الحمارُ الذي وصفتُه بالغباءِ ظَهرَ أذكى مما أتوقع ، كنتُ فتىً شقيًّا تجاوزَ مزاحي الثقيلُ أبناءَ الحيِّ لأمزحَ مع حمارِنا الوحيد ، والوحيدُ الذي كان يُوثقُ فيه هو أنا من أجلِ امتطاءِ هذا الغبيِّ لأجلبَ عليه احتياجاتنا ، ذاتَ يومٍ وأنا صاحبُ مزاجٍ عندما أمتطي صهوتَه قلتُ لنفسي : اركبْ بطريقةٍ جديدةٍ ليضحكَ عليكَ وعليه الذين يشاهدونكما ، الحمارُ هادئٌ معي في كلِّ وقتٍ ويعرفُ طريقَه جيدًا من كثرةِ ترددي على الأماكنِ وأنا على ظهره ، هذه المرةُ وضعتُ وجهي باتجاهِ ذيلِه وجعلتُ وجهَه باتجاه وُجْهَتِه ، وكأني به قد فرحَ بهذه الخطوةِ الغريبةِ مني ، الحشراتُ الصغيرةُ التي كانت تتجمعُ حولَ ذيلِه تركتْ مؤخرتَه وانطلقتْ نحوي، استغربتُ من ذيلِه الذي كان يُحركُه دائمًا لفضِّها وقد سكنَ ولم يعد يتحرك ، قلتُ لنفسي خُذْ جزاءَك ياشقيُّ مِنَ الآن ، هاهيَ الحشراتُ تركتْ ذيلَ الحمارِ وتجمعتْ حولَ أنفك ، لم يصلِ الأمرُ لهذا الحد ، الحمارُ لم ينقطعْ صوتُه عن النهيق، اكتشفتُ أنَّ هذا الغبيَّ يعشقُ أتانًا أخرى ظلَّ يقابلُها في كلِّ مرةٍ ورأسي يتجهُ مع رأسِه ويخشى أن يُصرِّحَ بميلِه وعيناي تراقبُ عينيه ، استغلَّ وجهي المقلوبَ نحوَ مؤخرتِه ففعلَ كلَّ شيءٍ في غفلتي، لم يكتفِ بهذا وتناسى العلفَ الأخضرَ الذي كنتُ أُطعمُه إياه، أخذَ نَفَسًا عميقًا ووثبَ وثبةً خبيثةً لما اقتربَ من أتَانِه وألقى بي فانكسرَ ظهري وأنا على عكسِ اتجاهِه، أطلقَ عدةَ أصواتٍ من فمِه ومؤخرتِه وهو مزهوٌّ ، تركني على الأرضِ وذهبَ يلهو في العراء ، بعضُ أبناءِ الحيِّ جاءوا إليَّ وحملوني وهم يضحكون، نصحوني بأن أبتاعَ حمارًا لايلقي بي أرضًاإذا ركبتُ على ظهرِه ووجهي عكسَ اتجاهِ وجهه.