كان لدينا عنترة والزير وابن ذي يزن يرطّبون ليالينا في بلاط الحكواتي ، ويداعبون خيالنا المتجفّف ، وكانوا يُعيدون إلينا ماء الوجه ، إزاء القهر والقنوط والنكسات المتتالية والهزائم المنكرة ، فنقوّم شاربَنا المتدلّي ونرطّب نهايته بلعابنا ليشرئبّ كمنقار الباشق ، فنعود رجالاً على نسائنا فقط ، ونعِدُ أطفالَنا المُحبَطين بأنّ أمّتنا الولّادة لن تبخل علينا ببطلٍ ملحميّ جديد ، يعيد لنا ماضينا المجيد ، وعزّنا التليد ، لأنّ منّا الوليد ومنّا الرشيد ، فلِمْ لا نسود ولِمْ لا نُشيد ؟
وقبل أبطال الملاحم أولئك ، الميامين ، كنّا وما زلنا ، نحن ، الموعودون بالجنة مهما قسَت علينا الدنيا بترائب أذيالها الشئزة .
نحنُ ، وما نحن ، وإن تنَحْنَحْنا ، وويلكم إن تنحنحنا ، نحن المتنحّون عن الدنيا الفانية ، الزاهدون بمتاعها الزائل ، والمكتنزون بكنوز الآخرة .
فالأمل إذن موجود ، ومعقود ، بناصية الخيل ، وانقشاع الغيمة وارد ، وبريق الضوء يتسلل إلينا غصباً من آخر النفق .
نحن الجيل الذي شبّ على سوبرمان الرجل الخارق ، وغيره من أبطال مجلات الرسوم المتحركة كالوطواط والرجل العنكبوت ، وكانوا يُشبِعون غرائزنا بإحقاق الحق ، فوراً ، وإنصاف المظلوم فوراً ، وحتى قبل اللجوء للقضاء البطيء .
وسوبرمان كان يرى كل شيء ببصره النافذ من الجدران ، ويتدخّل فوراً ليمنع القتل إذ يوقف الطلقات بيده قبل أن تصل لأجساد الضحايا ، ويعيد الفتاة الجميلة التي خطفها الغول القبيح ، وينقذ الطائرات النفّاثة قبل أن تهوي في غياهب المحيط ، ويأخذ القنبلة الإرهابية ليفجّرها في الفضاء البعيد قبل أن تفعل فعلتها
وانطفأت الآن الرسوم المتحركة كمجلات ورقيّة ، وصارت أفلاماً سينمائية ، وما زال هؤلاء الخوارق يضاجعون أحلامنا ويزيّنونها وينصفون المظاليم .
وبقي سوبرمان وأشباهه من الخوارق حكراً على الغرب ، يتنقّلون بين ناطحات السحاب ويتكلّمون الإنكليزية فقط ، وينصفون مظاليمهم ، هم فقط ، ويسندون العمارات الآيلة للانهيار قبل تفتك بسكانها .
كانت وصمة في تاريخ سوبرمان إذ لم يتدخّل عند انهيار برج التجارة العالمي ، لا أدري لماذا ، مع أن الحادثة حصلت في مدينته ! كان بإمكانه إيقاف الطائرة التي سترتطم بالبرج العملاق ، لا أدري لماذا لم يتدخّل ساعتَها في الحادي عشر من أيلول !
نحن العرب بحاجة إلى سوبرمان عربي ، لا داع للباسه الأحمر والأزرق ، سنلبسه من لباسنا ، وكم سنشعر بالفخر عندما يطير في أجوائنا كالسهم معتمراً عمامته وجلبابه
لدينا الكثير الكثير من المظالم التي ستجعلكَ تتدخّل فوراً ، وا سوبرمان العربي !
أعرف أنك بالأساس من كوكب آخر ولذا لا تشعر بالانتماء لأي وطن ، قضيّتك إنقاذ الإنسان ، ولذا يجب أن يكون لنا فيك نصيب .
وهكذا كان ، وحلّق سوبرمان العربي في أجوائنا المدلهمّة
وفوجئ رجال شرطتنا بأنّ هناك من يوقف الجريمة قبل أن تقع ، ويلتقط المجرمين وهم يخطّطون لجرائمهم ، ويطفئ الحرائق المستحيلة بأنفاسه الثلجية ، ويعمل هكذا بلا مقابل ، ولا يريد شكراً من أحد .
وقال لي ابني اليافع ، آه لو ينضم سوبرمان لفريق كرة القدم القوميّ ، عندها سنأخذ كأس العالم ببساطة ، فمن سيقف في وجه سوبرمان الخارق ؟
وفي قصص سوبرمان الغربية كانت الشرطة تحاول تجنيده ليكون في عداد عناصرها المأتمرين بأمرها ، وكان يرفض ، لأنه يرى ما لا يراه غيره .
وتعرّض سوبرمان العربي لنفس المشكلة عندما حاولوا تجنيده ليأتمر بأمرهم ، وكان سوبرمان يتوقّع ذلك ورفضَ طبعاً ، لأنه يريد أن يكون حرّاً .
ما لم يتوقّعه سوبرمان العربيّ أنهم طلبوا إليه أن يتفرّغ لحماية أحد الرجالات ، فيكون واحداً من مرافقيه ، لأن أمن هؤلاء الرجالات هو أمن الأمة بأكملها.
وحاولوا إغراءه بأشياء هو أصلاً لا يفكّر بها ، لأنه ليس بشريّاً ، وضحك منهم ، فالرجل لا يفكّر بالنساء ولا بالمال ولا بامتلاك أرض يبني عليها مزرعة وقصر .
عندها خلع سوبرمان نسخته العربية ، وصارت مجلّاته المرسومة ممنوعة ، وانقطعت أخباره.
وسكتت شهرزاد عن الكلام المُباح قبل أن يصيح الديك .
************
وقبل أبطال الملاحم أولئك ، الميامين ، كنّا وما زلنا ، نحن ، الموعودون بالجنة مهما قسَت علينا الدنيا بترائب أذيالها الشئزة .
نحنُ ، وما نحن ، وإن تنَحْنَحْنا ، وويلكم إن تنحنحنا ، نحن المتنحّون عن الدنيا الفانية ، الزاهدون بمتاعها الزائل ، والمكتنزون بكنوز الآخرة .
فالأمل إذن موجود ، ومعقود ، بناصية الخيل ، وانقشاع الغيمة وارد ، وبريق الضوء يتسلل إلينا غصباً من آخر النفق .
نحن الجيل الذي شبّ على سوبرمان الرجل الخارق ، وغيره من أبطال مجلات الرسوم المتحركة كالوطواط والرجل العنكبوت ، وكانوا يُشبِعون غرائزنا بإحقاق الحق ، فوراً ، وإنصاف المظلوم فوراً ، وحتى قبل اللجوء للقضاء البطيء .
وسوبرمان كان يرى كل شيء ببصره النافذ من الجدران ، ويتدخّل فوراً ليمنع القتل إذ يوقف الطلقات بيده قبل أن تصل لأجساد الضحايا ، ويعيد الفتاة الجميلة التي خطفها الغول القبيح ، وينقذ الطائرات النفّاثة قبل أن تهوي في غياهب المحيط ، ويأخذ القنبلة الإرهابية ليفجّرها في الفضاء البعيد قبل أن تفعل فعلتها
وانطفأت الآن الرسوم المتحركة كمجلات ورقيّة ، وصارت أفلاماً سينمائية ، وما زال هؤلاء الخوارق يضاجعون أحلامنا ويزيّنونها وينصفون المظاليم .
وبقي سوبرمان وأشباهه من الخوارق حكراً على الغرب ، يتنقّلون بين ناطحات السحاب ويتكلّمون الإنكليزية فقط ، وينصفون مظاليمهم ، هم فقط ، ويسندون العمارات الآيلة للانهيار قبل تفتك بسكانها .
كانت وصمة في تاريخ سوبرمان إذ لم يتدخّل عند انهيار برج التجارة العالمي ، لا أدري لماذا ، مع أن الحادثة حصلت في مدينته ! كان بإمكانه إيقاف الطائرة التي سترتطم بالبرج العملاق ، لا أدري لماذا لم يتدخّل ساعتَها في الحادي عشر من أيلول !
نحن العرب بحاجة إلى سوبرمان عربي ، لا داع للباسه الأحمر والأزرق ، سنلبسه من لباسنا ، وكم سنشعر بالفخر عندما يطير في أجوائنا كالسهم معتمراً عمامته وجلبابه
لدينا الكثير الكثير من المظالم التي ستجعلكَ تتدخّل فوراً ، وا سوبرمان العربي !
أعرف أنك بالأساس من كوكب آخر ولذا لا تشعر بالانتماء لأي وطن ، قضيّتك إنقاذ الإنسان ، ولذا يجب أن يكون لنا فيك نصيب .
وهكذا كان ، وحلّق سوبرمان العربي في أجوائنا المدلهمّة
وفوجئ رجال شرطتنا بأنّ هناك من يوقف الجريمة قبل أن تقع ، ويلتقط المجرمين وهم يخطّطون لجرائمهم ، ويطفئ الحرائق المستحيلة بأنفاسه الثلجية ، ويعمل هكذا بلا مقابل ، ولا يريد شكراً من أحد .
وقال لي ابني اليافع ، آه لو ينضم سوبرمان لفريق كرة القدم القوميّ ، عندها سنأخذ كأس العالم ببساطة ، فمن سيقف في وجه سوبرمان الخارق ؟
وفي قصص سوبرمان الغربية كانت الشرطة تحاول تجنيده ليكون في عداد عناصرها المأتمرين بأمرها ، وكان يرفض ، لأنه يرى ما لا يراه غيره .
وتعرّض سوبرمان العربي لنفس المشكلة عندما حاولوا تجنيده ليأتمر بأمرهم ، وكان سوبرمان يتوقّع ذلك ورفضَ طبعاً ، لأنه يريد أن يكون حرّاً .
ما لم يتوقّعه سوبرمان العربيّ أنهم طلبوا إليه أن يتفرّغ لحماية أحد الرجالات ، فيكون واحداً من مرافقيه ، لأن أمن هؤلاء الرجالات هو أمن الأمة بأكملها.
وحاولوا إغراءه بأشياء هو أصلاً لا يفكّر بها ، لأنه ليس بشريّاً ، وضحك منهم ، فالرجل لا يفكّر بالنساء ولا بالمال ولا بامتلاك أرض يبني عليها مزرعة وقصر .
عندها خلع سوبرمان نسخته العربية ، وصارت مجلّاته المرسومة ممنوعة ، وانقطعت أخباره.
وسكتت شهرزاد عن الكلام المُباح قبل أن يصيح الديك .
************