شهادات خاصة نقوس المهدي - شهادة حق في حضرة البروفيسور محمد عبدالرحمن يونس

عادة ما يرتبط شرط الشهادة في حق شخص عزيز بمفهوم الاحتفاء والتشريف والتكريم، وشريعة الوفاء والإخلاص، وهلم تعدادا للمزيد من المترادفات والنعوت الحسنة والأوصاف الحميدة، التي تدخل من باب الاعتراف والمكاشفة، وما يجيش في الخاطر من دفء متبل بما يكفي من نبيذ المودات، بالرغم مما يكتنف اللحظة من إحراج أحيانا للمحتفى به. وما يناسبها من إنصاف في أحيان أخرى بحقه..
في مؤلفه الفريد الأدب الصغير، يقول عبدالله ابن المقفع: "وعلى العاقل أن لا يخادن ولا يصاحبَ ولا يجاور من الناس، ما استطاع، إلا ذا فضل في العلم والدين والأخلاق فيأخذ عنه، أو موافقا له على إصلاحِ ذلك فيؤيد ما عنده، وإن لم يكن له عليه فضل."
نسوق هذا الكلام من غير ما مجاملة ولا مبالغة في حق المبدع المتعدد البروفيسور محمد عبد الرحمن يونس، الذي أعده للحقيقة، رجل فكر وثقافة واسعة ومتنوعة، يكاد من فرط تواضعه أن يخجلنا، ومبدعا من طينة الناسكين، موثرا الإقامة في المعنى، انطلاقا مما راكمه من كتابات في مختلف الأجناس الإبداعية، وما مارس من أنشطة فكرية، مكرسا ما فاض عن واجبه المهني، للكتابة والبحث الاكاديمي، والإشراف على الاطاريح العلمية، ومساعدة الناس، تواقا الى توسيع هذه المدارك، وهذا الاهتمام وإعطائه مغزى وبعدا كوسموبوليتيا، مراكما تجربة فكرية ثرية، وعدة انشغالات متنوعة تتوزع ما بين القصة القصيرة، والسرد الروائي، والشعر، والنقد الأدبي، والمقال الفكري، وأدب الرسائل، والأدب الرحلي، والأدب المهجري، والدراسة المتخصصة المتسمة بالعمق والجدة، وتحرير مئات الدراسات المتنوعة، وطوح به هذا الشغف بالمعرفة، والجري وراء اكتسابها الى برد المنافي السحيقة، ناذرا حياته للغربات والمهاجر بدءا من موطنه الأم مرورا بعديد من الأمصار الى الصين حيث غاية طلب العلم ومنتهاه
كانت بداية تعرفي إلى الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن يونس عن طريق قراءاتي التي قادتني إلى ما خطه من دراسات أحفورية حول كتاب الليالي العربية، بحكم شغفي بهذه المأثرة التراثية الخالدة.. فكان بذلك مرجعا أساسيا، بل ومصدرا موثوقا، وذاكرة حية ويقظة بخصوص هذا السفر الأثير الذي لا ينتهي، ويحمل من الالغاز والأسرار ما لا يحصى، منقبا بين سطوره عن خفاياه، متتبعا آثار أبطاله، محيطا بفضاءات أمكنته، وجماليات فنونه، وملامح أبطاله، وعاداتهم وطرق عيشتهم، وغريب أخبارهم، وشوارد أشعارهم،
لكن لحظة التوازن والصفاء الفكري لديه هي حين يتجشم عناء الاشراف على البحوث المحكمة في الأدب والنقد والبحث العلمي الرصين، مهيئا ملفات فكرية غنية، وهي مهمة صعبة وذات مسئولية جسيمة، وكان لي معلما وسندا، ومرشدا لسبل وجادات البحث الاكاديمي، حيث كان لي شرف المشاركة تحت إشرافه في موسوعة الجنسانية العربية والإسلامية قديما وحديثا بجزأيها حول الشعر قديما وحديثا، والحب والعشق في الرواية العربية مع ثلة من الباحثات والباحثين، والتي فتحت وعينا وإدراكنا على مواضيع غير مطروقة وشائكة في الثقافة والواقع العربي، وتعتبر سقطة أخلاقية وزللا ابداعيا من طرف بعض الأخلاقيين الذين لا يزالون يخندقون الناس بحسب ما تساورهم غرائزهم الأمارة بالسوء في خانات الخطيئة والضلال، بالرغم مما خاض فيه مشايخنا بكل حرية وتبصر ودراية، ووفرة ما انكتب حول هذا الشأن من طرف كبار الشعراء ومشاهير الكتاب العرب انطلاقا من الكتب السماوية، والحقب البعيدة، مرورا بشعر العصر الجاهلي ومختلف الثقافات الى يومنا الراهن والذي أحصيت فيه مئات النصوص الشعرية والمصنفات التراثية النادرة لكبار الفقهاء والشيوخ والأئمة المسلمين.
نحيي في هذا المقام، والمقام امانات، أستاذي البروفيسور محمد عبدالرحمن يونس، ونخص بالشكر الأستاذ عبدالكريم العامري على تخصيصه لعدد المنتصف من هذا الشهر لهذا الهرم الابداعي الشامخ.. راجيا لكما طول العمر والسعادة والهناء، ولمجلة بصرياثا الثقافية الأدبية الغراء كل الازدهار والنجاح...





1664457868477.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى