محمد البنا - الماضي لا يمضي أبدا

ما أدهشني وأثار استغرابي، في الحقيقة لم يكن استغرابًا ولا دهشة؛ قدر ما هو فزع؛ فكل الأشياء من حوله تمضي، ويأتي غيرها ويمضي أيضًا؛ إلا هو!
تحينت لحظات هدأ فيها فزعي قليلًا؛ نعم قليلًا؛ ففزعي منه لا يفتأ يباغت حواسي، وكلما حاولت التغاضي عن متابعته؛ فشلت، أو بالأحرى لأكون صادقًا معكم، ما كان مني ليس متابعة؛ بل سمّوها مصاهرة، أو انعتوها ب انصهار؛ فكلاهما يصف الحالة أو على الأقل يقترب منها.
أتغاضى فأفشل، أتناساه فأفكر فيه، بينما هو كالجماد لا يتحرك قيد خطوة!.. المهم..في لحظة هدوئي تلك التي حدثتكم عنها، تمكنت من إخراجه من مكمنه؛ مَثَلَ أمامي بعينيه اللتين تشبهان عينيّ نمس يتأهب لإفتراس ثعبان كوبرا، وبشفتيه اللتين تشبهان شفتيّ قطة تتلمظ لالتهام فأر، نعم نعم ..كنت ذلك الفأر الذي ترتجف أطرافه، لذا حاولت جاهدًا أن أعيده إلى مخبئه؛ فأبى!..نعم أبى دون أن يحرك ساكنا، دون أن ينطق حرفا!..هممت بالهروب من عينيه وشفتيه، إلا أنني أيضًا فشلت، تجمدت مكاني مثلما تجمد في مكانه قبالتي..كلانا ينظر للآخر في صمت، ونتلاشى..رويدًا رويدا.

محمد البنا - القاهرة في ٢ سبتمبر ٢٠٢٢

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى