د. محمد العدوي - تاريخ المدائن الإسلامية.. 3 / الجزائر .. مدينة بلقين بن زيري

/ الجزائر .. مدينة بلقين بن زيري


في القرن العاشر الميلادي دارت رحى معارك طاحنة في منطقة المغرب الأوسط بين قبيلتين من البربر هما صنهاجة التي كانت موالية للفاطميين في إفريقية ضد قبيلة زناتة بزعامة بني برزال الموالين للأمويين في الأندلس ، وعندما تولى الخليفة المعز لدين الله الفاطمي قرر حسم هذا الصراع بشكل نهائي فكلف نائبه على المغرب الأمير زيري بن مناد الصنهاجي بالتقدم نحو تلمسان حيث حقق انتصارا كبيرا على الزناتيين ودفعهم باتجاه المغرب الأقصى ..
وفي عام 960 م. برزت الحاجة لوجود قاعدة عسكرية يمكنها السيطرة على بلاد المغرب جميعا فطلب الأمير زيري من ابنه الأمير أبي الفتوح سيف الدولة بلقين بن زيري أن يبحث عن موقع يصلح لهذه المهمة ، وعلى الفور انطلق بلقين من مقر إقامته في مدينة أشير وسار شمالا باتجاه الساحل حيث عثر على منطقة تتوسط البلاد كلها من القيروان شرقا إلى فاس غربا وذلك على تل عال بالقرب من أطلال مدينة إيكوزيوم (قسيمة) الفينيقية القديمة ..
وشرع بلقين في بناء مدينة جديدة عرفت باسم جزائر بني مزغنة وذلك بسبب جيرانها من قبيلة بني مزغنة الصنهاجية الذين نزلوا في المنطقة وحطوا رحالهم هناك وكذلك بسبب وجود أربع جزر صغيرة بالقرب من الساحل (أدمجت بعد ذلك في أرصفة الميناء) ، وعندما قرر الخليفة المعز الانتقال إلى القاهرة استخلف على بلاد المغرب كلها الأمير بلقين وأوصاه باستكمال التوسع فانتقل للإقامة بالقيروان لكن الجزائر ظلت مركز العمليات الحربية ..
وفي القرن التالي استقبلت المدينة عرب بني هلال ثم خضعت لحكم المرابطين حيث توسعت وازدهرت على يد يوسف بن تاشفين وبني فيها الجامع الكبير عام 1097 م. وتحولت إلى قاعدة للمغرب الأوسط في العصور التالية ، واكتسبت المدينة أهميتها بعد وصول هجرات الأندلسيين حيث كان عليها عبء مواجهة غارات الأسبان مما استدعى تدخل العثمانيين بواسطة خير الدين بارباروسا حيث أعلنت الجزائر عاصمة رسمية للإيالة الجديدة عام 1518 م.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى