محمد الرياني - خطوط

نسوق الأحلام إلى خط النهاية، لم نكن نعلم حقيقة الأحلام، ضحكاتنا، مساءاتنا، ليالينا المقمرة، ركضنا في الصباح، مزاحنا لدرجة العراك والعتاب والهجران، أقول لها بعد الخصام :هذه آخر محطات المزاح، تهزأُ بي ثم تركلني فتسقط على الأرض، يُغشى عليَّ من كثرة الضحك على ريشة وقعت على الأرض ليحركها الهواء، أمدُّ لها يدي فتنهض وتعيد الكرَّة، أتركها لمزاحها ليؤدبها، قلت لها وخطُْ النهاية للأحلام يمْثلُ أمامي : لن نصل للنهاية، سأجعل الأحلام تسقط كريشة ذابلة من فرط تهورها، قالت بثقة كبيرة : سنصل، وسنتعارك أكثر، سيكون عظمي أكثر صلابة ولن يخرَّ كما يخر الآن، كبرتْ واشتدَّ عودها وتجاوزتني طولًا، لم أصدق أن فتاة تتجاوز فتىً في الطول، سميتها النخلة فلم يحرك فيها المزاح ساكنًا، وقفتُ يومًا أتفيأ ظلها وهي غير مكترثة، ظلت تذكرني بالأحلام التي كنا نحلم بها، أردتُ أن أمازحها من جديد، اقتربتُ لأوقعها على الأرض فلم تسقط، كبرنا وهي تظلني كالنخلة، تشرق عليَّ كالشمس، تمازحني لأضحك، لأنسجم مع المتغيرات، مرضتُ فرأيتُ سعفها يرتسم في حدقتيْ عيني، ظللتُ أقرأ أقواس النخلة وأسترجع مزاحنا البريء، سرعان ما استعدتُ قواي، نهضتُ من جديد لأصنع موقفًا من البهجة، رأيتُ الإعياء على وجنتيها، طلبتُ منها أن ترتاح وأكون أنا النخلة مثلها، ابتسمتْ لي مثل النسيم الذي يمرُّ أسفلَ عذوق التمر، لم تلبث طويلًا حتى استعادت بسمتها الجميلة، قلتُ لها هل نتمازح من جديد؟ هزّتْ رأسها بأن لا مانع، انطلقنا نتسابق حتى خط النهاية، قالت لايزال الخط بعيدًا، دعنا نلتقط أنفاسنا، جلسنا في الفيء القريب نرسم خطوطًا كثيرة كي تتفرق عليها الأحلام، أغمضتُ عيني غير مصدق أن الأحلام أنهكتنا بالتناوب فنهضنا بولادة جديدة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى