حسين حمودة - عن السرقات الأدبية:

"السرقات الأدبية" موضوع كبير، يمثل قضية متجددة، طرحت ولا تزال تطرح خلال عصور متعددة. في التراث الأدبي والنقدي العربي القديم كان هناك اهتمام كبير بأبعاد هذا الموضوع، وكانت هناك محاولات نقدية متعددة للتمييز بين ما يمثل سرقة أدبية وما ليس كذلك، وما يرتبط عموما بأخذ اللاحق عن السابق، وصيغت مصطلحات كثيرة بهذا الشأن: الإغارة، والاجتلاب، والسلخ، والنسخ، والتضمين.. إلخ.. وفي العصر الحديث صدرت مؤلفات كثيرة أيضا حول هذا الموضوع.
طبعا يجب التمييز بين السرقة الأدبية، من ناحية، وظواهر أخرى مثل "التضمين"، و"التناص" و"الاستلهام" وما إلى ذلك من عمليات يتم خلالها الإفصاح، بطريقة ما، عن العلاقة بالأعمال السابقة، من ناحية أخرى.. السرقة تنطوي، في جوهرها، على نوع من السطو على جهود إبداعية أسبق، مع محاولة إخفاء هذا السطو، وليس على التحاور الإبداعي مع هذه الأعمال والإضافة إليها.. وما يميز السرقة الأدبية عن الأعمال التي تتحاور مع إبداعات أسبق أن التمييز يظل واضحا، في هذه الأعمال، بين ما ينتمي إلى مؤلفيها وما ينتمي إلى تلك الإبداعات الأخرى، كما تظل هناك قيمة إبداعية يضيفها كل عمل جديد، خلال معالجة خاصة بصاحبه، للإبداع السابق.. وبهذا المعنى يمكن أن تتعدد الأعمال الإبداعية حول "تيمة" أو فكرة واحدة، ولكن يتم تناول هذه التيمة أو الفكرة خلال معالجة تتجدد مع كل عمل إبداعي (مثلا أسطورة بيجماليون الحاضرة في عدد كبير من الأعمال الأدبية والمسرحية والسينمائية).
السرقات الأدبية، في النهاية، هي نوع من السطو، وهي مبغوضة مثلها مثل كل سطو قوامه الاستيلاء على ما لا يجب الاستيلاء عليه.



بجريدة "الأخبار"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى