كنت شبه ضائع، وسط تلك الساحة الحجرية المُشجّرة بالتماثيل العارية،وفي وسط الحوض تمثال طفل عارٍ مكتنز وأجعد الشعر تنبثق نافورة الماء من عورته،وأشاحت امرأة تركية ترتدي الحجاب بوجهها خجلاً،وهرع طفل إلى وسط الحوض متلمّساً عورة التمثال،وهرعت والدته وراءه ضاحكة ووقفت تحثه على الخروج بإشارة لحوحة من يدها،وهي واقفة على طرف الحوض،طاف الأطفال حول التماثبل في دوائر،واتخذتُ أنا مقعدي تحت شمس الضحى الرفيقة،بانتظار أن يحضر صديقي رفعت،حدّقت في التماثيل الرخامية البيضاء،وما يجري حولها من طقوس،واستعرضتُ في ذهني تاريخ كل الحضارات الإنسانية،اليونانية والرومانية وفلسفاتها وإبداعاتها وإرثها العسكري،ليعرج ذهني بعفوية على مهد حضارتنا العارية من كل ذلك الإرث،في وادٍ غير ذي زرع،في مكة المكرمة،وكان واضحاً أنها يد الله التي اختارت تلك البقعة الفضّاء الخالية من أي إرث فكري أو فلسفي أو ثقافي ،يمكن أن يتناطح بالرأس مع هذه الرسالة ااجديدة القادمة بفكر جديد ورؤبا جديدة للعالم،وقلت في نفسي لو كان الدين من عند محمد لوجدنا في رسالته أثراً أو عرقاً متسللاً من ذلك الإرث،بدل أن يقف معه على طرف التناقض المطلق.فإنكار الفكر الموروث جملة وتفصيلاً ،هو سلفاً خسارة لنصف المعركة،ولا يوجد مفكر يختار هذا الصدام ابتداءً، بل ينطلق منه ليعدّل عليه أو يخالفه إو يؤيده، كل ذلك وهو واقف على أرضيته لا العكس كما فعل محمد عليه السلام.
ووجدت صديقي رفعت ينتشلني من أفكاري بتربيتة رقيقة من راحة يده البسبطة،التي طالما صافحت يدي في لقاءاتنا المتكررة على جبل قاسيون،حيث كنا نطل على أمجاد معاوية أبن أبي سفيان،الذي يكفي ذكر اسمه الآن لتلاقي حتفك على يد الفاطميبن الجدد.
تهاوينا على كراسي المقهى بعد جولة طويلة طاف بي رفعت خلالها في المتاحف والفاتيكان وحتى معارض الصور،وهو يقود سيارته بلا حذرٍ في شوارع روما ويطلق زاموره بشكل متكرر كما كان يفعل في شوارع دمشق.
حديثٌ شجونٍ طويل استعرضنا فيه كل خيباتنا وآمالنا،وفتحنا كوى تطل على الماضي السعيد،كانت متعة افتقدتها منذ زمنٍ طويل أعادت إلى روحي شحنة الأمل التي فقدتها في تيار الأحداث المحبطة.
وأخيراً استأذن رفعت ليلتحق بعمله،وتركني وحيداً على موعدٍ مع الغد.
في الحقيقة فقد كنت بحاجة إلى تلك الفسحة لأُعيد تجميع ذاتي على ضوؤ ذلك اللقاء،وقررت العودة إلى الساحة الحجرية لأتخذ مقعدي وأشرع في تأمُّل العالم من خلال تلك النافذة المفتوحة على ملحمة التاريخ.
نزار حسبن راشد
ووجدت صديقي رفعت ينتشلني من أفكاري بتربيتة رقيقة من راحة يده البسبطة،التي طالما صافحت يدي في لقاءاتنا المتكررة على جبل قاسيون،حيث كنا نطل على أمجاد معاوية أبن أبي سفيان،الذي يكفي ذكر اسمه الآن لتلاقي حتفك على يد الفاطميبن الجدد.
تهاوينا على كراسي المقهى بعد جولة طويلة طاف بي رفعت خلالها في المتاحف والفاتيكان وحتى معارض الصور،وهو يقود سيارته بلا حذرٍ في شوارع روما ويطلق زاموره بشكل متكرر كما كان يفعل في شوارع دمشق.
حديثٌ شجونٍ طويل استعرضنا فيه كل خيباتنا وآمالنا،وفتحنا كوى تطل على الماضي السعيد،كانت متعة افتقدتها منذ زمنٍ طويل أعادت إلى روحي شحنة الأمل التي فقدتها في تيار الأحداث المحبطة.
وأخيراً استأذن رفعت ليلتحق بعمله،وتركني وحيداً على موعدٍ مع الغد.
في الحقيقة فقد كنت بحاجة إلى تلك الفسحة لأُعيد تجميع ذاتي على ضوؤ ذلك اللقاء،وقررت العودة إلى الساحة الحجرية لأتخذ مقعدي وأشرع في تأمُّل العالم من خلال تلك النافذة المفتوحة على ملحمة التاريخ.
نزار حسبن راشد