يلعبُ في معدتي، كلّما حدث هذا معي، ولا شيءَ الآن سيخفف ألمي. قرعتُ مرةً أخرى:
- أقولُ افتح أيها اللقيطُ. فيجيبني:
- لا تحركِ البابَ فتكسره، سأفتحُ أيها الشيطان.
* أيها المواطنونَ، ما الذي يجري هنا؟ إنهُ يوصدُ البابَ وزوجتي معهُ، وعليّ الاسترخاءُ والسكون! - أقولُ حرر البابَ وإلّا جمهرتُ الجيرانَ في جلبة.
- فاسيلي إيفّانوفيتش، تريث، اجلس على الصندوقِ، في الدهليزِ، وإياكَ أن تكسرَ الفانوسَ، الّذي تركتهُ هناكَ لكَ، كي تستطيعَ الرؤية.
* إخوتي، يا رفاقي الأعزاء! كيفَ لهذا الحقيرِ أن يحدثني ببرودٍ، أثناءَ هذا؟ وعن المصباحِ؟ أنا الزوج! ماذا يحصل؟؟
- تباً لكَ، فاسيلي إيفّانوفيتش، ستظلّ برجوازياً ولا حزبياً، وستموتُ على ما أنتَ عليهِ.
- لأكن أي شيءٍ، أنا ذاهبٌ للشرطةِ حالاً.
* ركضتُ إلى الحارسِ، فأجابني:
- ليسَ بوسعي فعلُ شيءٍ، لو أنّهم ضربوكَ، أو ألقوكَ من النافذةِ، على سبيلِ المثالِ، في خلافٍ عائليٍّ، لاتخذنا تدبيراً ما، لكنّ أموركَ طبيعيةٌ، عادية، فاصعد ثانيةً، قد يسمحونَ لكَ بالولوج.
*بعدَ نصفِ ساعةٍ، فتحَ باتشكوف البابَ قائلاً:
- يجوزُ لكَ الدخولُ، الآن.
* أدخلُ فوراً إلى الغرفةِ .. يا إلهي!! ما ذا؟ الدخانُ يأكلُ ملامحَ الغرفةِ، والفوضى منتشرة. خلفَ الطاولةِ، سبعةٌ يجلسونَ: ثلاثاً من النسوةِ، ورجلانِ. كانوا يكتبونَ، أو يدونونَ محضرَ اجتماعٍ، لا أدري بالضبط.
ورفيقهم التقدمي، ميشا باتشكوف، منحنٍ على الطاولةِ، ويرتعشُ جسدهُ في ضحكٍ، يقول:
- متأسف لأنّا لم نفتح البابَ لكَ، أردنا أن ندرسَ ردةَ فعلِ الأزواجِ في هذه الحالةِ.
* وفي غضبٍ وغيظٍ قلتُ: - لا تضحك، إذ أنّهُ اجتماعٌ، فكان أجدرَ بكم، أن تعلنوا عنهُ، أو تضعوا ورقةً بهذا الخصوصِ، ولمّا تدخنونَ، عليكم تهويةُ المكانِ.
* ظلوا فترةً من الوقتِ، ثمّ همّوا للمغادرةِ، ولم أمنعهم من الخروج.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى