محمد محمود غدية - غشاوة الرؤى

كلمات عابثة متسكعة على سطور غير مستقيمة، وسنوات عمر تتساقط سنة تلو أخرى، كأوراق خريف ذابل، بها نكهة الشوق المجروح، وخطى الحنين المرتعشة، وذاكرة هرمة موبوءة بالصدأ تارة، ومثقوبة بأضغاث أحلام تارة أخرى، الحزن ينمو ويكبر ويتمدد كشجر اللبلاب، الذاكرة شاحبة متعبة، لا نرى من خلالها سوى الجزء الأصغر من الحقيقة، بينما لا تمنحنا كل أسرارها، تنتحب فى صمت، دموعها تستعصى على النزول، إنتظارا لغائب لا يعود، صرير الأبواب الموصدة، وزخات المطر المؤلمة، يؤلفان سيمفونية جنائزية موجعة تنذر بالنهاية، لم تفلح فى الإمساك بالحكايات، التى أصبحت بلا ملامح، والمخبأة خلف حلمها البعيد، بردت أطرافها وإرتعشت، حين داهمتها العتمة والوحشة، وشتاءات وصقيع، كلها تضافرت لنهش روحها الرقيقة الطيبة، تضمد جراحات الأيام، تمشط شعرها الذى ينعس فيه الليل، تفتح نوافذها للنهار، وتغلق حقائب الشجن، ليست الوحيدة التى فشلت فى الحب، ولن تكون الأخيرة، غيرها الكثير أوقعهم الحب فى شراكه النوراني الخادع، ولأن روحها لاتعرف الذبول، بدأ جسدها يتعافى ويلتئم،
نفحة من ياسمين تنتشر فى الأرجاء، وتبدأدورة الحياة والوجود من جديد، كلما إزداد المرء نقاء، إزداد تعاسة، والظلمة تبقى لبعض الوقت لا طول الوقت، تبقى الجميلة رهيفة الملامح، تعيد ترتيب الفصول، وتكتب الحكايات من جديد، بعد الإفاقة من غشاوة الرؤى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى