فتحتُ عيني ّ بصعوبة، وأنا أسعل بقوة، ويدي كأفعى تضغط على عنقي وتلتف حولها.
لا اتذكر سوى أنني وجدتها تقف أمام المرآة وتعيد زجاجة عطري الى مكانها، قبل أن تغادر غرفتي تاركة الشذا وراءها يشاكس أنفي، ويروض أعصابي او يستفزها.. هرعتُ أضع منه، كانت الزجاجة فارغة. وجدتها تعود الى الغرفة، وتقف ورائي راسمة على سطح المرآة ابتسامة ساخرة، نظرتُ الى أصابعي، تتحول الى أفاع ٍ صغيرة مخيفة في لحظات الانقضاض. خلّف تصادم الزجاجة بالمرآة ريحاً عاتية من شرائط نجمية مضيئة عارمة شرسة مختلفة الأحجام والأشكال تائهة المسار قبل أن تتناثر بين أرجاء الغرفة على أصداء نحيب وضحكات.
في الشارع، ألقيتٌ بنفسي في جوف السيارة المكتظة بالركاب كعادتي كل صباح، استمع الى نشرات الأخبار من أفواه الركاب، ومن النافذة الصغيرة التي وضعت رأسي المتعب عليها رأيتها تنظر اليّ مبتسمة من سيارتها الفارهة. لاشك أنها تشعر بالنشوة باستماعها الى أغان ٍ رقيقة ليست كالأغاني التي تصدع رأسي كل يوم في الطريق، وتستفز أفاعي يدي النائمة .لم تدعني مرة لأركب معها واتنعم بالهواء المبرد في سيارتها رأفة بي من إزعاجات الطريق الخانق.
في مصعد المؤسسة التي أعمل فيها شممتُ العطر. زاد عبوسي وأنا أنظر الى فستانها الأنيق وشعرها الجميل ووجهها النضر، وأشيح بعيني الى ردائي العادي واتحسس وجهي المتعب وشعري المرفوع والمسحوب للوراء بلاترتيب. حاولت الأفاعي أن تنقض على أذيال فستانها وهي تخرج من المصعد قبلي، لكن الباب وهو ينغلق قبل أن أخرج، صفع الأفاعي بقوة، مسببا لي ألماّ شديداً.
راقبتها بإهتمام، كعادتي، وهي تحيل القسم الذي نعمل فيه الى خلية ضاجة بالحياة، تحكي وتصمت ، تترنم وتمزح، تروح وتجيء تاركة شيئاً من شذا العطر هنا وهناك، بينما أنكب على إنجاز الملفات المتراكمة على مكتبي بملل، مراقبة الأفاعي تلدغ أوراق تلك الملفات، وتحاول نهشها.
لم يكن هو العمل الذي رغبتُ به بعد تخرجي في الجامعة لاسيما إنه بعيد عن اختصاصي العلمي، لهذا لم اتآلف معه، وتعاملت معه بروتينية قاتلة، بينما هي لم تجد مانعاً من الانسجام معه على الرغم من أنها تحمل اختصاصي الأكاديمي نفسه، سخرت مني مرة قائلة لي.. عن أي اختصاص تتحدثين؟! إننا أوفر حظاً ممن لايجد وظيفة في هذه الأيام. واقعيتها واندفاعها وانسجامها أهّلها لتحظى بمكانة مهمة في العمل، لاسيما وهي تتصرف بثقة، ولها حضور وأفكار بنّاءة في اجتماعات المؤسسة، كانت تجلس في الصف الاول من قاعة الاجتماعات واضعة ساقاً على ساق، بينما أجلس في الزاوية القريبة من الباب حتى اتمكن من التسرب بمجرد شعوري بالملل.
شعرتُ بأنّ جميع من حولنا يحبها، فهي لطيفة التعامل مع الآخرين إلاّ معي. لم يعنني أن أحبها الآخرون أم لا.. ماهمني سوى قلب واحد. كان في القسم زميل وسيم وجذاب يعجبني منذ وقت طويل، لم أعرف كيف ألفت نظره من غير أن أمس كرامتي وحيائي بشيء.
أخذت الأفاعي تستطيل لتصل اليها، حين لاحظتُ أنها تقترب منه بلاتردد، وتكلمه بما لم أسمعه. لأجدهما بعد لحظات يضحكان بصوت عال ٍ وبلاحياء. أغاظني أكثر حين وجدته يستنشق شذاها. وفي طريقها من مكتبه الى مكتبها مارة بمكتبي غمزت لي ضاحكة بينما أصاب الأفاعي بما يشبه الخدر!
يالها من وقحة قليلة الحياء، كيف لصنف النساء هذا أن يضعن الرجال في جيوبهن، مع أول ابتسامة، وأول كلمة ينطقن بها أمامهم؟!
أظن أن لامانًع لديها من أن تتقدم لخطبته وتدفع له مهراً، حتى ترضي غرور قدرتها على السيطرة والتحكم، وتثبت لأمثالي اليائسات من أي الإناث هي؟
أنتِ قديمة الطراز حتى في لفت انتباه الرجال.. سأريك كيف أضعه في جيبي بلمح البصر..همست لي قبل يومين، حين وجدتني اختلس النظر الى زميلي بنظرات حب بدائية ساذجة بنظرها. قد حققت مرادها اليوم، وأذلتني.
في البيت، لم اتناول طعامي بعد عودتي. تسمرتُ أمام المائدة، يقتاتني عبوسي وإحباطي، بينما جلست ـ هي ـ قبالتي تأكل أحلامي بمرح وشهية.
تناثر صحنها الى أشلاء صغيرة على الأرض بعد نوبة غضب انتابتني دافعة أفاعيي الى القيام بدورها. زاحمت صدى التشظي قهقهتُها، فكانت خيبتي كبيرة، وأنا أدرك أنّ تحطيمي الصحن حصل بعد أن فرغتْ هي من تناول وجبتها.
لم أطق استفزازاتها.. فوزها الدائم عليّ.. نيلها ماتريد ـ حتى رضا أمي المتسلطة التي تضطهدني دوماُ ـ .. فعلها ماتشاء.. لفتها الأنظار.. ارتداءها مايظهرها فاتنة.. أنوثتها.. رشاقتها.. جموحها.. رعونتها.. ضحكاتها وقتما تشاء وأينما تريد.. تمردها على التقاليد الخانقة.. قدرتها الإقناعية ـ حتى أمام أبي الذي أقنعته بعدم تزويجها بمن لاترغب، بينما فشلتُ أنا في أقناعه بأن يعود عن قراره الجائر بتزويجي بمن لاأريد ـ وربما هذا منحها مشروعية سرقة حبيبي مني، وإن كان مثلها لاتعنيه المشروعية، فهي لاتأبه إلاّ باستفزازي، لهذا تتعمد الظهور أمامي دائماً لتوصل لي رسالة من رسائلها المتخمة بالغرور والخبث.. كما حدث اليوم عند انتهاء الدوام الوظيفي، سحبتُ قدميّ الى السلم نازلة، ولم أدرِ متى لحقت بي سائرة الى جانب حبيبي، تتبادل معه الضحكات عند نزولهما، من غير أن تنسى الالتفات اليّ بابتسامة، خلتها لئيمة، لاسيما وهي تتغنج بعطري.
مايدهشني حقاً فيها، كما يستفزني، أنها لم تدع أفاعيها تواجه أفاعيي الحانقة، ولم تبادل نوبات سخطي بردود فعل عصبية. كانت المثال النموذجي لدحض القانون الفيزيائي بأنّ لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة، معاكس له في الإتجاه. أفاعيها كانت تتمايل راقصة على إيقاع ناي هندي كامن في نفسها، تخرجه متى تشاء.
إنها تعيش معي منذ أعوام في الغرفة نفسها، تستخدم أشيائي، تنام على سريري نفسه، يزاحم وجهها المبتهج وجهي التعس على الوسادة، حتى حين أفزع من نومي أحياناً أجدها نائمة وعلى شفتيها ابتسامة، تغط في حلم جميل، كما يبدو لي. ولاأعرف لماذا، وفي كل نوبة فزع، تتراجع أفاعيي وتنكمش بعد استطالتها ووصولها الى العنق المغري للدغ؟!
كثيراً ما أجدها ترقص وتتقافز كالأطفال على السرير مبتهجة، فأطلب منها الكف عن الضجيج، لحاجتي الى الراحة والهدوء، لكنها تعاكسني، وهو ماتفعله في أي مناسبة، كما فعلت في المطبخ ظهيرة اليوم عندما تحدثتْ مع حبيبي بهاتفها النقال متعمدة أن يكون صوتها مسموعاً، بينما كانت الحنفية تدلق لي لسانها المائي في زحمة استيائي من عملية غسل الصحون بشكل يومي كما هي الأعمال الروتينية المستمرة التي تسرقني من زمني وتسرق زمني مني. بل مازاد من استيائي رؤيتي شظايا الصحن المكسور في الحوض.
تذكرتُ كل تلك التفاصيل التي عشتها أمس وقبله وقبله، كإنها جميعاً يوم واحد مستنسخ عما سبقه، في الحافلة، وعند باب المصعد المشاغب، ومكتبي الممل، والسلم القديم، والصحن المكسور، ولسان الحنفية المندلق، والسرير المؤرق.. وأنا أوحي لأفاعيي أن تستطيل..
فقد كرهتُ هذه الفتاة الجامحة المزعجة، ما جعلني، صباح اليوم، حين شممت شذاي عبر مرورها بي، أرمي زجاجة العطر على المرآة، ليتشظى وجهها، فتصاعد مع التشظي صدى نحيبي.
لكنني أحببتُ هذه الفتاة الرائعة المستفزة، ما جعلني أرمي الزجاجة نفسها على المرآة، ليتشظى وجهي، فتصاعد مع التشظي أصداء ضحكاتها التي أصابتني بالدوار والغضب معاً, هرعتُ لأخنقها بيدي من غير أن أدع ضميري او مخاوفي تمنعني كما تتمكن مني كل مرة احاول فيها.. جحظت عيناها، واندلق لسانها الفظ من فمها.. وكنتُ أسعل بشدة، وأنا اتلوى على شظايا الزجاج المبعثر على أرضية الغرفة وحيدة..
لا اتذكر سوى أنني وجدتها تقف أمام المرآة وتعيد زجاجة عطري الى مكانها، قبل أن تغادر غرفتي تاركة الشذا وراءها يشاكس أنفي، ويروض أعصابي او يستفزها.. هرعتُ أضع منه، كانت الزجاجة فارغة. وجدتها تعود الى الغرفة، وتقف ورائي راسمة على سطح المرآة ابتسامة ساخرة، نظرتُ الى أصابعي، تتحول الى أفاع ٍ صغيرة مخيفة في لحظات الانقضاض. خلّف تصادم الزجاجة بالمرآة ريحاً عاتية من شرائط نجمية مضيئة عارمة شرسة مختلفة الأحجام والأشكال تائهة المسار قبل أن تتناثر بين أرجاء الغرفة على أصداء نحيب وضحكات.
في الشارع، ألقيتٌ بنفسي في جوف السيارة المكتظة بالركاب كعادتي كل صباح، استمع الى نشرات الأخبار من أفواه الركاب، ومن النافذة الصغيرة التي وضعت رأسي المتعب عليها رأيتها تنظر اليّ مبتسمة من سيارتها الفارهة. لاشك أنها تشعر بالنشوة باستماعها الى أغان ٍ رقيقة ليست كالأغاني التي تصدع رأسي كل يوم في الطريق، وتستفز أفاعي يدي النائمة .لم تدعني مرة لأركب معها واتنعم بالهواء المبرد في سيارتها رأفة بي من إزعاجات الطريق الخانق.
في مصعد المؤسسة التي أعمل فيها شممتُ العطر. زاد عبوسي وأنا أنظر الى فستانها الأنيق وشعرها الجميل ووجهها النضر، وأشيح بعيني الى ردائي العادي واتحسس وجهي المتعب وشعري المرفوع والمسحوب للوراء بلاترتيب. حاولت الأفاعي أن تنقض على أذيال فستانها وهي تخرج من المصعد قبلي، لكن الباب وهو ينغلق قبل أن أخرج، صفع الأفاعي بقوة، مسببا لي ألماّ شديداً.
راقبتها بإهتمام، كعادتي، وهي تحيل القسم الذي نعمل فيه الى خلية ضاجة بالحياة، تحكي وتصمت ، تترنم وتمزح، تروح وتجيء تاركة شيئاً من شذا العطر هنا وهناك، بينما أنكب على إنجاز الملفات المتراكمة على مكتبي بملل، مراقبة الأفاعي تلدغ أوراق تلك الملفات، وتحاول نهشها.
لم يكن هو العمل الذي رغبتُ به بعد تخرجي في الجامعة لاسيما إنه بعيد عن اختصاصي العلمي، لهذا لم اتآلف معه، وتعاملت معه بروتينية قاتلة، بينما هي لم تجد مانعاً من الانسجام معه على الرغم من أنها تحمل اختصاصي الأكاديمي نفسه، سخرت مني مرة قائلة لي.. عن أي اختصاص تتحدثين؟! إننا أوفر حظاً ممن لايجد وظيفة في هذه الأيام. واقعيتها واندفاعها وانسجامها أهّلها لتحظى بمكانة مهمة في العمل، لاسيما وهي تتصرف بثقة، ولها حضور وأفكار بنّاءة في اجتماعات المؤسسة، كانت تجلس في الصف الاول من قاعة الاجتماعات واضعة ساقاً على ساق، بينما أجلس في الزاوية القريبة من الباب حتى اتمكن من التسرب بمجرد شعوري بالملل.
شعرتُ بأنّ جميع من حولنا يحبها، فهي لطيفة التعامل مع الآخرين إلاّ معي. لم يعنني أن أحبها الآخرون أم لا.. ماهمني سوى قلب واحد. كان في القسم زميل وسيم وجذاب يعجبني منذ وقت طويل، لم أعرف كيف ألفت نظره من غير أن أمس كرامتي وحيائي بشيء.
أخذت الأفاعي تستطيل لتصل اليها، حين لاحظتُ أنها تقترب منه بلاتردد، وتكلمه بما لم أسمعه. لأجدهما بعد لحظات يضحكان بصوت عال ٍ وبلاحياء. أغاظني أكثر حين وجدته يستنشق شذاها. وفي طريقها من مكتبه الى مكتبها مارة بمكتبي غمزت لي ضاحكة بينما أصاب الأفاعي بما يشبه الخدر!
يالها من وقحة قليلة الحياء، كيف لصنف النساء هذا أن يضعن الرجال في جيوبهن، مع أول ابتسامة، وأول كلمة ينطقن بها أمامهم؟!
أظن أن لامانًع لديها من أن تتقدم لخطبته وتدفع له مهراً، حتى ترضي غرور قدرتها على السيطرة والتحكم، وتثبت لأمثالي اليائسات من أي الإناث هي؟
أنتِ قديمة الطراز حتى في لفت انتباه الرجال.. سأريك كيف أضعه في جيبي بلمح البصر..همست لي قبل يومين، حين وجدتني اختلس النظر الى زميلي بنظرات حب بدائية ساذجة بنظرها. قد حققت مرادها اليوم، وأذلتني.
في البيت، لم اتناول طعامي بعد عودتي. تسمرتُ أمام المائدة، يقتاتني عبوسي وإحباطي، بينما جلست ـ هي ـ قبالتي تأكل أحلامي بمرح وشهية.
تناثر صحنها الى أشلاء صغيرة على الأرض بعد نوبة غضب انتابتني دافعة أفاعيي الى القيام بدورها. زاحمت صدى التشظي قهقهتُها، فكانت خيبتي كبيرة، وأنا أدرك أنّ تحطيمي الصحن حصل بعد أن فرغتْ هي من تناول وجبتها.
لم أطق استفزازاتها.. فوزها الدائم عليّ.. نيلها ماتريد ـ حتى رضا أمي المتسلطة التي تضطهدني دوماُ ـ .. فعلها ماتشاء.. لفتها الأنظار.. ارتداءها مايظهرها فاتنة.. أنوثتها.. رشاقتها.. جموحها.. رعونتها.. ضحكاتها وقتما تشاء وأينما تريد.. تمردها على التقاليد الخانقة.. قدرتها الإقناعية ـ حتى أمام أبي الذي أقنعته بعدم تزويجها بمن لاترغب، بينما فشلتُ أنا في أقناعه بأن يعود عن قراره الجائر بتزويجي بمن لاأريد ـ وربما هذا منحها مشروعية سرقة حبيبي مني، وإن كان مثلها لاتعنيه المشروعية، فهي لاتأبه إلاّ باستفزازي، لهذا تتعمد الظهور أمامي دائماً لتوصل لي رسالة من رسائلها المتخمة بالغرور والخبث.. كما حدث اليوم عند انتهاء الدوام الوظيفي، سحبتُ قدميّ الى السلم نازلة، ولم أدرِ متى لحقت بي سائرة الى جانب حبيبي، تتبادل معه الضحكات عند نزولهما، من غير أن تنسى الالتفات اليّ بابتسامة، خلتها لئيمة، لاسيما وهي تتغنج بعطري.
مايدهشني حقاً فيها، كما يستفزني، أنها لم تدع أفاعيها تواجه أفاعيي الحانقة، ولم تبادل نوبات سخطي بردود فعل عصبية. كانت المثال النموذجي لدحض القانون الفيزيائي بأنّ لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة، معاكس له في الإتجاه. أفاعيها كانت تتمايل راقصة على إيقاع ناي هندي كامن في نفسها، تخرجه متى تشاء.
إنها تعيش معي منذ أعوام في الغرفة نفسها، تستخدم أشيائي، تنام على سريري نفسه، يزاحم وجهها المبتهج وجهي التعس على الوسادة، حتى حين أفزع من نومي أحياناً أجدها نائمة وعلى شفتيها ابتسامة، تغط في حلم جميل، كما يبدو لي. ولاأعرف لماذا، وفي كل نوبة فزع، تتراجع أفاعيي وتنكمش بعد استطالتها ووصولها الى العنق المغري للدغ؟!
كثيراً ما أجدها ترقص وتتقافز كالأطفال على السرير مبتهجة، فأطلب منها الكف عن الضجيج، لحاجتي الى الراحة والهدوء، لكنها تعاكسني، وهو ماتفعله في أي مناسبة، كما فعلت في المطبخ ظهيرة اليوم عندما تحدثتْ مع حبيبي بهاتفها النقال متعمدة أن يكون صوتها مسموعاً، بينما كانت الحنفية تدلق لي لسانها المائي في زحمة استيائي من عملية غسل الصحون بشكل يومي كما هي الأعمال الروتينية المستمرة التي تسرقني من زمني وتسرق زمني مني. بل مازاد من استيائي رؤيتي شظايا الصحن المكسور في الحوض.
تذكرتُ كل تلك التفاصيل التي عشتها أمس وقبله وقبله، كإنها جميعاً يوم واحد مستنسخ عما سبقه، في الحافلة، وعند باب المصعد المشاغب، ومكتبي الممل، والسلم القديم، والصحن المكسور، ولسان الحنفية المندلق، والسرير المؤرق.. وأنا أوحي لأفاعيي أن تستطيل..
فقد كرهتُ هذه الفتاة الجامحة المزعجة، ما جعلني، صباح اليوم، حين شممت شذاي عبر مرورها بي، أرمي زجاجة العطر على المرآة، ليتشظى وجهها، فتصاعد مع التشظي صدى نحيبي.
لكنني أحببتُ هذه الفتاة الرائعة المستفزة، ما جعلني أرمي الزجاجة نفسها على المرآة، ليتشظى وجهي، فتصاعد مع التشظي أصداء ضحكاتها التي أصابتني بالدوار والغضب معاً, هرعتُ لأخنقها بيدي من غير أن أدع ضميري او مخاوفي تمنعني كما تتمكن مني كل مرة احاول فيها.. جحظت عيناها، واندلق لسانها الفظ من فمها.. وكنتُ أسعل بشدة، وأنا اتلوى على شظايا الزجاج المبعثر على أرضية الغرفة وحيدة..