محمد مزيد - المطرب المشهور

يستيقظ المسؤول الكبير من نومه وهو يهرب من حلم مزعج، حلم كابوسي، حيث تنشر واجهات الإعلانات في شوارع العاصمة، صور زوجته الفاتنة في كل مكان، وثمة فنان مشهور ينظر لها من برج تظهر وجهه وهو يحدق الى تلك الصور المخزية التي صارت علامة لبيع الألبسة الداخلية، وعرض مثير للسراويل الممزقة من جهات عدة، قرأ مؤرخ بعد مئة عام ،ان صور الفنان قد اختفت وهو يلصق صدره بصدرها، في لقطة اثارت استفزاز الناس، اذ خرج الجياع من كل مكان يطالبون الحكومة، بتوفير ابسط أنواع الخدمات، وابعاد المسؤولين التافهين الذين التقطتهم أميركا من مزابل القمامة العالمية ، كان كل ذلك مجرد حلم، ظل ينهش بروح المسؤول الكبير، ولما ذهب الى مكان عمله، وبعد احتساء القهوة، ذكرته السكرتيرة بضرورة ان يوقع على رسالة دعوة موجهة الى فنان عربي وسيم، لإحياء حفلة بمناسبة عيد الوطن . لم يكن ما مر به في الليل مجرد حلم، بل هو حقيقة قاسية، غسل وجهه وهو ينظر عبر مرآة في حمام غرفة النوم، الى جسد زوجته العاري النائمة على بطنها، تذكر انه في ليلتها لم يكن قد استجاب الى دعواتها لممارسة الحب .
انبهرت السكرتيرة حينما رأت وجه المسؤول الكبير يطفح بالبشر، ولما أراد توقيع رسالة الدعوة الموجهة الى الفنان ، أضاف في نهايتها ، عبارة " مع حبي لك " ، هرعت اليه السكرتيرة، اخبرته بطريقتها التي يحبها وهي تتميع امامه، انه من المخالف للقواعد البروتوكولية ان يكتب المسؤول الى مطرب " مع حبي لك " كانت تقف بجانبه ، لاحظت انه نزع حذاءه وفتح حزام بنطلونه، رفع باليد اليسرى الرسالة وباليمنى راغبا بوضع يده على مؤخرتها ، لكنها ابتعدت خطوتين عنه، فهي تعلم بماذا يفكر في تلك اللحظات ، شطب " مع حبي لك " وكتب بدلا عنها " متمنيا ان تقضي في بيتنا اجمل الأوقات ".
أخذت الرسالة ووضعتها في ملف وطلبت من احد الموظفين ارسالها فورا عبر البريد الالكتروني الى الفنان، وبعد أسبوع جاء المطرب المشهور ، استقبله المسؤول في بيته بحفاوة بالغة وشاركته زوجته بالحفاوة نفسها، وعلى مائدة العشاء جلست الزوجة بجانب المطرب ، لصقت فخذها بفخذه ، وهي تضع بفمه قطعة لحم القوزي، وزوجها يضحك ببلادة وعدم اهتمام، كانت الزوجة طوال جلسة العشاء، لا تكتم فرحها وخفتها وسعادتها بحضوره، ولم يلتفت زوجها الى مداعبات تجري تحت طاولة الطعام، مررت الزوجة يدها اكثر من مرة الى فخذه، ثم نام المطرب في غرفة الضيوف، أعدتها الزوجة بشكل مبالغ به، اذ عطرتها بعطر ثمين، فوضعت كل ماء القارورة على فراشه الوثير، ولما نامت بجانب زوجها ، احتضنت الليل.
في اليوم التالي، المخصص للاحتفال، غنى المطرب اغانيه المعروفة، كانت زوجة المسؤول الكبير تتنقل مثل الفراشة بين مناضد المدعوين، ترتدي ثوبها البنفسجي المثير الذي يكشف عن فخذيها من خلال شق في منتصفه وهي تراقب عيون النساء المعجبات به، كانت تتمنى أن تضع رمادا في عيونهن حتى لا ينظرن اليه بشهوة وهن يطلقن الحسرات والزفرات الحارقة، كما تظن، فهو ملكها لوحدها، وطوال وصلة الغناء لم يرفع المطرب نظره اليها، بل كان يتبادل القبلات الهوائية والاشارات الخفيفة مع المعجبات من زوجات سفراء الدول وزوجات رجال الاعمال ونساء مترملات ومطلقات ثريات، لا احد كان ينتبه الى سلوك الزوجة وهي تتمتع بالمرح والخفة، وقد طمرت قلقها في الطبقات العميقة من روحها، كان حلمها منذ المراهقة ان تحضن هذا المطرب، بدلا من الوسادة، وتنفرد به حتى لو كانت لساعة واحدة من عمرها ، الذي ضاع مع رجل لا تعرف كيف دفعته الظروف ليكون مسؤولا كبيرا، لا تعبأ هي الان بمكانة زوجها وما يمثله رمزيا، سمعت تعليقات عابرة مؤذية من بعض النساء، ولم تعبأ بها، ويعود سبب عدم اهتمامها بتلك التعليقات الجارحة، ان المطرب، هذه الليلة سينام قريبا من غرفتها، كما هو مخطط، نفس الغرفة التي نام فيها ليلة البارحة.
كانت تخشى من امرأة واحدة، بياضها يشع بين المدعوات، ترتدي ملابس تكشف عن عريها، وهي تعبر عن التهابات روحها لمعانقة المطرب اذا تسنى لها ذلك ، هذه المرأة هي صديقتها الوحيدة، هي التي اقترحت عليها دعوة هذا المطرب لإحياء حفلة عيد الوطن، واخبرتها في تلك الجلسة الغارقة بالإسرار انها تكاد تموت عشقا به، ولم تفضح زوجة المسؤول الكبير نفسها امام صديقتها بانها هي الأخرى مولعة به الى حد الجنون.
انتهت الحفلة والتقطت الصور مع المطرب ووقفت الزوجة تلك الوقفة التي لصقت بها صدرها بصدره فيما يميل رأسها الى رأس زوجها، ولم تكن تتصور انها في اليوم التالي ستكون صورتها على واجهات كل المنصات الاجتماعية وحكايتها على كل لسان في العراق والعالم كله، وما كان يخشاه الزوج في حلمه المزعج قبل مجيء المطرب ها هو قد تحقق بابعاده عن وظيفته ومازال الناس، يتبادلون صور الزوجة بالرغم من ان لا شيء حدث بينها وبين المطرب.
تقول تقارير صحفية ، ان الزوج ذهب الى مخترع الفيسبوك يطالبه بتعويض مالي كبير بسبب الإساءة الى سمعته، فضحك مارك ضحكة عميقة لم يضحكها في حياتها كلها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى