عبدالعزيز آل زايد - إلى صديقي المتلصص

إلى أولئك الأصدقاء الأعزاء الذين يطلون بعيونهم من مكان خفي، يسرقون السطور وهم صامتين، ثم ينصرفون دون أن تتحرك منهم الأنامل بحرف، أو تنبس منهم الشفاه بكلمة، صديق المتسلل إلى مسرح كلماتي، أهلًا بك صديقًا يفصلني عنك جدار صمت، ويحجزنا عن بعض قضبان سكوت، هل فكرت يومًا يا صديقي أن يكون لك كتابًا باسمك؟، أو تحفة قيمة لا مثيل لها سكبت من أطراف أناملك؟، صديقي الكريم، لماذا لا تطرق باب الخلود وتقتحم؟، أخاطبك أيها الصديق المتسلل قبل أن تشرد عن هنا، فكر قبل الانصراف، لك قلب ينبض بالحياة، ألا تؤمن أنّ في جعبتك جوهرة نفيسة تستحق أن توضع في الحياة قبل أن تغادر؟، حديثي عن من لم يكتب كتابًا واحدًا بعد، أو كتب ولم يخرج للنور، أو خرج للنور، لكنه يؤمن أن في جعبته كتاب آخر مختلف، كتاب يستحق منه التقدير، ولنقل: أنه الكتاب النفيس الذي يستحق أن يخلده، هناك مقدمة ابن خلدون، هناك ديوان المتنبي، هناك كتب خلدت أصحابها، فمتى يحين دورك لتبصم بصمة الخالدين بحق؟، قادني لهذه الحروف كتاب يشير فيه صاحبه لأهمية وجود الإخوان والأعوان، اسم الكتاب "رياض العلوم"، يتحدث الكاتب فيه عن كتابه الرائع وكيف أمسى رائعًا؟، الخلاصة أنه عقد جلسة نقاش لكتابه قبل أن يخرج للنور، فكان تحفة قيمة، فهل أقول لك شيئًا صديقي المتلصص قبل أن تنصرف: لماذا لا نفصح عما في خلجاتنا؟، ربما وجدنا للبذار أرضًا طيبة فتنموا بها الفسائل وفراخها، صديقي المتلصص لماذا تتلصص ثم تمرق كما تمرق الرمية؟، التلصص لن يرضي تطلعك، ولن تبلغ ما تصبو له، هناك صديق تلصص ثم كشف عن قناعه ونال بعض مبتغاه، أعجبنى عنوان على صدر غلاف، يحمل اسم: "إسأل تُعط": تعلم كيف تظهر رغبتك؟. كلنا نمتلك رغبات؟، وليس كلها تتحقق؟، فكيف تتحقق رغباتك أيها المتلصص الكتوم؟، تخذنا العزة فلا نكشف رغباتنا، فهل سننصاع لأفكار صاحب الكتاب "إستر وجيري هيكس"، الذي غلاف كتابه بغلاف أنيق مزين بالعنوان الباهر: "إسأل تُعط"، ربما أعجبك العنوان أنت أيضًا صديقي المتلصص، ولا غرو في ذلك فلقد حقق هذا الكتاب رقمًا عاليًا في المبيعات خلال أسابيع قليلة من صدوره في الولايات المتحدة الأمريكية، لن أقنعك بشيء أيها المتلصص، فقط ما أريد قوله: أحبس رغبتك خلف قضبان قفصك الصدري فلن تغير بهذا المحبس أي شيء ولن تحقق بذلك أي نتيجة تذكر، ولكن ربّ شقشقة هدرت من فمك أو أناملك ستحدث أثرًا لرغبتك ولو بعد حين، (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ)، ولا تكتم ما في صدرك، فلربّ كلمة جرّت لك مفاتيح أبواب مغلقة، الآن بإمكانك الإنصراف راشدًا أيها المتلصص، فلقد انتهى الكلام وتوقف المداد وجفّت الصحف!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى