صابر العبسي - ملاك نيابوليس

الماء يغسل وجْهَهُ،أثْوابَه، أطرافه بمسامك
النخل يحني هامه أعذاقه لعبورك
الورْدُ يفْقدُ في البراري لوْنه، أنفاسه
ما إن يشمّ من البعيد عبيرك
البحر ملء البحر منتحبا
على قدميك ينسجُ موجَه
سجّادة لصلاتك
من أين أبدأ وصفك
وأنا جنوب يلتقي بشماله
مهجورة كل المنازل تستحيلُ مضاءةٌ بظلالك
فقّاعةُ الصّابون أثقلُ من حضورك بيننا
اللّوزُ نوّرَ منْ تنفّسك الشّهيّ
كما السّنونُو طارَ حوْلك
والنّجومُ مثارة بك أزْهرت فتبرّجتْ
من دفءِ صوْتك ينْضجُ اللّيمونُ قبْل أوانِه...
الزغرداتُ خُطاكِ منْ وسنٍ ومنْ حبقٍ لقلبي خفقه
وأنا جنوبٌ يلْتقي بشمَالهِ
الشمْسُ تشْرقُ منْ جبيني، منْ جبين الله
تشرق قبل موعدها لتنهب دفئها وجمالها
من مقلتيك البدْرُ ليْلةَ تمّه منْ سقمِه
لما رآك برى فضلّ مساره
ليصير من أسراك من شهدائك العشاق مبتهجا
حروفُ الجرّ في شفتيك أشْهى من نبيذِ الأرْضِ أشْهَى
وابْتسامتُك الوحيدةُ في يدِي رمّانةٌ
قشّرتُها فتطايرتْ حبّاتُها العَطشَى فراشات
تحلّقُ في فناء البيْتِ مُوسيقى
أطاردها فأمسك ذيلها القزحيّ تصْعقني
فتسقط أضلعي حولي ألملمها أسى
وأعود مبتلا بتوت شفاهك
وأنا جنوب يلتقي بشماله
ما لا يطاق ولا يطال القاربُ المترنّح السكرانُ
مشْيتك الوداعة ذاتها
ليس الغناء وظيفتي
لكنّه نفسي صفاتك لاَ تحدّ ولا تعدّ
من الجحود إذا عبرت ولم نهبك غزالة
أو لم نقف لك
للتحية
للشهادة في خضمّك كالجنود على الحدود
فمن تلفّتك القلاعُ على الجِبال تخرّ هامدةً
كمَا لوْ أنّها ورقٌ من البطّوم أو صورٌ من الألْبوم خلْفك
طيّرتها الرّيحُ تلك الريحُ مشْطك أمْ لهاثك؟
كالخيول على السّهول تخبّ في وهج الظهيرة
ثم تخبو فجأة،تتوقّفُ النّايات
في فمك الكناريّ الوضيء عن الغناء
وخشخشات القرط تهدأ
بيد أني لم أجدني،لمْ أجدْك
لم أجدْ إلاّ يدَ الذكْرى تلوّحُ لي
بمنديل يطرّزهُ الرحيل
فمن الجحود إذا عبرت
ولم نهبك غزالة
أو لم نقف لك للشهادة للتحية
في خضمّك كالجنود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى