محمد أبوعيد - أغنية ميت

عند الغروب
أشرقت الوداعات الشاحبة
دون أن أفكر في جمع أكياس التعب
تركت عظام السنين مكومة تحت الدوامات
وخرجت بالأجنحة المتوهجة في حزنين جميلين
أجرجر أطنان الظلام من شعور الطرقات
أبحث عن قلب يأخذني إلى أول الشمس
كنت كلما أخطو نفساً للأمام
تستدير عيني للخلف !
تخرج من رأسي تحدق في دمعة مزهرة
وضعتها الأحزان في آنية الأمواج
دفعتني الأحلام للسير بغير عين !
أخبرتني أن في عقلي فراشة مضيئة
من الممكن أن أتوكأ عليها
كما أخبرتني أنني عندما أجد هذا القلب
سيكون الترحال بغير العينين أكثر جمالاً
مشيت كثيراً متدثراً بالسهر الشائك
لا أحد في الشرود الناصع إلا أنا
بينما النسيان كان واقفاً في ذكرياتي ؛ غافلت تمثالي
وتسلقت جبل النعاس المنتصب فوق المساء الميت انزلقت أنفاسي
سقطت الأيام
غمغمات مائية من الثلوج الدافئة
ظننت يقيناً أن أحلامي لم تنجب نفساً جديداً
وأنني بذلك سأتوقف عن السير
لكنها ظلالي الخضراء كانت في هوة المهاوي
تمزج الهبوط بالصعود وتستنسخ العكاكيز الجميلة
استعدت ذاكرة السير ومشيت بغير أقدام !
كنت أسمع بقوة الضوء السماوي الذي مزق العتم
جمهرة الأذكار وهي تتمشى طويلاً
بين الصلب والترائب بمزامير التعاويذ العليا
كانت تمد النوم الطويل
وتسحب الزيت من مصباحي
انطفأ الجسد تماماً وأشرقت الروح
لم أكن غاضباً من مأساتي التي أغلقت صوتها
دون أن تواسيني بعطر معتذر
كنت منشغلاً في شيء آخر لا أعلمه !؟
ثمة حشود تسير خلفي يدفعونني للأمام العالي
وكانت العكاكيز تقودني إلى حجرة ضيقة جداً
تحسست شيئاً ما دثرني بالتراب ورحل ....
كنت وحيداً لم أجد هذا القلب
لكنني التقيت مرة ثانية
بعيني التي تخلفت عن أقدامي
كانت لم تزل هناك أمام تلك الدمعة المزهرة
التي وضعتها الأحزان في آنية الأمواج !
وكان القلق هنالك بلا روح شاخصاً لجلال الصمت
يتنصت على تمتمات عشبية القداسة
قصائدها ليست من لغات الأرض ؟
"أغنية ميت"
دندنات من تسنيم .....
أخذت الدمعة المزهرة
إلى أشياء كثيرة مثيرة للندم
القليل منها خرج من عطرها العتيق
منتفخاً بثرثرة الأمطار
كانت ملآنة بالرماد الأحمر
المتساقط من أشجار الملح
وهي تصرخ في الحياة ؟
إنه كان عظيماً ولم أكن أعلم .

محمدأبوعيد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى