محمد مزيد - فتاة الغيمة

تسير الفتاة الجميلة " أحلام " وسط الازدحام البشري، وهي تريد أن تعبر الى الجهة الأخرى من الشارع، وجهها أبيض دائري، ذات عينين عسليتين وشعر اسود طويل، يصل الى ردفيها ، ثغرها لا يفتر عن الابتسام، تسير بخطوات واثقة، لاحظ الناس، أن غيمة بيضاء تحلق فوق رأسها، كل من رآها، ابهرته، أرتجف قلبه لمرآها، ثم توقف عن السير، لينظر اليها والى الغيمة فوقها، ما يرونه حدث رهيب لا يصدقه العقل، كيف يمكن لغيمة، أن ترافق فتاة جميلة ترتدي ثوبا سمائيا يكشف عن فخذيها بقليل وجمال ساقيها؟
الفتاة في العشرين من العمر، جسدها ممشوق بأرداف تثير شهية الرجال، عبرت الى الجهة الأخرى من الشارع، والغيمة مازالت تحلق فوقها، احتار الشباب في امرهم، هل ينظرون الى الغيمة ام الى الجسد الجميل الممتلئ؟ فأن نظروا الى الغيمة، يفوتهم مشي الفتاة بخطواتها الواثقة الراقصة، وأن نظروا الى جسدها، وهو يتراقص بموسيقاه، تفوتهم تحولات الغيمة وما تتشكل من صور فوق رأسها .
في الجهة الأخرى، كانت ثمة مقاه عديدة على رصيف الشارع، يجلس فيها رجال من كبار السن، بعضهم وقف، وهو ينظر اليها مندهشا مذعورا، والبعض الاخر ترك مقعده، ترك شايه او ناركيلته، واخذ يمشي خلفها، شغفا بالجسد الذي يتراقص أمامه، اثناء مشيتها بتلك الارداف العجيبة المثيرة، ينظرون ثوان الى الغيمة، ثم يمضون كل الوقت يبحلقون الى جمال الانحناءات في الجسد الجميل.
تضاربت الآراء والنقاشات بين الرجال الشبان وكبار السن، حول غيمة الفتاة وجسدها، لا يعرفون من أين هي مقبلة، والى اين هي ذاهبة! بدأت الغيمة ترسم حروفا عجيبة فوق شعر الفتاة المتطاير الذي يصل الى بداية الردفين، حروف باللغة العربية، مرة تقول: لا تتعبوا أنفسكم ومرة تقول لهم : انا حرة وشريفة، ومرة ثالثة تقول هذه الحروف: ابتعدوا عني انا عفيفة.
توقفت حركة سير المشاة في كلا الجهتين، توقفت حركة سير السيارات الصغيرة والكبيرة، ثمة حدث كبير يحصل في هذه المدينة، لم يحدث من قبل ولن يحدث من بعد.
مازالت فتاة الغيمة تسير، والجموع خلفها يمشون، وهم يبحقلون الى الجسد المترع الراقص بمشيتها مرة، والى الغيمة التي تتحول الى حروف تخبرهم بأشياء غريبة عجيبة مرة اخرى.
ولما وصلت الفتاة الى نهاية المدينة، توقفت في مكانها ، من دون أن تنظر الى حشد الرجال، الذين وقفوا هم أيضا، فاغرين افواههم، ينظرون اليها بشغف وشهية، في تلك الاثناء، كتبت الغيمة فوق رأسها عبارة " اريد زوجا يضمني اليه الى الابد "..
كل رجال المدينة من شبابها وشيوخها صاحوا " أنا ".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى