ميشال سعادة - أُخرُجْ إِلى الأَرضِ أيُّهَا الطِّفلُ البَرِيءُ

لَهَا ..


يَجِيءُ القَلَمُ إِلى يَدِكَ
دُونَ أن تَدرِي
سَاحِرًا يَأتِيكَ _
جُرحًا بَينَ جَسَدِكَ والفَضَاءِ
يَغسِلُ بِالحِبرِ هَذَا العَالَمَ المُوحِلَ
يُقَلِّمُ شَجَرَةَ الأَبجَدِيَّةِ
نَظِيرَ وَالدِكَ يَومَ _
قَلَّمَ وَطَعَّمَ شَجَرَةً بَرِّيَةً
في حَدِيقَةِ بَيتِكَ القَرَوِيِّ المُتَوَاضِعِ
أُخرُجْ أيُّها الطِّفلُ البَريءُ إلى الأَرضِ
إلتَقِطِ الصُّوَرَ المُبَعثَرَهْ
والإيقَاعَاتِ المُتَنَاثِرَهْ
حَولَ حَوَّاءَ
التِي _
تَسبَحُ في شَرَايِينِ الأَبجَدِيَّةِ
أَلقِ السَّلامَ والكَلامَ عَلَيهَا ..
أُخرُجْ إلى الأِرضِ
عَاشِقًا / مِحرَاثًا يَشِقُّ التُّربَةَ
يُخصِبٍهَا كَأنَّكَ إلى امرَأَةٍ
تَجرَحُ شَجَرَتَهَا
لِنَسلٍ يَأتِي ..
هَذَا القَلَمُ وهَذِي الأبجَدِيَّةُ
رَجُلٌ وامرَأَةٌ
مَنفِيَّانِ مُنذُ وُجِدَا عَلَى الأَرضِ
يَومَهَا قِيلَ كَذِبًا _
في جَنَّةٍ تُظَلِّلُهُما شَجَرَةُ تُفَّاحٍ ..
هَكَذَا _
العَلاقَةُ بَينَ "فَنَى" و "نَفَى"
قَدِيمَةٌ قِدَمَ الأَبجَدِيَّةِ
وَهَل أدرَى بالفَنَاءِ غَيرُ المَنفِيِّ ؟
أُخرُجْ أيُّهَا الطِّفلُ مِن مَنفَاكَ
إلى حُضُورٍ كالمَاءِ
يَومَ تَفَجَّرَ في حُضنِ إسمَعِيلَ
هَاجَرُ أُمٍّنَا الشَّاهِدَةُ
نَبعُ " زَمزَمَ " كُلُّ الخَيرِ والبَرَكَة ..
أُخرُجْ أَيٍّهَا الطِّفلُ إلى الأَرضِ
بَعِيدًا مِنَ لَغوِ إلى لُغَةٍ
لا تُصغِ إلى كَلامِهِم
إِنسَانُهُم بألفِ لِسَانٍ
لا أُذُنَانِ لَهُ
تَسمَعَانِ
أُخرُجْ أيُّهَا الطِّفلُ البَرِيءُ
أَرَضَّ في الأَرضِ
أَرِّضِ الكَلامَ
مِنَ الشّمالِ جِئتَ
إلى الشّمَالِ عُدْ
هُنَاكَ _
يَنتَظِرُكَ قَمَرٌ يَمِيلُ
لا لِظِلِّكَ أَثَرٌ
أَنتَ الجَالسُ فِي ظِلِّ نُورِهِ
هَكَذَا _
عَلَّمَنِي مَن قَرَأَ عَلَيَّ أَوَّل حَرفٍ
مَن قَالَ لي _
إِنَّ " المِيمَ " بِدَايَتُكَ
و" اليَاءَ آخِرَتُكَ
فَانعِمْ بِأَبجَدِيَّةٍ تَنبِتُ كالحُبِّ
سَنَابِلَ قَمحٍ
وَاقطِفْ فَاكِهَةَ أَشجَارٍ
إِرتَدَتْ ثِيَابَهَا لِحِينٍ
وَاشكُرْ مَن أَمطَرَكَ امرَأَةً
تَجُودُ عَلَيكَ شِعرٍا ...
إذَا كُنتَ ذَا العِاشِقَ الأَبَدِيَّ
فَلِا تَتَفَاجَأْ _
إِن رَأَيتَ إِلَى المَرأَةِ
طَرِيقًا مَغمُورًا بالغَمرِ
أَوَ هِيَ الحُوتُ
إن شِئتَ أَن تَكونَ يُونَانَ
أُخرُجْ مِنهَا طِفلًا يَلهُو بِالنَّارِ
لا يَخَافُ البَحرَ
وَلا مَوجَهُ العَاتِي
إِجلِسْ إلى قَدَمَيهَا
دَاعِبِ الكَاحِلَ مِنهَا
والإصبَعَ الصَّغِيرْ
دَلِّلْ أَغصَانَهَا
وَانسَ أنَّكَ عَلى فِرَاشٍ وَثِيرْ
وَاذهَبْ إلى حَيثُ عَينُهَا تُشِيرْ
المَرأَةُ كالأَرضِ _
لا تَطلُبُ .. لا تَتَوسَّلُ
لا تَستَعطِفُ ولا تَستَرحِمُ
لا تَرجُو سِوَى يَدِكَ تُقَلِّمُ أَغصَانَهَا
لِنَسلٍ جَدِيدْ ..
أَحِبَّهَا حَتَّى التَّعَبِ
وَافرَحَا مَعًا
تَقَاسَمَا الحُزنَ السَّعِيدْ
هَذَا الغَيمُ في فَضَائِكَ
إِن رَأَيتَ إِليهِ يَبكِي
وَإِلى الأَرضِ تَتَأَوَّهُ
فَابتَسِمْ للتُّرَابِ الخَضِيرْ ..
أُخرُجْ أَيُّهَا الطِّفلُ البَرِيءٍ
إلى المَرأُةِ التي كالأَرضِ
جَسَدُ الأرضِ
جُرحُ التَّارِيخِ الذي
وَطَنَ الجِرَاحِ صَارَ
أُخرُجْ مِنَ الجُرحِ
مِنَ الجُحرِ
لا تَتَرَجَّحْ كالفَرَاشِ على الزَهرِ
لا تَتَحَسَّرْ إن يَومًا _
تَحَوَّلتَ حَجَرًا صَالِحًا للبِنَاءْ ..
مِنَ الأَرضِ خَرَجتَ
إلى الأرضِ تَعُودُ
تَتَأَبَّطُ الأبجَدِيَّةَ
حَامِلًا حَجَرًا تُسنِدُ إِليهِ رَأسَكَ
تُوَاكِبُكَ نَجمَةٌ
تَسأَلُ التَّارِيخَ _
هَلِ الحَيَاةُ أَن نُولَدَ وَنَمُوتَ ؟
لِمَ الحُبُّ بَينَ الحَيَاةِ والمَوتِ
يَتَدَحرَجُ في اللُّغَةِ
يَنسَابُ .. يَتَأَوَّهُ
يَتَمَزَّقُ بَينَ فَرَاغٍ وامتِلاءْ
بَينَ فَرَحٍ خَاطِفٍ
وَحُزنٍ ليسَ لهُ انتِهَاءْ ؟
لِمَ الكِتَابَةُ _
كأَنَّ شَيئًا فِيكَ يَمُوتُ
كُلَّمَا خَطَطتَ حَرفًا ؟
أَيَّتُهُا النَّجمَةُ/المَرأَةُ
يَتَنَامَى فِيَّ المَوتُ
تَتَنَاقَصُ فِيَّ الحَيَاةُ
وَهَذِي الإقَامَةُ المُؤَقَّتَة
التي _
فِي الحَقلِ كانَتْ
بَينَ الشَّجَرِ
بَينَ العُشبِ وَالعَوسَجِ
وَالنَّهرِ
تَدعُوكَ إلى إقَامَةٍ دَائِمَةٍ
في الظِلِّ ..
قُلْ للشَّمسِ _
أَن تَنشُرَ الدِّفءَ
لِلُّغَةِ _
أَن تَنسُجَ بالحِبرِ ضَوءًا
يُرَفِرِفُ فَوقَ "المِيمِ" وَ "اليَاءِ" ...
أَيُّهَا الطِّفلُ البَرِيءُ
أَتُرِيدُ فِعلًا أن تُحِبَّ وَتَعشَقَ ؟
تَجَاهَلِ المَعشُوقَ مِن حِينٍ لِحِينٍ
يَأتِكَ كالفَرَاشَةِ حَولََ الضَّوءِ
تَجرَحُ العَتمَةَ ..
أتُرِيدُ فِعلًا أَن تَكُونَ ؟
إِمتَطِ صَهوَةَ الأبجَدِيَّةِ
جُنَّ
وَالعَبْ بالمَاءِ والنَّارْ
لَستَ إلَى رَمَادٍ أَو غُبَارْ ..

ميشال سعادة
الثلاثاء 6/9/2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى