ماءالعينين بوية - الهاتف

كان الهاتف في حلته الجديدة من الترف المحدث خاصة عند الطلبة، حمل سعدان محموله الجديد و ركب الحافلة، لا يمكن وضعه في جيب سروال الجنز لكبره نوعا ما، وضعه في المحفظة، عندما ولج القسم لم يعرف كيف يسكته، فخلع البطارية و أعادها و به الاحكام و الاغلاق...
فرحة سعدان بأهمية هاتفه، تجسدت حين هاتفه قريب من أقرباء رفيقه في الغرفة، وهو بعيد عنه، فطلب من المهاتف إعادة الطلب بعد ربع ساعة، حينها حمل قدميه و خط الخطى ركضا نحو المنزل حتى يصل في الوقت المناسب و يعطي الهاتف لرفيقه...
لم يكن سعدان ليخرج هاتفه أمام الجميع، فنوعه قدم نوعا ما، و بات الجديد أقل حجما، مع توالي الأيام فطن سعدان أنه رغم بشاعة هاتفه و سمنته المفرطة، إلا أن قليلا هم من الطلبة من يمتلك هاتفا...فصرح بهاتفه للعيان و حمله في الحقيبة و الجيب معا دون جحدان.
لم يكن ثمن تعبئة الهاتف للمكالمات أمرا هينا، فكان هاتف الطلبة للاستقبال غالبا، وإن تيسر الحال للرسائل القصيرة، حديث البعض عن ليال ترسل فيها الرسائل بالمجان فيسهر من لديه شريحة بطاقة هاتفية من شركة ما...مئة و عشرون درهم ثمن تعبئة الهاتف لنصف ساعة أو أقل....فما كان للطلبة بد من مخادع الهاتف الثابت....المحمول لدى بعضهم للزينة أو للعب أو حتى للتنجيم....يتطور الحال حينها فتظهر الألوان و الموسيقى بأبعاد و أنواع مختلفة، ثم الكاميرا ولكن بشكل محتشم....
ذهبت المخادع، تغيرت الهواتف و باتت تستوعب تقنيات جديدة، الأشعة فوق الحمراء، البلوتوث، الانترنت، ثم تقدمت رويدا، تسطحت و باتت شاشاتها أكبر...تسارعت أعمارها، فئة تموج فتغلب أخرى، تشيخ في وقتها، ذبلت و اختفى بعضها، وباتت في حكم الذخائر، بل الكنوز كزجاجات المشروبات الغازية....
بتحولها تحولت وظائفها، وبتحولها تغيرت عادات كثيرة، لم يعد الهاتف هاتفا بمعناه الأداتي، بات شريكا و مرآة لجليسه و حامله، لا يكاد ينفصل عنه، لم يعد الهاتف هاتفا!!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى